فبراير اقترب ولا قيود انتخابية لغياب «المفوضية العليا»
شرط تعيين القضاة لا ندبهم تسبَّب في عزوفهم عن المشاركة في عضويتها
• «التمييز» حبست عضواً في «البلدي» فبأي قانون ستجرى «التكميلية»؟
• الفيلي لـ «الجريدة•»: قانون «العليا للانتخابات» النافذ بعد نشره... معطل إلى الآن!
أين القيد الانتخابي؟ سؤال يتزايد طرحه مع اقتراب الأول من فبراير من كل عام، وهو الموعد المقرر لفتح باب القيد، حسب قانون الانتخاب 35 لسنة 1962، غير أن فبراير المقبل لن يكون كسابقيه، إذ لن يشهد قيداً لإلغاء القانون المشار إليه بصدور المفوضية العليا للانتخابات، والتي نقل إليها الإشراف على القيد وما يتصل بالعملية الانتخابية.
ولأن قانون المفوضية، التابعة لوزارة العدل، لم يدخل حيّز التنفيذ الفعلي، لعدم وجود مجلس للمفوضية يعتمد إقرار اللائحة التنفيذية للقانون، فسيكون الناخبون على قائمة الانتظار إلى حين صدور اللائحة، ليصار بعد نشرها وتعيين أعضاء المفوضية إلى فتح باب القيد الانتخابي.
وعن أسباب عدم تعيين أعضاء المفوضية إلى الآن رغم نشر القانون، تقول مصادر قضائية رفيعة المستوى، لـ «الجريدة»، إن هناك عزوفاً قضائياً كبيراً عن قبول منصب العضوية، لأن القانون يتطلب تعيين العضو من مستشاري القضاء، دون ندبه، وهو ما يعني أن التعيين سيترتب عليه استقالة المستشار فوراً من القضاء، ما يتسبب في خسارة المستشارين لمناصبهم لمدة 4 سنوات، تجدد لمرة واحدة، وهو أمر لا يريده القضاة، الذين كانوا يتوقعون نص القانون على ندبهم للمفوضية 4 سنوات إلى جانب عملهم في القضاء.
وتضيف المصادر أن مجلس القضاء غير ملزم بمطالبة القضاة بالتعيين، لأن القانون لا ينص على الندب حتى يأتي دور المجلس ليتولى أمر ترشيحهم والموافقة على ندبهم، مؤكدة ضرورة تعديل مجلس الأمة للقانون بالسرعة الممكنة ليتوافق مع متطلبات العملية الانتخابية القريبة جداً، بأن ينص على ندب المستشارين، بدلاً من تعيينهم.
وتوضح أن هناك حدثين قريبين يتطلبان التوقف عندهما، والتعامل سريعاً بشأنهما، أولهما، صدور حكم محكمة التمييز في قضية رشوة البلدية بحبس عضو حالي في المجلس البلدي 10 سنوات، وهو ما يعني إعلان شغر عضويته والدعوة لانتخابات تكميلية للمجلس في فبراير، متسائلة: وفق أي قانون ستجرى الانتخابات طالما أن المفوضية لم تصدر؟ ومن الناخبون الذين سيتم التعامل معهم؟ وما الجهة التي ستعد أوراق الانتخاب، لاسيما أن القانون ألغى إشراف وزارة الداخلية على العملية وعهد به إلى المفوضية؟
وتشير إلى أن الحدث الثاني يتمثل في غياب القيد الانتخابي هذا العام عن موعده المعتاد في شهر فبراير، فضلاً عن صعوبة التعامل مع الوضع القانوني والدستوري في حال صدور قرار بحل مجلس الأمة، مما يستدعي الدعوة للانتخابات، وهي فرضية قد تتحقق، لذلك فإن أحكام القانون الحالية لا تغطي تلك المعالجات.
وفي السياق، قال الخبير الدستوري، أستاذ القانون العام د. محمد الفيلي، لـ «الجريدة»، إنه وفق قانون المفوضية، المتضمن تغييراً في آليات إدارة العملية الانتخابية، هناك ملاحظتان، الأولى أن القانون القديم يأخذ بحولية إنشاء الجداول الانتخابية بفتح باب القيد بها في الشهر الثاني من كل عام، ثم يضع القانون آلية متابعة نشر هذه الجداول، وفتحها للاعتراضات والطعون، أما القانون الحالي فأخذ بفكرة الدورية الشهرية، أي أنه في كل شهر وفق المادة العاشرة تبعث إدارة المعلومات المدنية للمفوضية، وهي المكلفة إدارة فكرة الجداول، لتعلن الأخيرة أسماء مَنْ يحق لهم الانتخاب، ثم يكون هناك ميعاد للاعتراض بعد النشر، ثم يشمل القانون الآلية القديمة من هذه الاعتراضات التي تطرح وفق تسلسل معيَّن أمام القضاء.
وذكر الفيلي أن القانون المشار إليه قرر أن يُعمل به من تاريخ نشره، وإلغاء القانون القديم، وبالتالي لا تصلح الآلية القديمة للعمل بها، ولا يمكن لإدارة الانتخاب وفق النظام القديم أن تفتح القيود، لأنها لم تعد مختصة، وفي نفس الوقت لم تشكل المفوضية المشار إليها حتى الآن، ونحن بصدد قانون معطل، وبما أن السُّلطة التنفيذية هي المسؤولة عن تنفيذ القانون، فسوف يكون الملف تحت مسؤوليتها، وعلى الحكومة الحالية تنفيذ القانون المعطل.
«تعطل المفوضية» باكورة فشل سلق القوانين |
في أول بوادر فشل القوانين التي «سُلِقت» أخيراً في مجلس الأمة باستعجال غير مبرر، هدفه الأساسي مجرد تسجيل إنجاز لا أكثر ولا أقل، دون حتى أخذ آراء المختصين، شهد قانون مفوضية الانتخابات معضلة قانونية لا تحمد عقباها، بعد تعطيل نفاذه جراء عزوف القضاة عن قبول تعيينهم في مجلس المفوضية، لما يترتب عليه من فقدانهم مناصبهم. وبهذا العزوف وذلك التعطيل بات مجلس الأمة في موقف لا يحسد عليه، لتسببه في هذا الخلل باستعجاله غير المبرر، نتيجة عدم استشارته المجلس الأعلى للقضاء، وأصحاب الاختصاص، ولذا وجبت على مجلس الأمة المسارعة إلى مطالعة نفسه في مرآة الأخطاء، من أجل تصحيح مُلح لهذا الخلل... فهل يستطيع أن يصلح الآن ما أفسدته عجلته؟! |