- كيف لي أن أقدِّمك لأبناء هذا الجيل؟

- اكتب لهم عن أمنياتي.

Ad

- وماذا كنت تتمنى؟

يا ليتني فوق الغصون حمامة

لأنوح بالآصال والأسحار

يا ليتني بين الورود فراشة

تروي الصدى من أكؤس الأزهار

يا ليتني طير لأسبح في الفضا

وأؤوب مغتبطاً مع الأطيار

- وماذا تحقق من تلك الأماني؟

- طُردت من البيت!

- وماذا فعلت؟

- استأجرت غرفة مُعتمة، سرعان ما غدت ملتقى الأصدقاء من الأدباء والشعراء.

- ماذا عن أسرتك؟

- كانت أمي تزورني.

- فهد يا ولدي، هذه الغرفة ليست مقامك.

- ماذا أفعل وقد طردني والدي؟

- اترك رفقاء السوء، وعُد لبيتك، وسوف نزوجك.

- ومَنْ ترضى بالزواج ممن سيفقد بصره؟

- تفقد بصرك؟!

- سأغدو أعمى يا أمي.

- يا فهد يا ولدي يا حبيبي، دع عنك رفقاء السوء. أستحلفك بالله يا ابني أن تعتذر لأبيك وتعود معي... وتبكي.

أُمّاهُ قد غَلَبَ الأسى

كُفّي الملامَ وعلّليني

اللَه يا أمّاهُ فيّ

ترَفّقي لا تعذُليني

أرهَقتِ روحي بالعتابِ

فأَمسِكيه أو ذَريني

- ألم تُحب؟

- ومَنْ ترضى أن تحب مَنْ هو مثلي؟

- فماذا عن قولك:

ملكت علي مشاعري بحديثها

وبلطفها وذكائها المتوقد

فملاحةٌ وسماحة وصراحةٌ

ورجاحةٌ بالعقل فاشكر واحمد

ما قيمة الأرواح إن لم ترتشف

خمر الغرام وتحترق في المعبد؟!

- لقد عشت هذا في قوافي الشعر فقط.

- لكنه شِعر رائع.

- أفرزته تعاسة الوحدة التي أعيشها.

- ألم يكن لك دخل من شعرك؟

- مرة واحدة أكرمتني إذاعة أجنبية بمبلغ زهيد.

- هل من الممكن أن تصف وضعك الصحي؟

- حملوني يوماً أنزف دماً إلى المستشفى الأميري، وحضر شقيقي خالد الذي رجوته.

- خالد أخي... إذا حدث لي شيء أرجو أن تجمع كل أشعاري في غرفتي بسوق واجف وتحتفظ بها.

- سأفعل، لكن أرجو ألا يكون فيها ما يؤكد كلام الناس عنك.

- يا خالد يا خوي كيفما كانت فهي من نبع روحي وضميري ووجداني.

وفي يوم 15 أغسطس 1951 لم يسر خلف نعشه سوى أقل من أصابع اليد الواحدة.

• وهناك مَنْ استولى على كل أوراق غرفة سوق واجف، ليقذف بها في تنور، لتحترق أصدق الأشعار التي جادت بها قريحة واحد من أصدق شعراء الكويت.

يا رفاقي لا تحفروا لي إذا ما

متّ شوقا قبراً بقفر يباب

احفروا لي قبرا على شاطىء البحر

لعلّ الأمواج تبكي شبابي