نتنياهو يعرقل مشروعاً عربياً لتسوية إقليمية بعد حرب غزة

نفى تصريحات بايدن حول قبوله بـ «الدولة الفلسطينية»

نشر في 21-01-2024
آخر تحديث 20-01-2024 | 20:32
فلسطينيون داخل سوق مزدحم في رفح جنوب غزة قرب الحدود المصرية أمس (دي بي إيه)
فلسطينيون داخل سوق مزدحم في رفح جنوب غزة قرب الحدود المصرية أمس (دي بي إيه)
تتحرك دول عربية فاعلة باتجاه تسوية تشمل وضع تصور لغزة بعد انتهاء الحرب، وتقوم على إبرام صفقة تطبيع كبيرة مع إسرائيل مقابل «إقامة دولة فلسطينية» لاحتواء المخاطر التي تعصف بأمن المنطقة، في حين تمسّك رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بعرقلة المشروع الذي يحظى بتأييد أميركي، مؤكداً سعيه لإمساك الأمن بالقطاع عقب الإطاحة بـ«حماس».

مع دخول العدوان الإسرائيلي على غزة يومه الـ106، أحصت وزارة الصحة التابعة لحركة «حماس» مقتل 24.927 وإصابة 62.388 فلسطينياً منذ اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر الماضي، فيما تروج 5 دول عربية بهدوء لخطة تسوية في القطاع الفلسطيني ما بعد الحرب بدعم من الولايات المتحدة.

‏ونقلت وكالة «بلومبرغ» عن مسؤولين عديدين أن مشكلة التحرك العربي في أن الإسرائيليين الذين يعتمد عليهم الاتفاق المفترض لا يوافقون عليه، وهذا يعني أن الاقتراح، الذي يصفه واضعوه بأنه الحل الأكثر منطقية للأمن على المدى الطويل في المنطقة، بعيد المنال في الوقت الحالي.

‏ويؤكد اثنان من المسؤولين أن التقدم نحو الحل الذي تطرحه دول خليجية، السعودية والإمارات وقطر ومصر والأردن، لن يكون ممكناً طالما بقي الائتلاف اليميني لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في السلطة الذي يسعى لإطاحة حكم «حماس» ويرفض التعهد بإقامة أي دولة فلسطينية مستقبلية وحتى وإن تضمنت الصفقة اتمام الاتفاق التاريخي للتطبيع مع الرياض والذي كان وشيكاً قبل شن «حماس» لهجوم «طوفان الأقصى».

القاهرة تجدد نفي موافقتها على مقترح يسمح لإسرائيل باحتلال محور «فيلادلفيا»

وأشار المسؤولون إلى أن الجهود الإقليمية للتسوية تتقدم حالياً رغم أن خطوة التطبيع التاريخية باتت بحاجة إلى تخطي عقبات أكبر الآن بعد أن أيقظت الحرب المدمرة بغزة مشاعر الشعوب في البلدان العربية ضد إسرائيل وساهمت في زيادة تصميم المسؤولين العرب على التوصل إلى حل مع جارتهم اليهودية من خلال البناء على العداء المشترك لإيران ووكلائها الإقليميين.

و‏تشكل مناورة الدول العربية الخمس الدفعة الأكثر واقعية وطموحاً التي بذلها اللاعبون الإقليميون حتى الآن، لوقف العدوان الإسرائيلي على غزة، ويصفها المسؤولون بأنها الأكثر تقدماً وتتضمن أفكاراً مازالت قيد المناقشة.

‏وعلى الرغم من أن واشنطن تحدثت سابقاً بعبارات عامة عن تسوية محتملة بعد الحرب تتضمن مساعدات من القوى العربية، إلا أنها تميل إلى تصوير ذلك على أنه مبادرة خاصة بها.

‏ونقلت الوكالة الأميركية عن 8 مسؤولين كبار أن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن نقل المبادرات العربية إلى نظرائه الإسرائيليين خلال رحلته الأخيرة إلى المنطقة.

ولفتت «بلومبرغ» إلى احتمال أن تؤجج المناقشات بشأن الحل المشاحنات بين إسرائيل وجيرانها العرب.

خلاف وإحراج

وجاء التحرك العربي في وقت ازدادت حدة الصراعات بين أعضاء الائتلاف الحاكم الإسرائيلي بشأن مسار القتال بغزة وسبل إطلاق المحتجزين لدى «حماس»، إضافة إلى الخلاف العلني بين إدارة بايدن ونتنياهو، إذ أكد الرئيس الأميركي رداً على سؤال بشأن ما إن كان «حل الدولتين» مستحيلاً بوجود نتنياهو في منصبه، بالقول: «لا، ليس كذلك».

وأضاف بايدن تعليقاً على فحوى محادثة هاتفية تمت بينه وبين رئيس الوزراء الإسرائيلي، ليل الجمعة ـ السبت، أن نتنياهو لا يعارض جميع حلول الدولتين، مشيراً إلى أن هناك عدداً من الأنماط الممكنة، إذ إن بعض الدول الأعضاء في الأمم المتحدة ليس لديها جيوش.

في المقابل، سارع مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لنفي ما قاله الرئيس الأميركي عن عدم استبعاد نتنياهو إقامة دولة فلسطينية مستقبلية، خلال محادثة الجمعة التي أتت بعد نحو شهر من محادثة أخرى أفادت تقارير بأن بايدن قام بقطعها عبر إغلاق الهاتف في وجه نتنياهو.

وجاء في بيان مكتب نتنياهو، أن «رئيس الحكومة كرر خلال محادثته مع الرئيس الأميركي موقفه الثابت منذ سنوات، والذي عبر عنه أيضا في المؤتمر الصحافي في اليوم السابق» بشأن رفض إقامة دولة فلسطينية. وأضاف المكتب أن «إسرائيل ملزمة بعد القضاء على الحماس بالسيطرة الأمنية الكاملة على غزة لضمان أنها لن تشكل تهديداً على إسرائيل، وذلك يتعارض مع مطلب السيادة الفلسطينية».

وشدد مكتب نتنياهو على أن إسرائيل ستحتفظ بالسيطرة الأمنية مستقبلاً في القطاع المعزول والمحاصر في ظل معارضة الائتلاف اليميني الحاكم لإعادة السلطة الفلسطينية بزعامة محمود عباس إلى حكم غزة.

ومثل نفي نتنياهو لقبول «حل الدولتيين» إحراجاً لبايدن الذي يواجه ضغوطاً داخلية لوقف دعمه غير المحدود للدولة العبرية وحربها ضد «حماس» التي تسببت بتشريد 85% من سكان القطاع وبأزمة إنسانية وخسائر فادحة في صفوف المدنيين.

وبعد تصريحات مثيرة أدلى بها نتنياهو الخميس الماضي وشرح فيها بالتفصيل معارضته للسيادة الفلسطينية بغزة والضفة الغربية، سُئل بايدن: «هل ستعيدون النظر في شروط المساعدات لإسرائيل في ضوء ما قاله نتنياهو حول حل الدولتين؟» فأجاب: «أعتقد أننا سنكون قادرين على التوصل إلى شيء ما».

ورداً على سؤال حول كيفية القيام بذلك، ألمح الرئيس إلى أنه قد تكون هناك أنماط لحل الدولتين التي قد لا يعارضها نتنياهو، «ثمّة أنماط عدّة لحلولٍ على أساس دولتَين. وهناك عدة بلدان أعضاء في الأمم المتحدة ليست لديها جيوشها الخاصّة بها... أعتقد أنّ هناك طرقًا لإنجاح هذا الأمر».

ثم أخبر المراسل بايدن بأن «بيبي قال للتو إنه يعارض أي حل على أساس الدولتين»، فأكد الأخير «لا، لم يقل ذلك».

وأمس الأول، وقع عشرات من أعضاء «الكونغرس» من الحزب الديمقراطي الذي ينتمي إليه بايدن على رسالة يحثون فيها الإدارة على التأكيد على معارضة الولايات المتحدة بشدة «التهجير القسري والدائم» للفلسطينيين من غزة.

على الجهة المقابلة، اعتبرت وزارة الخارجية بالسلطة الفلسطينية أن إصرار نتنياهو على رفض إقامة دولة فلسطينية تحدّ سافر لإدارة بايدن، فيما رأى قيادي بـ «حماس» أن تصريحات بايدن عن إقامة دولة فلسطينية بأنها وهم لا ينطلي على أحد.

نفي مصري

من جانب آخر، جددت مصادر مصرية رفيعة المستوى، أمس، نفي ما تناقلته تقارير إسرائيلية عن موافقة القاهرة على مقترح يسمح للإسرائيليين باحتلال محور صلاح الدين «فيلادلفيا»، مقابل إشراك السلطة الفلسطينية في خطة اليوم التالي للحرب.

وقالت المصادر المصرية إن مثل هذه الأكاذيب تهدف إلى صرف الانتباه عن المواقف المصرية المعلنة بضرورة الوقف الفوري للعدوان الإسرائيلي.

back to top