يبدو أن أزمة نقص العمالة المنزلية التي حذّرت «الجريدة»، على صدر صفحتها الأولى في 10 الجاري، من قرب حدوثها تزامناً مع حلول شهر رمضان المبارك بدأت تتفاقم بالتزامن مع التعميم الصادر، أمس، من رابطة وكالات التوظيف الأجنبية السريلانكية، والذي حدد تكلفة الحد الأدنى لاستقدام العاملة من هناك بـ 600 دينار.
وقرر التعميم ردّ 50 في المئة من تكلفة الاستقدام فقط، في حال هروب العاملة من رب العمل أو رفضها العمل لديه خلال فترة الاختبار المقررة بـ 6 أشهر، وليس كل المبلغ كما هو معمول به حالياً، «وفي حال فشل العاملة في اجتياز الفحص الطبي يعاد المبلغ كاملاً».
وقال المتخصص في شؤون العمالة المنزلية بسام الشمري لـ «الجريدة»، إن المبلغ الذي حدده التعميم السريلانكي كحد أدنى للاستقدام (600 دينار)، سيكون للعاملات اللاتي تزيد أعمارهن على 45 عاماً، أما اللاتي تتراوح أعمارهن من 21 إلى 45 عاماً فلا تقل تكلفة استقدامهن عن 700 دينار.
وأضاف الشمري أن «ثمة مصروفات إضافية تتحملها المكاتب المحلية عقب وصول العاملة إلى الكويت ليصل إجمالي التكلفة إلى نحو 780 ديناراً، دون إضافة المكتب هامش الربح المناسب، وهو أمر تعجيزي يستحيل معه استمرار الاستقدام»..
وفي تفاصيل الخبر:
تأكيداً لمانشيت «الجريدة» المنشور في 10 الجاري بعنوان «أزمة عمالة منزلية مع قرب رمضان»، والتي أشارت في تفاصيله إلى إبلاغ مكاتب تصدير العمالة المنزلية في سريلانكا نظيرتها الكويتية «وقف تصدير العمالة الجديدة إلى البلاد بصورة مؤقتة، إلى حين الانتهاء من درس قرار وزير التجارة والصناعة (2/ 2024) الذي حدد الحد الأقصى لسعر الاستقدام من دول آسيا شاملاً تذكرة السفر بـ 750 ديناراً»، أصدرت رابطة وكالات التوظيف الأجنبية في سريلانكا، أمس، تعميماً على مكاتب توريد العمالة هناك قضى بتحديد تكلفة استقدام العاملة المنزلية بـ 600 دينار، كحد أدنى، لجميع العمال المنزليين سواء أصحاب الخبرة بالعمل أو العقود الجديدة أول مرة.
ووفقاً للتعميم، الذي حصلت «الجريدة» على نسخة منه، فإنه تقرر ردّ نصف تكلفة الاستقدام فقط «50 في المئة» من المبلغ، في حال هروب العاملة من رب العمل أو رفضها العمل لديه خلال فترة الاختبار المقررة بـ 6 أشهر، وليس كامل المبلغ كما هو معموله به حالياً، أما في حال فشل العاملة في اجتياز الفحص الطبي بنجاح يعاد كل المبلغ إلى مكتب الاستقدام المحلي.
بوادر الأزمة
وقال المتخصص في شؤون العمالة المنزلية بسام الشمري، إن «بوادر أزمة نقص العمالة المنزلية، التي حذّرنا من حدوثها عبر «الجريدة»، بدأت تلقي ظلالها على السوق المحلي، لاسيما أن التعميم السريلانكي الأخير، يزيد معاناة مكاتب الاستقدام الكويتية ويضاعف خسائرها ويدفعها إلى وقف الاستقدام من كولومبو، في ظل قرار وزارة التجارة الذي حدد الحد الأقصى لسعر الاستقدام، وهو ما يعرضنا إلى خسائر مالية فادحة لا نستطيع تحملها».
وأوضح الشمري لـ «الجريدة» أن «التعميم السريلانكي حدد التكلفة الأدنى للاستقدام بواقع 600 دينار، غير أن هذا السعر للعاملات اللاتي تزيد أعمارهن على 45 عاماً، وهي الفئة الأقل طلباً من جانب صاحب العمل بالسوق الكويتي، أما العاملات الأكثر طلباً واللاتي تتراوح أعمارهن بين 21 و45 عاماً، فلا تقل تكلفة استقدامهن عن 700 دينار»، مشيرا إلى أن ثمة مصروفات إضافية تتحملها المكاتب المحلية عقب وصول العاملة إلى الكويت تقارب 80 دينارا موزعة كالاتي: 46 دينارا وثيقة تأمين للعاملة، و18 لتوثيق العقد بالسفارة، إضافة إلى 7 دنانير لتسلم العاملة من المطار، و5 رسوم إرسال «الفيزا» إلى الكويت.
وأضاف أن «إجمالي تكلفة استقدام العاملة من سريلانكا يقدر بنحو 780 ديناراً، دون إضافة هامش الربح المناسب للمكتب، وهو أمر تعجيزي يستحيل معه استمرار الاستقدام، الذي سيكبدنا خسائر فادحة تقودنا حتماً إلى الإفلاس والإغلاق».
مخالفة للقانون الكويتي
وأكد الشمري أن ما ذكره التعميم السريلانكي (بردّ نصف تكلفة الاستقدام فقط من المبلغ، حال هروب العاملة من رب العمل أو رفضها العمل لديه خلال فترة الاختبار المقررة بـ 6 أشهر، وليس كل المبلغ كما هو معمول به حالياً)، مخالفة صارخة وصريحة لنص المادة رقم 17 من القانون 68/ 2015 الصادر بشأن العمالة المنزلية، والتي قضت بأن «يضمن مكتب الاستقدام استمرارية العامل المنزلي مدة 6 أشهر في العمل، ويتعيّن عليه خلالها إعادة العامل المنزلي إلى بلده، وردّ المبالغ التي تقاضاها من صاحب العمل في 6 حالات منها: رفض العامل المنزلي الاستمرار بالعمل أو تركه إلى جهة غير معلومة».
وأهاب برئيس مجلس الوزراء سمو الشيخ محمد الصباح، إلى التدخل العاجل لحل هذه الأزمة التي بدأت تزداد وتيرتها، «مع ضرورة إعادة النظر في قرار وزارة التجارة الخاص بالأسعار، لضمان استمرار عملية استقدام العمالة المنزلية التي باتت مهددة بالوقف، بما ينذر بتفاقم الأزمة، لاسيما مع قرب حلول شهر رمضان المبارك، واستمرار وقف استقدام العمالة الفلبينية الذي بدأ قبل نحو عام تقريباً»، مشدداً على اضطلاع الجهات الحكومية المعنية بدورها المنوط، وفتح أسواق جديدة لاستقدام هذه العمالة المنزلية، بما يحدث توازناً ويحل أي مشكلات لنقص العمالة.
قرار غير مدروس
وفي موازاة التعميم السريلانكي، أصدر الاتحاد الكويتي لأصحاب مكاتب استقدام العمالة المنزلية بياناً أبدى خلاله استغرابه من قرار وزارة التجارة بشأن تعديل أسعار الاستقدام، واصفا إياه بـ «الصادم والارتجالي وغير المدروس»، مناشداً وزير التجارة تشكيل لجان لإعادة النظر في قرار الأسعار والوقوف على التكلفة الحقيقية للبلدان المصدرة والمستقدمة للعمالة المنزلية، والاطلاع جيداً على أسعارها في دول الخليج ومقارنتها بالكويت.
وشدد الاتحاد على أن اتخاذ قرار تحديد اسعار الاستقدام يجب أن يتم عبر لجنة تضم ممثلين عـن الجهات الحكومية المعنية والهيئة العامة للقوى العاملة، إضافة إلى ممثلين عن الاتحاد، بما يضمن إصدار قرار يرضي الاطراف كافة ويتماشى ومتطلبات السوق ويكون منصفا وعادلا للجميع.
ولفت إلى أن الكويت تعد الأرخص في أسعار الاستقدام خليجياً، بل إن الفارق كبير بينها والدول الشقيقة التي لديها اسعار مرتفعة جدا مقارنة بالكويت، كما أن لديهم تسعيرة محددة ومعلنة للجميع، مؤكدا أن الأسعار التي حددتها «التجارة» غير مدروسة بجدية وواقعية وغير مجدية اقتصادياً لمن يمارس نشاط الاستقدام ولا تلبي متطلبات ومواصفات العمالة المرغوب في استقدامها، وتساءل: من سيتحمل فارق السعر؟.