الصمت غير مبرر
أضافت المحاكم في الجمهورية الإسلامية الإيرانية حكماً بالحبس خمسة عشر شهراً ضد نرجس محمدي (المصدر «واشنطن بوست»)، وبذلك يصبح مجموع مدد السجن ضد نرجس، التي يتعيّن تنفيذها، هو اثنتي عشرة سنة وثلاثة أشهر، وهناك عقوبة إضافية بـ 154 جَلدة، مع عقوبات تكميلية أخرى.
نرجس محمدي ناشطة في قضايا حقوق الإنسان، وحازت جائزة نوبل للسلام، ولم تتوقف عن نضالها ضد التعذيب في السجون وحقوق المتهمين، وكانت من أهم الرموز وأقوى الأصوات التي تعالت بعد مقتل مهسا أميني في الحجز عام 2022، أثناء حركة الاحتجاجات والعصيان المدني ضد قانون يفرض غطاء الرأس على النساء في الجمهورية الإيرانية.
الأحكام القاسية ضد نرجس لتهم مُعلّبة، مثل «نشر إشاعات ضد أمن الدولة أو نظام الحكم»، وتجريم الكثير من صور حرية التعبير تحت بند «أمن الدولة»، ليسا قاصرين على الجمهورية الإيرانية، وإنما هما القاسم المشترك لدولنا الشرق أوسطية، ومثلها في العديد من دول الجنوب، أما الجَلد، فهو مقنّن كما يبدو في قانون الجزاء للجمهورية الإيرانية، بينما يُعد ممارسة عادية في سجوننا بدول الكرب، أي يُنفّذ من دون نصوص قانونية ولا أحكام قضائية، فترويض الجسد والروح مسألة ضرورية لأمن الدولة الذي هو ذاته أمن النظام الحاكم.
للجمهورية الإيرانية بمجتمعها الليبرالي التقدّمي ـ فهو الأكثر ليبرالية في دول الشرق الأوسط - ونظام حكمها الثيوقراطي (الديني) مواقف جريئة وشجاعة ضد جرائم التطهير العرقي التي يمارسها النظام الصهيوني في غزة.
فهل هذا أو غيره من مواقف ثابتة لهذه الدولة نحو القضية الفلسطينية يغفر للحكم في الجمهورية قمعه للحريات الشخصية؟
وهل يُفترض أن يصمت التقدميون العرب عن التذكير به، بحُجة مواقف دول الغرب الانتهازية نحو حقوق الإنسان بدولنا؟ أو يشكك هؤلاء التقدميون بأن نشر مثل تلك المعلومات الإخبارية عن نرجس وغيرها من المناضلين والمناضلات هو وسيلة تلك الدول وإعلامها المنحاز لإسرائيل ضد الجمهورية الإيرانية وضد كل نظام معادٍ لسلوك الدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة؟!
الصمت هنا غير مبرر، والجهر بالحقيقة واجب، والقول بغير ذلك هو رياء مكشوف.