هل تسحب واشنطن قواتها من العراق وسورية؟
«الخارجية» العراقية تتحدث عن جدول زمني... و«الفصائل» عن كسر مراحل
مع تواصل الهجمات ضد القوات الأميركية في العراق وسورية منذ 7 أكتوبر، موعد انطلاق حرب غزة المدمرة، وجدت الولايات المتحدة، التي كانت تتحدث قبل بضعة أشهر عن نيتها تقليص وجودها العسكري في منطقة الشرق الأوسط، نفسها في موقف يحتم عليها الرد على الضربات التي تتلقاها قواتها بهدف الردع والاحتواء، ما فتح الباب أمام خطر الانزلاق الى تصعيد أوسع.
وفي محاولة لتجنب ذلك، يبدو أن واشنطن أطلقت نقاشات حول الأهداف الاستراتيجية لوجودها في المنطقة، وكيف يمكنها التعامل مع التحديات لضمان تحقيق هذه الأهداف. في هذا السياق تواترت تقارير أميركية عن احتمال انسحاب أميركي من سورية والعراق، وهو أمر قد يحفز حلفاء واشنطن المحليين والإقليميين على زيادة الانخراط في البحث عن سبل للخروج من حالة الاستعداء الحالية، المرتبطة أساسا باستمرار الحرب الإسرائيلية على غزة.
في هذا السياق، قالت أربعة مصادر مساء أمس الأول، لـ«رويترز»، إن الولايات المتحدة والعراق بصدد بدء محادثات تهدف إلى إنهاء مهمة التحالف العسكري الذي تقوده الولايات المتحدة في العراق.
وقالت ثلاثة مصادر إن الولايات المتحدة نقلت استعدادها لبدء المحادثات إلى الحكومة العراقية، في رسالة سلمتها السفيرة الأميركية بالعراق آلينا رومانوسكي لوزير الخارجية العراقي فؤاد حسين مساء أمس الأول.
وأفادت ثلاثة مصادر بأن الولايات المتحدة أسقطت بهذه الخطوة شروطا مسبقة بأن توقف فصائل عراقية مسلحة مدعومة من إيران الهجمات عليها أولا. ولم تكن واشنطن ترغب في التفاوض على انسحاب محتمل بينما تتعرض لهجمات، إذ تخشى من أن يبدو أي تغيير في المهمة وكأنه يحدث تحت ضغط، الأمر الذي من شأنه أن يعطي جرأة لمنافسين إقليميين من بينهم إيران. وقال مصدران إن الحسابات تغيرت وسط إدراك أن الهجمات لن تتوقف على الأرجح، وأن الوضع الراهن يؤدي إلى تصعيد مطرد.
وذكرت وزارة الخارجية العراقية أنه جرى تسلم رسالة مهمة، وأن رئيس الوزراء سيدرسها بعناية، من دون الخوض في تفاصيل، قبل أن تعلن أنه تم الاتفاق على جدول زمني لوجود مستشارين التحالف في العراق.
وذكر مسؤول أميركي أن الولايات المتحدة والعراق قريبان من الاتفاق على بدء حوار اللجنة العسكرية العليا الذي أُعلن في أغسطس، وأضاف أن اللجنة ستسمح بالتقييم المشترك لقدرة قوات الأمن العراقية على قتال تنظيم داعش «وتحديد طبيعة العلاقة الأمنية الثنائية».
وتابع المسؤول: «نجري مناقشات منذ أشهر. التوقيت لا يتعلق بالهجمات التي حدثت مؤخرا. ستحتفظ الولايات المتحدة بكامل حقها في الدفاع عن النفس خلال المحادثات».
وتنفذ الهجمات بقيادة فصائل مسلحة عراقية تربطها صلات وثيقة بإيران، وأغلبها غير ممثلة في البرلمان أو الحكومة لكنها تتمتع بتأثير على عملية صنع القرار.
ويأمل مسؤولون عراقيون وأميركيون أن يسهم بدء المحادثات رسميا في تخفيف الضغط السياسي على حكومة محمد شياع السوداني وربما تقليل الهجمات على القوات الأميركية.
وخلال زيارة رسمية للعراق أمس، أعلن وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس أن الهجمات التي تستهدف القوات الأجنبية التابعة للتحالف الدولي «يجب أن تتوقف».
وقال الوزير الإسباني، خلال مؤتمر صحافي في بغداد مع نظيره العراقي فؤاد حسين، «نحن هنا بناء على طلب الحكومة العراقية، وسنغادر عندما تنظر الحكومة العراقية في ذلك».
كسر المراحل
وفي تعليق على هذه التقارير، ذكر أمس الأمين العام لـ «حركة النجباء»، وهي حركة مسلحة منضوية في ائتلاف «المقاومة الإسلامية في العراق»، الذي تبنى أكثر من 150 هجوما ضد الأميركيين في العراق وسورية، «المقاومة وصلت إلى مرحلة كسر المراحل في عملياتها العسكرية لنصرة غزة وتحرير العراق».
جاء ذلك، فيما أعلنت «المقاومة الإسلامية في العراق» أمس عن قصف ميناء أسدود الإسرائيلي بطائرة مسيرة. وكان مسؤول في الائتلاف هدد بتصعيد الضربات في البحر المتوسط ردا على قصف اميركي استهدف مواقع للفصائل.
الخروج من سورية
إلى ذلك، نشرت وسائل إعلام أميركية، بينها موقع «المونيتور» ومجلة «فورين بوليسي» تسريبات متقاطعة، تحدثت عن مناقشة «مجلس الأمن القومي» في البيت الأبيض انسحابا وشيكا للقوات الأميركية من سورية.
وذكر «المونيتور» أن الإدارة الأميركية طرحت خطة على «قوات سورية الديموقراطية» الكردية (قسد) للدخول في شراكة مع الحكومة السورية في الحملة ضد تنظيم داعش، بهدف ضمان حماية «قسد» على المدى الطويل بعد الانسحاب الاميركي.
وأشارت «فورين بوليسي» الى أن «البيت الأبيض لم يعد يستثمر في المهمة القائمة بسورية، التي ينظر إليها على أنها لم تعد ضرورية، ولهذا يدور نقاش نشط داخل الإدارة لتحديد متى وكيف يتم سحب القوات».
ونفت ادارة الرئيس جو بايدن صحة الأنباء عن وجود خطة للانسحاب من سورية، ونقلت «سي إن إن» عن مسؤول أميركي قوله: «لا نعتزم سحب قواتنا من سورية، وهذه القضية ليست قيد النظر».