أوروبا تقترح «طريقاً للسلام»... والضغوط تحاصر نتنياهو
بوريل يجدد دعم فرض الحل من الخارج
• رئيس الوزراء الإسرائيلي: «حماس» لم تقدم أي مقترحات
وسط تعاظم المخاوف من توسّع الحرب التي تشنها إسرائيل ضد قطاع غزة الفلسطيني منذ 108 أيام إلى جبهات إقليمية أخرى، عقد وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي محادثات منفصلة مع نظرائهم الإسرائيلي يسرائيل كاتس، والفلسطيني رياض مالك، ووزراء الخارجية العرب بشأن آفاق السلام الدائم، فيما كرّر مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل دعمه لفرض حل الدولتين من الخارج، مما يصاعد الضغوط الأوروبية على إسرائيل، بعد رفض رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو دعوات لإقامة دولة فلسطينية مستقلة.
وحضر وزراء خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ومصر سامح شكري، والأردن أيمن الصفدي، والأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط، الاجتماع الذي عقد في بروكسل وركّز على تداعيات هجوم «طوفان الأقصى» الذي شنّته «حماس» في 7 أكتوبر الماضي، وأطلق شرارة الحرب الإسرائيلية الحالية التي خلّفت أكثر من 25 ألف قتيل في غزة، فضلاً عن تشريد 85 في المئة من سكان القطاع المكتظ بـ 2.4 مليون نسمة.
وقبيل الاجتماع، قال بوريل إن الوضع الإنساني في غزة «لا يمكن أن يكون أسوأ». وأضاف: «من الآن فصاعدا لن أتحدّث عن عملية السلام، لكنني أريد حل الدولتين».
وكرر الإدانة الصادرة عن الأمم المتحدة لرفض نتنياهو «غير المقبول» لدعوات إقامة دولة فلسطينية بعد حرب غزة التي تقول الدولة العبرية إنها تهدف للقضاء على حكم «حماس» للقطاع.
وتساءل مستنكراً: «ما الحلول الأخرى التي يفكّرون بها؟ دفع جميع الفلسطينيين للمغادرة؟ قتلهم؟».
وشدد على أن إسرائيل لا يمكنها بناء السلام بـ «الوسائل العسكرية وحدها»، مؤكداً أن الطريقة الوحيدة لتحقيق سلام دائم في المنطقة هي «فرض حل الدولتين من الخارج».
من جهته، انتقد وزير الخارجية الأردني «الأجندة العنصرية المتطرفة» للحكومة الإسرائيلية، وقال على هامش الاجتماع، إن «الطريق الوحيد للخروج من هذه المأساة هو حل الدولتين، وهم يتحدون المجتمع الدولي بأكمله، وحان الوقت لأن يتخذ العالم موقفاً».
خريطة طريق
وأرسل السلك الدبلوماسي للاتحاد الأوروبي ورقة مناقشة إلى الدول الأعضاء تقترح «خريطة طريق» للسلام في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الأوسع. وفي قلب الخطة دعوة لعقد «مؤتمر تحضيري للسلام» ينظّمه الاتحاد ومصر والأردن والسعودية والجامعة العربية، مع دعوة الولايات المتحدة والأمم المتحدة للمشاركة.
وسيعقد المؤتمر حتى لو رفض الإسرائيليون أو الفلسطينيون المشاركة، لكنّ الوثيقة تشير إلى أنه سيتم التشاور مع الطرفين في كل خطوة من المحادثات، حيث يسعى المندوبون إلى وضع خطة سلام.
وتوضح الوثيقة الداخلية أن أحد الأهداف الرئيسية لخطة السلام ينبغي أن يكون إقامة دولة فلسطينية مستقلة «تعيش جنباً إلى جنب مع إسرائيل في سلام وأمن».
ويعترف مسؤولو الاتحاد الأوروبي بأن المسؤولين والدبلوماسيين الإسرائيليين لا يبدون في الوقت الراهن أي اهتمام بما يسمّى بحل الدولتين، لكنّهم يصرون على أنه الخيار الوحيد للسلام الطويل الأمد.
تحذير أميركي
وجاء التحرك الأوروبي العربي في وقت أشارت أوساط عبرية إلى أن الرئيس الأميركي جو بايدن حذّر في رسائله الأخيرة نتنياهو من أن عليه أن يختار بين أن يكون مسؤولاً عن «مصيبة وطنية وفشل استراتيجي هو الأكبر في تاريخ إسرائيل، ويفضي إلى عزلها دولياً»، إذا مضى في مخطط يقضي بإعادة احتلال غزة وضمّ واسع لمناطق الضفة المحتلة، وبين «زعامة تشرشلية» لخلق قوة سياسية واقتصادية متداخلة توصل إلى شاطئ الأمان عبر تبنّي استراتيجية للخروج من الأزمة الحالية، بالاستناد إلى تأهيل السلطة الفلسطينية لإدارة الضفة الغربية وغزة حتى الوصول إلى «حل الدولتين».
وساطة ومقترحات
في هذه الأثناء، ذكرت تقارير عربية أن المفاوضات غير المباشرة التي تتوسط بها الدوحة والقاهرة بتنسيق مع واشنطن ستستمر بين «حماس» وإسرائيل، «لكن لا يوجد اتفاق وشيك بشأن صفقة إطلاق سراح المختطفين والمختطفين».
وغداة رفضه لما وصفه بـ «شروط الاستسلام لوحوش حماس»، استقبل رئيس الوزراء الإسرائيلي وفداً عن ذوي عائلات المخطوفين بعد ساعات من قيام أنصارهم باقتحام اجتماع للجنة مالية في «الكنيست» (البرلمان) للمطالبة بإبرام صفقة مع «حماس» وعدم الاعتماد على المجهود العسكري.
وقال نتنياهو: «خلافاً لما يقولون، لا يوجد أي اقتراح حقيقي من حماس. أقول هذا بكل وضوح قدر استطاعتي، لأن هناك الكثير من الأشياء الخاطئة التي لا بدّ أنها تعذبكم. وفي المقابل هناك مبادرة من جانبنا، ولن أخوض في التفاصيل».
وجدد إصراره على تحقيق الأهداف المعلنة للحرب، وكذلك على «السيطرة الأمنية الكاملة» على جميع المناطق الفلسطينية المحتلة عام 1967.
وتزامن ذلك مع تقديم رئيسة حزب العمل اليساري مقترحاً لسحب الثقة من نتنياهو إلى البرلمان، الذي يخضع لهيمنة الائتلاف اليميني الحاكم، معتبرة أنه «لا بدّ أن يتوقف القتال من أجل إعادة المختطفين».
معركة خان يونس
ميدانياً، أفادت الإذاعة الإسرائيلية بأن جيش الاحتلال وسّع وعمق من عملياته البرية في مدينة خان يونس بجنوب القطاع، مشيرة إلى أن 7 ألوية تعمل تحت الأرض وفوق الأرض ضد عناصر حركتَي حماس والجهاد.
وتواصلت المعارك البرية في عموم القطاع، وخاصة في خان يونس، حيث صرح وزير الأمن يوآف غالانت بأن القوات باتت أقرب إلى المواقع الحساسة لـ «حماس».
ولأول مرة منذ الانسحاب من طرف واحد في صيف 2005، عادت إسرائيل لتحتل شريطاً في غزة، عبارة عن طريق عسكري آمن ومواقع استيطانية ونقاط تفتيش محمية. أحدهما يقع على المحور الطولي صلاح الدين في وسط الممر.
واتهمت السلطات الصحية في غزة إسرائيل بارتكاب 20 مجزرة في القطاع راح ضحيتها 190 شهيداً و340 مصاباً خلال الساعات الـ 24 الماضية.
وقالت إن الاحتلال استهدف 30 ألف نازح بـ 5 مراكز إيواء في خان يونس.
ووسط تحذيرات من خروج الوضع عن السيطرة في الضفة الغربية، قرر رئيس هيئة الأركان هرتسي هليفي إخراج قوات مقاتلة من غزة وتحويلها للانخراط في عمليات عسكرية بالمنطقة المحتلة.
وجاء ذلك في وقت اعتقلت السلطات الإسرائيلية 14 شخصاً لقيامهم ببيع تصاريح دخول للعمال الفلسطينيين إلى البلدات والمدن الإسرائيلية بعد تلقّي رشاوى.