في حكم قضائي بارز، أكدت محكمة التمييز الجزائية، برئاسة المستشار صالح المريشد، عدم قبول الاستئنافات المقامة من النيابة العامة في القضايا الجزائية، إذا لم تستوف الشروط الشكلية المنصوص عليها بالقانون بشأن إجراءات الطعن أمام محكمة الاستئناف، وأيدت حكم الأخيرة بعدم قبول استئناف النيابة في إحدى القضايا الجزائية لعدم التزامها اتخاذ إجراءات الاستئناف وفق الشكل القانوني السليم.
وقالت «التمييز»، في حيثيات حكمها، إن النيابة اطلعت على حكم الاستئناف بأنه قضى بعدم قبول استئنافها شكلا وقد شابه الخطأ في تطبيق القانون ذلك أنه أسس قضاءه على اعتبار أن الطاعنة لم تقرر بالاستئناف بقلم كتاب المحكمة التي أصدرت الحكم على الرغم من سلامة الإجراء الذي اتبعته في التقرير بالاستئناف وتضمنه كل البيانات التي أوجبها المشرع وتحقق الغاية منه بحضور المستأنف ضده وأن مخالفة ما أوجبته المادتان 202 و203 من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية لا يترتب عليها البطلان، ذلك كله مما يعيب الحكم المطعون فيه بما يستوجب تمييزه.
عريضة الاستئناف
ولفتت المحكمة إلى أنه من المقرر وفقاً لنص المادة 202 من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية أنه يرفع الاستئناف بعريضة تقدم لقلم كتاب المحكمة التي أصدرت الحكم، ويوقع على العريضة الخصم المستأنف أو من ينوب عنه، وإذا كان المتهم محبوسا فإنه يقدم استئنافه بوساطة مأمور السجن، وتشمل عريضة الاستئناف بياناً كاملاً بالحكم المستأنف والدعوى التي صدر بشأنها وصفه المستأنف والمستأنف ضده والأسباب التي يستند إليها المستأنف والطلبات التي يتقدم بها.
وتابعت: كما نصت المادة 203 من القانون ذاته على أنه على قلم الكتاب أن يحيل عريضة الاستئناف مع ملف القضية إلى المحكمة المختصة بنظر الاستئناف خلال مدة لا تزيد على ثلاثة أيام، وعلى رئيس المحكمة المختصة بنظر الاستئناف عند ورود عريضة الاستئناف وملف القضية أن يأمر بتحديد جلسة لنظره، ويعلن قلم كتاب المحكمة من تلقاء نفسه الخصم المستأنف وسائر الخصوم بميعاد هذه الجلسة، كما يعلن من تلقاء نفسه عريضة الاستئناف لسائرالخصوم.
إجراءات الدعوى
وأوضحت المحكمة أن من المقرر أن التقرير بالاستئناف هو عمل إجرائي اشترط القانون لرفعه إفصاح الطاعن عن رغبته في الاعتراض على الحكم بالشكل الذي ارتأه، وأنه متى رسم القانون شكلاً خاصاً لإجراء من إجراءات الدعوى كان هذا الشكل وحده هو الدليل القانوني على حصول الإجراء، وكان الواجب على ذوي الشأن استيفاؤه حتى يكون الإجراء معتبرا مهما استعيض عنه بغيره مما قد يؤدي المراد أو يدل عليه فإن هذه الاستعاضة لا تغني عنه بل يبقى الإجراء في نظر القانون معدوماً لا أثر له، فالدليل القانوني على حصول الاستئناف هو التقرير به في إدارة قلم كتاب المحكمة الكلية في الميعاد الذي حدده القانون وفق نموذج العريضة المعد لذلك بإدارة قلم كتاب المحكمة الكلية موضحا به البيانات السالف بيانها والتي أوجبها القانون والمعول عليه في إثبات حصول التقرير بالاستئناف في إدارة قلم كتاب المحكمة هو بما يصدر عن هذه الإدارة ذاتها من بيان بحصول التقرير بالاستئناف في تاريخ معين بعد توقيعه من الموظف المختص المنوط به ذلك.
وأفادت بأن العلة من هذا التنظيم على النحو الذي نص عليه القانون هو أن يكون هناك مرجع في إثبات حصول تلك الإجراءات على النحو الذي رسمه القانون صونا لها من العبث، أما ما عدا ذلك من عريضة تقدم لقلم الكتاب أو النيابة العامة أو خطاب يرسله النائب العام أو أحد وكلائه إلى قلم الكتاب، فكل ذلك لا يغني عن التقرير بالاستئناف على النحو الذي أوجبه القانون مهما كانت إرادة المستأنف منصوصاً عليها فيه - ويكون ذلك الإجراء مخالفا معدوماً لا أثر له - وإذ كانت النيابة لم تلتزم هذا النظر لدى طعنها بالاستئناف على الحكم الابتدائي الصادر من محكمة الجنايات بجلسة 5/ 12/ 2021 ببراءة المطعون ضده مما أسند إليه - بل قررت بالاستئناف على نموذج أعدته هي لهذا الغرض لم يصدر عن قلم كتاب المحكمة الكلية على النحو السالف بيانه فإن استئنافها على هذا النحو يكون غير منتج لآثاره هو والعدم سواء، ومن ثم تعين القضاء بعدم قبوله شكلا حتى ولو كان ذلك الإجراء الباطل قد حقق الغاية منه بحضور المستأنف ضده بالجلسة المحددة وتعين على المحكمة المختصة القضاء بذلك من تلقاء نفسها بحسبان أن الطعن بالاستئناف وإجراءاته لسائر الخصوم من الأمور التي تتعلق بالنظام العام، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فإن النعي عليه في هذا الخصوص يكون غير سديد ويضحى الطعن برمته قائما على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.