هناك مواضع فيها خلاف بين برنامج الحكومة المتوقع وخريطة المجلس المعلنة، تمثل عائقاً أمام التفاؤل الزائد الذي يصدر من البعض، وقد تشكّل هذه المواضع محطات أزمة بين السلطتين، فلن يكون طريقهما مفروشاً بورد التعاون الدائم في جميع المواضيع.

أولى هذه المحطات هي اقتراحات التعديلات على اللائحة الداخلية، لكي يصح عقد الجلسات دون حضور الحكومة، ومنع الحكومة من التصويت على مواعيد الاستجوابات ودستوريتها، وكذلك التصويت العلني على منصبَي الرئيس ونائب الرئيس.

Ad

وترى الحكومة ومعظم الأساتذة الدستوريين أن هذه قضايا دستورية ولا يجوز تغييرها من خلال اللائحة.

وثاني هذه المحطات هي القوانين المتعلقة بالتأمينات وبالصرف المالي، حيث يرى المتخصصون أنها قوانين تضر بالمالية العامة والاقتصاد في ظل المصدر الوحيد للدخل وعجز الميزانية، فهل سترفضها الحكومة أم ستؤجلها إلى ما بعد الرؤية الاقتصادية الجديدة التي أعلن عنها سمو رئيس مجلس الوزراء؟

وثالث هذه المحطات هي قدرة الحكومة على حماية احتياطي الأجيال من السحب الذي قد يكون حتمياً إذا استمر العجز وأصر الأعضاء على اقتراحاتهم المالية، خاصة إذا لم يتم ضبط التضخم.

والمحطة الرابعة هي القوانين التي ردّها الأمير إذا أصر المجلس على التصويت عليها دون تعديل جذري وأصرت الحكومة على رفضها.

والمحطة الخامسة هي قوانين الانتخاب والدوائر الانتخابية والخلاف فيها شديد حتى بين الأعضاء أنفسهم، فأي جانب ستساند الحكومة؟ خاصة أن أي تغيير سيؤدي إلى اختلاف كبير في شكل المجلس القادم.

والمحطة السادسة هي قوانين الجنسية والحقوق المدنية للبدون، وقانون جمعية المحامين، وهي مخالفة لكلمة سمو أمير البلاد التي ستلتزم بها الحكومة قطعاً، إضافة إلى قانون هيئة الجنسية الكويتية للتحقيق في التزوير والازدواجية.

والمحطة السابعة هي إصرار بعض الأعضاء على إلصاق تهمة باطلة، وهي وأد الحريات وتكميم الأفواه بالبلاد، وكان هذا شعارهم الذي أشاعوه وصدّقه البعض، وأدى إلى ضغوط مختلفة وصدور العفو الذي انتقده أمير البلاد، علماً بأنه لا يوجد أي تضييق على الحريات ولا تكميم للأفواه كما يدّعون، فنحن نتمتع بحمد الله بحريات هائلة، وأي إخلال بقوانين المطبوعات والمرئي والمسموع والجرائم الإلكترونية سيؤدي إلى التعدي على الثوابت الأميرية والشرعية وكرامات المواطنين والإخلال بالأمن.

هذه سبع محطات لمواضيع قد تشكّل اختلافاً شديداً بين الحكومة والمجلس، ووجودها ينقلنا من التفاؤل المفرط إلى التفاؤل الحذر، الذي لا بدّ معه للحكومة من التسلح بالدستور وبقوة الأرقام والبيانات والإصرار على التمسك بالطرح العلمي في برنامجها بعيداً عن المجاملة والمصالح الآنية.