«حماس» تتمسك بشروطها مع تبلور صفقة حول غزة
حكومة نتنياهو توافق على تحويل أموال «السلطة» للنرويج... و«حصة غزة» معلّقة
بالتزامن مع زيارة رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية الى تركيا، طالبت الحركة الفلسطينية اليوم بـ «وقف العدوان الإسرائيلي فوراً» على قطاع غزة ووقف «الجرائم والإبادة الجماعية»، والعمل على فتح المعابر وفك الحصار عن قطاع غزة وإدخال المساعدات، وسط تقارير عن اكتمال معالم صفقة لتبادل المحتجزين ووقف إطلاق النار في القطاع الذي يتعرض لحرب إسرائيلية منذ 107 أيام.
ورفضت «حماس» في وثيقة طويلة من 18 صفحة بعنوان (هذه روايتنا... لماذا طوفان الأقصى؟) «أي مشاريع دولية وإسرائيلية تسعى لتحديد مستقبل قطاع غزة، بما يتناسب مع معايير الاحتلال ويكرّس استمراره»، مؤكدة أن «الشعب الفلسطيني يملك القدرة والكفاءة في أن يقرّر مستقبله بنفسه»، و»لا يجوز لأحد أن يفرض الوصاية عليه».
ووصفت الوثيقة التي وزعت باللغتين العربية والإنكليزية، ما تحدثت عنه إسرائيل حول استهداف مقاتلي حماس لمدنيين إسرائيليين بأنه «محض افتراء وكذب»، مضيفة «ربما يكون قد حدث بعض الخلل (....) بسبب انهيار المنظومة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية بشكل كامل وسريع، وحدوث بعض الفوضى نتيجة الاختراقات الواسعة في السياج» الفاصل.
مبعوث أميركي إلى القاهرة والدوحة لبحث تبادل المحتجزين في غزة
جاء ذلك، فيما كشفت صحيفة وول ستريت جورنال أن التقديرات الاستخبارية الأميركية تشير إلى أن «حماس» لا تزال تملك ذخائر ومرونة بتحركات عناصرها تكفي لضرب إسرائيل عدة أشهر أخرى.
ونقلت الصحيفة الأميركية عن مسؤولين إسرائيليين اعترافهم بأن هدف تدمير «حماس» خلال الحرب على غزة لم يتحقق رغم الحملة الجوية والبرية والدمار الهائل.
وقدرت الاستخبارات الأميركية أن الحركة خسرت حوالي 20 إلى 30% من مقاتليها منذ بداية الحرب، في حين يتولى المقاتلون مزيداً من المهمات لتعويض النقص.
ونقلت الصحيفة عن التقرير الأميركي الاستخباري أن «حماس» كان لديها ما بين 25 و30 ألف مقاتل قبل الحرب، بالإضافة إلى الآلاف من رجال الشرطة والقوات الأخرى.
اتفاق الضرائب
في غضون ذلك، صادق المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغّر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت)، اليوم، على خطة لتحويل أموال الضرائب إلى السلطة الفلسطينية التي يتزعمها الرئيس محمود عباس من خلال النرويج كطرف ثالث بضمانة أميركية.
القرار الإسرائيلي أعقب رفض السلطة الفلسطينية تلقي مستحقاتها، التي تجنيها نيابة عنها سلطات الاحتلال التي سعت إلى خصم حصة غزة منها، لتضييق الخناق على «حماس».
ويقضي القرار الإسرائيلي، بطلب من الإدارة الأميركية، بإيداع أموال المقاصة، بمبلغ يتراوح بين 750 و800 مليون شيكل إسرائيلي، في «حساب ائتماني» بالنرويج، وأن بإمكان السلطة الفلسطينية التي تتخذ من مدينة رام الله بالضفة الغربية المحتلة مقرا لها، الحصول على حصة الضفة الغربية من النرويج، وبقاء حصة غزة في «الحساب الائتماني».
وحسب القرار، يحظر على النرويج أن تنقل أموالاً إلى غزة، حتى لو كانت على شكل قرض. وفي حال تم ذلك، فإن وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، مخوّل بوقف تحويل هذه الأموال، كما أن القرار حول موعد تحويلها يتخذه سموتريتش.
وجاء في قرار «الكابينيت» أن على النرويج والولايات المتحدة أن تقدم لإسرائيل تقريراً شهرياً حول عدم تحويل أموال إلى غزة.
وكان وزير الأمن القومي المتطرف، إيتمار بن غفير، الوحيد بين أعضاء «الكابينيت» الذي عارض الخطة، وادّعى أن الدولة العبرية لم تحصل على ضمانات بأن الأموال التي ستودع في النرويج لن تحوّل بشكل ما إلى غزة، بما في ذلك بواسطة الولايات المتحدة. واعتبر بن غفير أنه لا يفترض بإسرائيل أن تقنع السلطة الفلسطينية بتلقي الأموال. واتهم بن غفير رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بعدم التوقف عن «تغيير الخطوط الحمر التي يعلنها».
ووصف وزير الشتات الإسرائيلي عميحاي شيكلي، محاولة إقناع إسرائيل بقبول أن تبسط السلطة الفلسطينية سيطرتها على قطاع غزة بعد الحرب التي تهدف لإنهاء حكم «حماس» بأنها «خطوة انتحارية».
واتهم شيكلي السلطة الفلسطينية بأنها أكثر كيان معادٍ للسامية على الإطلاق على وجه الأرض، مشدداً على ضرورة أن تحتفظ إسرائيل بـ «قبضة معينة» في غزة على مدى عام أو عامين أو من خلال قوة دولية.
في المقابل، قال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، حسين الشيخ، إن «أي انتقاص من حقوقنا المالية أو أي شروط تضعها إسرائيل تقوم على منع السلطة الوطنية من الدفع لأهلنا في قطاع غزة، مرفوضة من جانبنا». وطالب الشيخ «المجتمع الدولي بوقف هذا التصرف القائم على القرصنة وسرقة أموال الشعب الفلسطيني وإجبار إسرائيل على تحويل كل أموالنا».
وساطة وضغوط
وجاء الإعلان عن الموافقة الإسرائيلية بهدف تمكين سلطة رام الله من دفع رواتب الآلاف من الموظفين في الضفة الغربية، بعد تحذيرات أمنية إسرائيلية من احتمال انفجار المنطقة بشكل غير مسبوق، وفي وقت أفاد موقع أكسيوس بأن بريت ماكغورك، مبعوث الرئيس الأميركي جو بايدن بدأ زيارة للمنطقة يستهلها من القاهرة قبل المغادرة للدوحة لوضع اللمسات الأخيرة على صفقة تبادل محتجزين بين إسرائيل و»حماس» بالإضافة إلى محادثات بشأن مستقبل غزة.
وأفاد الموقع الأميركي بقرب بلورة «صفقة جديدة» لإطلاق المحتجزين لدى «حماس»، لكنه لفت إلى أنه لا يوجد تقدير بالتوصل إلى اتفاق وشيك في ظل الشروط المتبادلة وإصرار الفصائل الفلسطينية على وقف شامل للحرب لاتمام التبادل.
على الجانب الآخر، نظم آلاف المتظاهرين مسيرات متزامنة في تل أبيب وبمحيط مقر سكن نتنياهو في قيسارية والقدس للضغط على الحكومة الإسرائيلية لبذل المزيد من الجهود للإفراج الفوري عن المحتجزين وللمطالبة بإجراء انتخابات مبكرة لإطاحة نتنياهو.
وأكد زعيم المعارضة يائير لابيد أنه أبلغ رئيس الوزراء أنه سيدعم أي اتفاق لإفراج عن المحتجزين في غزة، حتى وإن كان الثمن وقف الحرب.
على الصعيد الدولي، اعتبر وزير الدفاع البريطاني غرانت شابس، رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي «حل الدولتين» مع الفلسطينيين بأنه «مخيب للآمال»، بينما شدد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، على أن الوضع في الشرق الأوسط أشبه بـ «برميل بارود» على وشك الانفجار، ومن الضروري العمل على منع اشتعال الصراع في جميع أنحاء المنطقة.
وانتقد غوتيريش الرفض المتكرر لحل الدولتين بوصفه «غير مقبول»، وأشار إلى أن حرمان الشعب الفلسطيني من حقه يطيل أمد الصراع، وبات تهديداً خطيراً للسلم والأمن الدوليين.
من جهته، أعرب وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، عن قلق المملكة الشديد من أن التوترات في البحر الأحمر، وسط هجمات جماعة «أنصار الله» الحوثية والضربات الأميركية على أهداف الجماعة المتحالفة مع إيران في اليمن، قد تخرج عن نطاق السيطرة، وتؤدي إلى تصعيد صراع غزة إقليمياً.
وقال فرحان في مقابلة بثتها شبكة CNN اليوم رداً على سؤال إذا لم يكن هناك مسار موثوق ولا رجعة فيه لدولة فلسطينية، فلن يكون هناك تطبيع للعلاقات بين المملكة وإسرائيل: «هذه هي الطريقة الوحيدة التي سنحصل بها على فائدة. لذا، نعم، لأننا بحاجة إلى الاستقرار، وسيأتي الاستقرار فقط من خلال حل القضية الفلسطينية».