رغم التقديرات المتفاوتة بشأن قوة ومفاعيل قرار محكمة العدل الدولية، الذي صدر أمس الأول في القضية التي رفعتها جنوب إفريقيا ضد إسرائيل، وطالب الأخيرة باتخاذ تدابير وإجراءات لمنع حصول إبادة في قطاع غزة، حيث قتلت قواتها أكثر من 26 ألف فلسطيني أغلبيتهم مدنيون، لاقى القرار الذي يزيد الضغوط على إسرائيل لوقف الحرب ترحيباً دولياً خصوصاً من الدول العربية.
ورحبت وزارة الخارجية الكويتية أمس الأول بالقرار، وقالت، في بيان، إن «قرار المحكمة رغم عدم تلبيته لمطلب وقف إطلاق النار والعدوان ضمن الإجراءات المؤقتة التي أعلنتها المحكمة، فإنه يمثل خطوة مهمة في سبيل وضع حد لممارسات الاحتلال التدميرية».
وأثنت الكويت على الخطوة التي اتخذتها جنوب إفريقيا، مجددة مطالباتها المجتمع الدولي بـ «الضغط على الكيان المحتل لإيقاف عدوانه، ورفض عمليات التهجير القسري، وضمان الوصول الفوري للمساعدات الإنسانية والإغاثية إلى القطاع».
وفي حين توالت ردود الفعل العربية والدولية المرحبة بقرار المحكمة، الذي فرض إجراءات عاجلة لحماية غزة، وزاد الضغوط على سلطات الاحتلال، وندد قادة إسرائيل بمجمله، أعلنت فرنسا بصفتها رئيسة الدورة الحالية لمجلس الأمن الدولي، أن المجلس سيعقد اجتماعاً طارئاً، الأربعاء المقبل، لبحث التدابير العاجلة التي أقرتها المحكمة.
ووصفت الخارجية البريطانية الدعوى القضائية بالاستفزازية، وقالت إنها لا تساعد على إرساء وقف شامل لإطلاق النار، في حين أكدت الخارجية الأميركية أن واشنطن لا تزال تعتقد أن مزاعم الإبادة الجماعية ضد إسرائيل «لا أساس لها».
من جهته، يعقد مجلس جامعة الدول العربية دورة غير عادية على مستوى المندوبين الدائمين اليوم برئاسة المغرب، بناء على طلب فلسطين لاتخاذ موقف عربي موحد إزاء قرار «العدل الدولية».
إلى ذلك، انضمت بريطانيا وكندا وإيطاليا وأستراليا وفنلندا للولايات المتحدة بإعلان تعليق فوري لتمويل منظمة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) بعد إعلان إسرائيل أنها سلمتها «أدلة» تدين 12 من موظفي المنظمة بالضلوع في هجوم «طوفان الأقصى» الذي شنته حركة حماس، وأطلق شرارة الحرب الحالية في 7 أكتوبر الماضي.
في المقابل، نددت السلطة الفلسطينية و«حماس» باستهداف «الأونروا»، ودعت الأخيرة المنظمات الدولية إلى عدم الخضوع للابتزاز الإسرائيلي.
ميدانياً، شهدت خان يونس معارك ضارية بين «حماس» والجيش الإسرائيلي الذي أكد استمرار أوامره بإخلاء أحياء كاملة من سكانها.
وفي تفاصيل الخبر:
في وقت يستعد مجلس الأمن الدولي لعقد جلسة طارئة، الأربعاء المقبل، للنظر في منح القرار التاريخي لمحكمة العدل الدولية قوة تنفيذية، أعربت وزارة الخارجية عن ترحيب دولة الكويت بقرار المحكمة القاضي بمطالبة الاحتلال الإسرائيلي باتخاذ كل التدابير التي نصت عليها اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني، إثر دعوى تقدمت بها جنوب إفريقيا أمام المحكمة العالمية باعتبار أن نتائج العدوان المتواصل على غزة منذ 113 يوماً يعتبر خرقاً للاتفاقية.
وأكدت «الخارجية» في بيان، ليل الجمعة ـ السبت، أن قرار المحكمة رغم عدم تلبيته لمطلب وقف إطلاق النار والعدوان ضمن الإجراءات المؤقتة التي أعلنتها المحكمة، فإنه يمثل خطوة مهمة في سبيل وضع حد لممارسات الاحتلال التي طالت بالتدمير جميع جوانب حياة ومرافق الشعب الفلسطيني.
كما شددت على ضرورة امتثال الكيان المحتل للقرار واحترام كل مبادئ القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني والقرارات الدولية الصادرة عن منظمة الأمم المتحدة، التي طالبت منذ بداية العدوان الإسرائيلي على غزة بإرغام المحتل على وقف العدوان.
وأثنت الكويت، في البيان، على الخطوة التي اتخذتها جنوب إفريقيا في تقديمها لتلك الدعوى القضائية، مجددة مطالباتها المجتمع الدولي بالضغط على الكيان المحتل لإيقاف عدوانه المستمر منذ أكثر من 3 أشهر وحصد أرواح أكثر من 26 ألفاً من السكان معظمهم من النساء والأطفال.
ودعت الكويت مجدداً إلى العمل الجماعي وبحزم أكبر لوقف إطلاق النار ورفض عمليات التهجير القسري وضمان الوصول الفوري للمساعدات الإنسانية والإغاثية إلى قطاع غزة.
ترحيب وضغوط
وجاء ذلك في وقت توالت ردود الفعل العربية والدولية المرحبة بقرار أعلى محكمة تابعة للأمم المتحدة بفرض تدابير مؤقتة لوقف الإبادة الجماعية في غزة خلال الجلسة التي عقدتها للنطق بالحكم الأول في الدعوى التي رفعتها جنوب إفريقيا ضد إسرائيل، بتهمة ارتكاب إبادة جماعية خلال الحرب الانتقامية التي تشنّها على «حماس» منذ 7 أكتوبر الماضي.
وقالت رئيسة المحكمة بمقرها في لاهاي - هولندا، جوان إي دونوغو، إن بعض الحقوق التي تسعى جنوب إفريقيا للحصول عليها تبدو منطقية، مضيفة أن المحكمة تقرّ بحق الفلسطينيين في غزة في الحماية من أعمال الإبادة الجماعية.
وزاد حكم المحكمة من الضغوط على سلطات الاحتلال لتقليص أو إنهاء حربها التي تسببت في مقتل 26257 فلسطينيا وإصابة 64797 منذ 7 أكتوبر الماضي.
ومع ذلك، «لا ينبغي النظر إلى انتصار جنوب إفريقيا الجزئي باعتباره إشارة إلى أن المحكمة ستحكم بالضرورة لمصلحتها في وقت لاحق، لأن تلبية متطلبات الفوز في قضية الإبادة الجماعية على أساس موضوعي أصعب كثيراً من تلبية العتبة المنخفضة لاتخاذ التدابير المؤقتة».
وندد المسؤولون الإسرائيليون، الذين أنكروا بشدة اتهامات الإبادة الجماعية، بأمر التدابير المؤقتة، لكنهم أعربوا عن ارتياحهم لأن المحكمة لم تأمر بوقف إطلاق النار.
قوة تنفيذية
وفي حين تتباين رؤية الأفراد والمجتمعات لقيمة حكم المحكمة الملزم قانوناً للدول، بسبب غموض الكيفية التي يمكن تطبيقه بها على أرض الواقع أو تحوله إلى «كلمات فارغة»، أعلنت رئاسة مجلس الأمن الدولي، أنّ المجلس سيعقد اجتماعاً طارئاً، الأربعاء المقبل، بطلب من الجزائر، «بغية إعطاء قوة إلزامية لحكم محكمة العدل الدولية فيما يخص الإجراءات المؤقتة المفروضة على إسرائيل».
وأكدت فرنسا التي تترأس الدورة الحالية لمجلس الأمن أنها ملتزمة بشكل تام باحترام القانون الدولي، معربة عن ثقتها ودعمها الكامل لـ «محكمة العدل».
وبينما تعتبر الطريقة الوحيدة لتنفيذ أمر المحكمة العالمية هي من خلال تصويت مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، يرى خبراء أن الولايات المتحدة ستكون على استعداد لاستخدام حق النقض (الفيتو) لحماية حليفتها الأبرز بالشرق الأوسط.
ويعتبر قرار الجمعة ابتدائياً، بمعنى أنه لم تقرر المحكمة بعد إذا ما كانت إسرائيل ترتكب «إبادة جماعية»، إذ يرجح أن يتخذ القرار النهائي بذلك في غضون سنوات.
أزمة «أونروا»
إلى ذلك، توعد وزير الخارجية الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، أمس، بالسعي لمنع وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) من العمل في غزة بعد انتهاء الحرب، إثر اتهام الدولة العبرية موظفين في الوكالة الأممية بالضلوع في هجوم «طوفان الأقصى» الذي شنته «حماس» في 7 أكتوبر الماضي.
وقال كاتس إن وزارة الخارجية تهدف إلى ضمان «ألا تكون أونروا جزءاً من المرحلة التي تلي الحرب»، مضيفاً أنه سيسعى إلى حشد الدعم من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وأطراف مانحة أخرى رئيسية.
في موازاة ذلك، انضمت إيطاليا وأستراليا وكندا وفنلندا وبريطانيا لقائمة دول أعلنت تعليق تمويلها لـ«أونروا» على خلفية الاتهامات الإسرائيلية.
وفي وقت سابق، أعلنت الحكومة الأميركية أنها ستوقف على الفور تمويل «أونروا»، بعد «الأدلة» التي قدمتها الحكومة الإسرائيلية، والتي زعمت أن 12 من موظفي الوكالة شاركوا في هجوم «حماس».
وكان المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني قد أعلن ليل الجمعة أن مؤسسته قامت بشكل فوري بإنهاء عقود موظفين أمدته السلطات الإسرائيلية بمعلومات تتهمهم بالضلوع في هجوم «طوفان الأقصى» داخل المستوطنات اليهودية لغلاف غزة. وأشار إلى «فتح تحقيق حتى إثبات الحقيقة بدون تأخير».
في المقابل، نددت حماس بـ «التهديدات والتحريضات» الإسرائيلية ضد «أونروا»، داعية الأمم المتحدة والمؤسسات الدولية إلى عدم الخضوع لابتزازات الاحتلال الذي «يسعى لقطع كل شرايين الحياة عن شعبنا». كما دانت الحركة الفلسطينية اتهام سلطات الاحتلال لمنظمة الصحة العالمية بالتواطؤ معها.
وفي رام الله بالضفة الغربية، أكد أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، حسين الشيخ، أن قرار بعض الدول وقف تمويلها «ينطوي على مخاطر كبيرة سياسية وإغاثية»، مطالباً بالعدول عن القرار.
السيسي وبايدن
في السياق، بحث الرئيس الأميركي جو بايدن مع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد، بشكل منفصل، تطورات الصراع بغزة وجهود الوساطة لإبرام اتفاق تبادل محتجزين ووقف إطلاق النار أو اقرار هدنة انسانية لحماية المدنيين وادخال المساعدات للقطاع.
وفي وقت أفاد تقرير بأن القاهرة تدرس استدعاء سفيرها، بعد أن اتهمت إسرائيل السلطات المصرية بعرقلة المساعدات لغزة أمام محكمة العدل، كشف تسريب نشرته صحيفة معاريف العبرية، أن بايدن، أبلغ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بأنه لن يؤيد حرباً على غزة مدتها عام.
وسلطت الصحيفة الضوء على تضارب الرؤى بشأن الحملة العسكرية على القطاع في شهرها الرابع وتصاعد أزمة الخلافات بين البيت الأبيض ونتنياهو.
ميدانياً، شهدت مدينة خان يونس اشتباكات ضارية بين عناصر حركتَي حماس والجهاد والجيش الإسرائيلي، بينما أفادت تقارير بوقوع اشتباكات بين أهالي ونشطاء يضغوط على حكومة نتنياهو لإبرام صفقة تبادل للأسرى مع «حماس» بأي ثمن وسكان من مستوطنات غلاف غزة.