أول العمود: كيف سيكون العالم العربي بعد طوفان غزة؟
***
يشكل إهمال شرائح عديدة من سكان الكويت من إفادتهم من مزايا الثقافة جزءاً من التراجع النسبي الذي يشهده المشهد الثقافي العام في المجتمع، إذ لا يزال التأخير غير المبرر لتحقيق الأهداف الكبيرة والمهمة للثقافة سارياً ومن دون جهود حقيقية للتغيير، ومن تلك الأهداف: التشارك بين القطاعين الرسمي والخاص في التنمية الثقافية، وتحقيق مبدأ الاستدامة، والفائدة العامة للسكان، واعتبار الثقافة موضوعاً للإنتاج وتحسين المعيشة لأصحابه عبر تفعيل أساليب التمويل وخلق الصناديق المالية المتخصصة.
في الكويت هناك شرائح لا يطولها الاهتمام بالشأن الثقافي الذي أصبح دواء للناس في العالم أجمع في سلوكهم وحياتهم اليومية، والثقافة هنا تعني الكتابة والقراءة والمسرح والتراث والموسيقى والطعام والرياضات البدنية المتنوعة وأشياء لا تحصى.
الشرائح المهملة هنا كبيرة العدد ومنها (3.28 ملايين) مقيم في البلاد والذين يتجاوز تعداد بعض الجاليات فيها إلى نصف مليون فرد! هناك أيضاً آلاف النزلاء في المؤسسات الإصلاحية (لا تقل عن 3 آلاف) الذين يجب الاهتمام بوقتهم وتفعيل بعض الأنشطة الثقافية وخاصة القراءة والتحصيل العلمي لإشغال وقتهم المهدر، ويضاف إلى ذلك الإهمال البيّن الذي تعانيه مكتبات مدارس وزارة التربية والمكتبات العامة في المناطق السكنية التابعة للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، وهي بالمئات، وتعاني من الهجرة السلبية بسبب بعدها عن تكنولوجيات البحث الحديث وفي ذلك تفويت الفرصة لآلاف من الناشئة واليافعين من الاستفادة من الأنشطة الثقافية غير المدرسية. ما نتحدث عنه هنا من شرائح اجتماعية تتجاوز نصف عدد السكان في دولة الكويت، ومن شأن الاهتمام بها التقليل من النظرة التمييزية ضد بعض الشرائح وخلق جسور بين مؤسسات تعطل التواصل فيما بينها وتسبب في إضاعة فرص تحقيق التماسك الاجتماعي الذي تُعد الثقافة اساساً لها.
الثقافة في الكويت بحاجة إلى نمط إدارة جديد يوصلها للجميع.