صدمة بإسرائيل بعد مقتل 24 جندياً بغزة في يوم
تل أبيب تقترح وقف النار شهرين مقابل إفراج تدريجي عن المحتجزين وعدد كبير من الأسرى الفلسطينيين
بينما تتزايد الضغوط الدولية على إسرائيل لإنهاء حربها الدموية المتواصلة على غزة منذ 109 أيام، وتشتد حدة الخلافات الداخلية حول ما إذا كان استمرار القتال يمكن أن يضمن عودة المحتجزين لدى «حماس»، أفاد تقرير لموقع «أكسيوس» الأميركي بأن الدولة العبرية قدّمت اقتراحاً، من خلال وسطاء قطريين ومصريين، توافق فيه على وقف هجومها لمدة تصل إلى شهرين، مقابل إطلاق سراح تدريجي للرهائن والأسرى الـ 136 المتبقين، والذين قُتل منهم نحو 28 بالفعل.
ووفقاً لمصدرين إسرائيليين، لا يستجيب الاقتراح لمطلب «حماس» بإنهاء الحرب بشكل كامل، لكنّه يذهب إلى أبعد مما ذهبت إليه حكومة بنيامين نتنياهو في العروض السابقة.
وجاء الكشف عن العرض بالتزامن مع بدء مبعوث البيت الأبيض للشرق الأوسط، بريت ماكغورك، مشاورات مع نظرائه المصريين والقطريين، بهدف التوصل إلى صفقة لإطلاق الرهائن.
وقال مسؤولون إسرائيليون لـ «أكسيوس» إن إسرائيل تنتظر الآن رد «حماس» على الطرح الجديد، وهي متفائلة بحذَر بشأن فرصة إحراز تقدّم في الأيام المقبلة.
تفاصيل الصفقة
وتتضمن تفاصيل الصفقة المقترحة إطلاق سراح بقية الأطفال والنساء والرجال الذين تزيد أعمارهم على 60 عاماً، والرهائن المصابين بأمراض خطيرة خلال المرحلة الأولى.
وستشهد المراحل اللاحقة إطلاق سراح المجندات الإسرائيليات والرجال دون سن الستين من غير الجنود، يليهم الجنود الذكور وجثث المحتجزين.
وينص العرض الجديد على اتفاق إسرائيل و«حماس» مسبقاً على عدد الأسرى الأمنيين الذين ستطلق سلطات الاحتلال سراحهم في كل مرحلة، قبل إجراء مفاوضات منفصلة بشأن أسماء الأسرى.
ويشمل المقترح انسحاب القوات الإسرائيلية من المراكز السكانية الرئيسية في غزة والعودة التدريجية للفلسطينيين إلى شمال القطاع.
ولا ينص العرض على موافقة إسرائيل على إطلاق سراح جميع الأسرى الأمنيين الفلسطينيين البالغ عددهم أكثر من 6000، لكنّ المسؤولين الإسرائيليين أخبروا «أكسيوس» بأنهم على استعداد للإفراج عن عدد كبير.
كما ينص الاتفاق على تقليص عمليات جيش الاحتلال في غزة بشكل كبير بعد انتهاء الهدنة.
وفي حين رأى البعض أن الصفقة المطروحة شبيهة بالعروض السابقة التي تم طرحها منذ انتهاء الهدنة التي استمرت 7 أيام، قبل شهرين تقريباً، ورفضتها «حماس»، أفاد مصدران مطّلعان، بأن رئيس «الموساد» ناقش مع مدير الاستخبارات الأميركية، وليم بيرنز، خلال ديسمبر الماضي، مقترحاً برحيل كبار قادة الحركة عن القطاع، ضمن ما وصفه بأنه «اتفاق أشمل لوقف إطلاق النار في غزة».
خسارة وقتال
إلى ذلك، أعلن الجيش الإسرائيلي مقتل 24 من جنوده وضباطه في غزة، أمس، في أعلى حصيلة للخسائر العسكرية خلال يوم واحد منذ بدء هجومه البري في 27 أكتوبر الماضي.
وأعرب نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت وعضو مجلس الحرب بيني غانتس، في بيان مشترك، عن حزنهم لمقتل الجنود، قائلين إنهم «يحنون رؤوسهم لمن سقطوا»، وإنهم لن يتوقفوا عن السعي لتحقيق الانتصار.
«الخارجية» القطرية: وساطتنا مستمرة... وإنهاء التوتر الإقليمي مرتبط بوقف الحرب على القطاع الفلسطيني
ووجّه نتنياهو بفتح تحقيق فيما وصفه بـ «الكارثة» من أجل «تعلّم الدروس».
من جهته، قال غالانت إن إسرائيل تعرّضت لضربة قوية، لافتاً إلى أنهم يتابعون «حزب الله» الذي يواصل استفزازهم عند حدود جنوب لبنان.
وتابع: «هذه حرب ستحدد مستقبل إسرائيل لعقود قادمة، خسارة الجنود أمر لا مفر منه لتحقيق أهداف الحرب».
وفي أول تعليق له على الخسارة المريرة التي رفعت عدد قتلى الجيش منذ بدء التوغل البري إلى 220، قال الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ: «صباح صعب لا يُطاق، حيث يسقط المزيد والمزيد من أسماء أفضل أبنائنا... المعارك الضارية تجري في مساحة صعبة للغاية».
تفخيخ واصطياد
وعن تفاصيل الضربة التي أبكت الدولة العبرية، أفاد الناطق باسم الجيش، دانيال هاغاري، بأن القتلى الـ 24 بينهم 21 من القوات الاحتياطية. وأوضح أنهم قتلوا في انفجارين تسببت بهما قذائف «آر بي جي» استهدفت مبنى فخخته وحدة هندسية تابعة للجيش، تمهيداً لهدمه ودبابة ميركافا بمحيطه.
وكشفت تقارير عبرية أن مجموعة من الجنود الاحتياطيين من «اللواء 261» دخلت إلى منطقة المغازي، بالتنسيق مع وحدة الهندسة، حيث تم زرع ألغام في 10 مبان استعداداً لتفجيرها.
وكانت المهمة على وشك الانتهاء، إلّا أن عناصر كتائب القسام، الجناح العسكري لـ«حماس»، تمكّنت من اصطياد الجنود بإطلاق قذيفتَي آر بي جي، الأولى نحو الدبابة، والثانية أطلقت على المبنى المفخخ، مما أدى إلى تفعيل المتفجرات وانهيار مبنيين على من بداخلهما، إذ بقيت وحدة الإنقاذ تعمل طوال الليل لرفع الأنقاض بحثاً عن جنود مفقودين.
ميدانياً، أعلنت القوات الإسرائيلية، اليوم، تطويق مدينة خان يونس التي شهدت تركزاً للقتال في الأسابيع الأخيرة، والتي يعتقد بأن رئيس «حماس» بغزة، يحيى السنوار، يتحدر منها.
ودعا الجيش سكان عدة أحياء في خان يونس إلى إخلاء مناطق القتال فوراً باتجاه رفح قرب الحدود المصرية، فيما حذّرت «الأونروا» من أن «570 ألف شخص في غزة يواجهون مجاعة كارثية».
وساطة قطر
في غضون ذلك، أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية، ماجد الأنصاري، أن الوساطة القطرية بين «حماس» وإسرائيل مستمرة، وأن الكثير من المعلومات المنشورة في هذا الشأن مغلوطة.
وقال الأنصاري، إن هناك مفاوضات جدية تجري حالياً، وأن الوساطة القطرية تعمل على التوصل إلى وقف إطلاق نار مستدام.
وأشار إلى أن تلك الوساطة نجحت في إيصال الأدوية إلى مستشفيات القطاع المحاصر والمعزول عن الضفة الغربية المحتلة، وأيضاً للأسرى المحتجزين هناك، كما أنها تمكنّت من إخراج الدفعة التاسعة من الجرحى من غزة، ولفت إلى أن الدوحة كانت ولاتزال ترى أن إنهاء التوتر في المنطقة مرتبط بإنهاء الحرب على غزة، مؤكداً أن التصعيد في البحر الأحمر «يمثّل تهديداً كبيراً». وجدد المتحدث القطري موقف بلاده الذي يقر بأن الطريق الأمثل للتعامل مع الخلافات مع إيران هو عبر الحوار.