في الوقت الذي تسعى الدولة إلى ميكنة الإجراءات وتحقيق التحول الرقمي في جميع تعاملاتها المالية والإدارية، لا تزال وزارة الصحة تغرّد خارج السرب الحكومي، إذ إنه من غير المعقول مطالبة جهة لا تستطيع الاحتفاظ بالبيانات المالية لأموال تتسلمها من المراجعين أن تحقق التحوّل الرقمي وحفظ حقوق المتعاملين معها.
القصة بدأت منذ أعوام، وبالتحديد عام 2012، عندما دخلت إحدى الوافدات إلى مستشفى الولادة لتضع مولودتها، وأراد زوجها أن يحصل لها على غرفة خاصة، فراجع القسم المختص الذي طالبه بدفع 400 دينار تأمينا، على اعتبار أن بطاقتها المدنية كانت منتهية ويتم معاملتها كزائر لحين دفع رسوم الغرفة والعلاج، ومن ثم استرجاع التأمين الذي دفعه نقدا وحصل بموجبه على إيصال.
وإلى هنا لا توجد أي مشكلة، لكنّ المفارقة أن زوج الوافدة أضاع الإيصال ونسي الأمر لسنوات، وعندما تذكّره راجع المستشفى أكثر من مرة وشرح قصته لمدة عامين، ليكون الرد باستحالة وجود بيانات بعد 10 سنوات، وقيل له: «مادمت أضعت الإيصال فليس لك عندنا شيء».
لم يستسلم هذا الوافد، وراجع مدير المستشفى الذي طلب منه البيانات والتاريخ ورقم هاتفه، ليتم التواصل معه عند إيجاد الدفاتر القديمة، لكن أحدا لم يتصل به، فراجع المستشفى مرة أخرى، إلا أنه لم يحصل على نتيجة، فقام بعمل كتاب رسمي إلى وكيل الوزارة آنذاك، الذي حوّل الكتاب إلى جهة الاختصاص، إلا أن ذلك لم يحل المشكلة، فبعد مراجعة الشاكي للإدارة أكثر من مرة كان ردّهم مشابها لمن سبقهم «ما عندك إيصال ما لك شي عندنا».
وهنا لا بدّ من طرح تساؤلات كثيرة، كيف لوزارة تتعامل مع أكثر من 4 ملايين إنسان ما بين مواطن ومقيم ألّا تكون لديها سجلات بالأموال التي تحصّلها؟، وهل يعقل أن تضيع حقوق الناس لمجرد ضياع الوصل؟!
المسألة تحتاج إلى البحث في السجلات القديمة، والتي يفترض أن تحافظ عليها الوزارة وتحفظها من الإهمال والضياع لإرجاع الحقوق إلى أصحابها.