ماذا تريدون؟
بعد أن وضع عبدالرزاق السنهوري باشا معالم القوانين الكويتية الحديثة في نهاية الخمسينيات من القرن الماضي، كان من ضمنها قانون الجزاء الكويتي، عندها غضب عدد من المحافظين الإسلاميين على مشروع السنهوري للحداثة القانونية، واشتكوا للراحل عبدالله السالم من أن هذا المستشار المصري (السنهوري) يكتب لنا قوانين كافرة.
واستدعى عبدالله السالم الفقيه الكبير في قصره، واستفسر منه: ما هذا يا باشا؟! الناس يقولون إن القوانين التي تضعها تخالف الدين. عندها رد السنهوري: يا سمو الأمير، قبل أن أضع مشروعات تلك القوانين دعني أسألك، أولاً، هل كنتم تقطعون يد السارق في الكويت، فأجاب عبدالله السالم: طبعاً لا نفعل، وعاد السنهوري يسأل عبدالله السالم: وهل تجلدون شارب الخمر؟ (وكان أيامها مسموحاً ببيعه في كري ماكنزي ولم توجد أسواق سوداء ومزايدات على فضاءات التقوى والتدين) فرد عبدالله السالم نافياً، وكانت إجابة السنهوري حاسمة: لم أفعل شيئاً يا سمو الأمير غير أنني فعلت ما كنتم تمارسونه. حينها أمر عبدالله السالم: هاتوا مشروع القانون الآن، وقام بالتوقيع عليه.
تلك السالفة ذكرها المرحوم حمد العيسى، الذي كان أحد تلاميذ السنهوري، في لقاء تلفزيوني قديم، وكان حمد العيسى مرافقاً ومشاركاً للسنهوري في مشاريع تحديث قوانين الدولة (كان حمد تلميذاً لتلاميذ السنهوري مثل د. عبدالفتاح عبدالباقي ومحسن شفيق وغيرهما من الذين فقدناهم ولم نعوض بدلاً منهم منذ ذلك الزمن الجميل).
ما الذي تغير الآن، بعد أكثر من ستين سنة من الثورة التشريعية في ذلك الوقت، ليقفز علينا الآن عدد كبير من نواب الأمة مطالبين بالردة التشريعية، وبقلب قوانين الدولة بشعار عاطفي انفعالي يزعق عالياً «خلفاً در»؟! الدولة الكويتية بكاملها ومن دون دول الخليج قفزت للوراء عقوداً بعد عقود، وأضحت مثلثاً من الضجر والملل والنمطية والجمود وعدم مواكبة الزمن، فماذا تريدون يا عباقرة التجديد والتطور اليوم؟ ألم يقل لكم أحد إن «اللي فينا كافينا»؟
ماذا حدث في هذه الأيام العجفاء؟ هل كفرت قوانين الدولة بين ليلة وضحاها؟ هل اكتشف الفطاحل في المجلس أن الدولة كانت علمانية ملحدة كافرة منذ ولادتها وحان الآن وقت هدايتها ووضعها على الطريق القويم؟
العالم يتحول ويتغير في علومه في فكره في ثقافته، ديناميكية جدلية لا تتوقف أبداً، تندفع للأمام وتتراجع ثم تعود في سيرها الأبدي. فما الذي يحدث عندنا حين ينهض هؤلاء النواب وقواعدهم ليفجعونا بأبدية الثبات، ثم يحكموا علينا وعلى أجيالنا التي ستفجع حتماً بنتائج خيبات أولوياتهم في الغد القريب، الظاهر أنكم مصدقون أن لديكم ديموقراطية وحكم الأمة، وأنكم تطورون من القوانين، وكلها «خطوتين» وتصبح الكويت سويسرا الخليج بعاصمة قندهارية... اصحوا من أوهامكم.
واستدعى عبدالله السالم الفقيه الكبير في قصره، واستفسر منه: ما هذا يا باشا؟! الناس يقولون إن القوانين التي تضعها تخالف الدين. عندها رد السنهوري: يا سمو الأمير، قبل أن أضع مشروعات تلك القوانين دعني أسألك، أولاً، هل كنتم تقطعون يد السارق في الكويت، فأجاب عبدالله السالم: طبعاً لا نفعل، وعاد السنهوري يسأل عبدالله السالم: وهل تجلدون شارب الخمر؟ (وكان أيامها مسموحاً ببيعه في كري ماكنزي ولم توجد أسواق سوداء ومزايدات على فضاءات التقوى والتدين) فرد عبدالله السالم نافياً، وكانت إجابة السنهوري حاسمة: لم أفعل شيئاً يا سمو الأمير غير أنني فعلت ما كنتم تمارسونه. حينها أمر عبدالله السالم: هاتوا مشروع القانون الآن، وقام بالتوقيع عليه.
تلك السالفة ذكرها المرحوم حمد العيسى، الذي كان أحد تلاميذ السنهوري، في لقاء تلفزيوني قديم، وكان حمد العيسى مرافقاً ومشاركاً للسنهوري في مشاريع تحديث قوانين الدولة (كان حمد تلميذاً لتلاميذ السنهوري مثل د. عبدالفتاح عبدالباقي ومحسن شفيق وغيرهما من الذين فقدناهم ولم نعوض بدلاً منهم منذ ذلك الزمن الجميل).
ما الذي تغير الآن، بعد أكثر من ستين سنة من الثورة التشريعية في ذلك الوقت، ليقفز علينا الآن عدد كبير من نواب الأمة مطالبين بالردة التشريعية، وبقلب قوانين الدولة بشعار عاطفي انفعالي يزعق عالياً «خلفاً در»؟! الدولة الكويتية بكاملها ومن دون دول الخليج قفزت للوراء عقوداً بعد عقود، وأضحت مثلثاً من الضجر والملل والنمطية والجمود وعدم مواكبة الزمن، فماذا تريدون يا عباقرة التجديد والتطور اليوم؟ ألم يقل لكم أحد إن «اللي فينا كافينا»؟
ماذا حدث في هذه الأيام العجفاء؟ هل كفرت قوانين الدولة بين ليلة وضحاها؟ هل اكتشف الفطاحل في المجلس أن الدولة كانت علمانية ملحدة كافرة منذ ولادتها وحان الآن وقت هدايتها ووضعها على الطريق القويم؟
العالم يتحول ويتغير في علومه في فكره في ثقافته، ديناميكية جدلية لا تتوقف أبداً، تندفع للأمام وتتراجع ثم تعود في سيرها الأبدي. فما الذي يحدث عندنا حين ينهض هؤلاء النواب وقواعدهم ليفجعونا بأبدية الثبات، ثم يحكموا علينا وعلى أجيالنا التي ستفجع حتماً بنتائج خيبات أولوياتهم في الغد القريب، الظاهر أنكم مصدقون أن لديكم ديموقراطية وحكم الأمة، وأنكم تطورون من القوانين، وكلها «خطوتين» وتصبح الكويت سويسرا الخليج بعاصمة قندهارية... اصحوا من أوهامكم.