عندما تكون لدى رئيس الوزراء خريطة طريق بهذا الوضوح، عليه أن يمضي بإحداثياتها من دون هوادة، وقد جاءت من خلال النطق السامي التاريخي لسمو أمير البلاد حين قال: «تعاونت السلطتان التشريعية والتنفيذية، واجتمعت كلمتهما على الإضرار بمصالح البلاد والعباد، وما حصل من تعيينات ونقل في بعض الوظائف والمناصب التي لا تتفق مع أبسط معايير العدالة والإنصاف، وما حصل كذلك في ملف الجنسية من تغيير للهوية الكويتية، وما حصل في ملف العفو وما ترتّب عليه من تداعيات وما حصل من تسابق لملف ردّ الاعتبار لإقراره، لهُو خير شاهد ودليل على مدى الإضرار بمصالح البلد ومكتسباته الوطنية».

وقال سموه: «.... هذا العبث المبرمج لهذه الملفات وغيرها مما أسبغ عليها صفة الشرعية، وكأن الأمر أصبح بهذا السكوت يمثّل صفقة تبادل المصالح والمنافع بين السلطتين على حساب مصالح الوطن والمواطنين، لهذا جاء قرارنا السيادي مكتوباً بوقف جزء من هذا العبث، من خلال وقف قرارات التعيين والترقية والندب لأجل مسمى، وسيتم إن شاء الله التعامل مع بقية الملفات الأخرى فيما بعد بما يحقق مصالح البلاد العليا».

فلماذا رحلت السلطة التنفيذية، استجابة لخريطة الإصلاح، وبقيت السلطة التشريعية رغم إضرارها بمصالح البلاد والعباد وانتفاعها على حساب الوطن والمواطنين؟! ومما يؤكد إصرار «التشريعية» على هذا العبث، انقضاض بعض النواب مجدداً على مكاتب الوزراء الأسبوع الماضي فور انتهاء مدة وقف التعيينات والنقل والندب، مطالبين بذلك، ومهددين بالاستجواب، بالمخالفة لتحذيرات النطق السامي!
Ad


ولذلك يجب على رئيس الوزراء وضع قيود صارمة تمنع تدخّلات النواب، يليها التصدي لملف العبث بالجنسية بإنشاء هيئتها العليا، ثم إعادة النظر بملف العفو ووقف ملف رد الاعتبار لتعلّقهما بأمن الدولة، إضافة إلى التعامل مع ملفات أخرى دمّر بعضها منظومة التعليم حين خضعت الحكومة للمجلس مقابل دعمها بالاستجواب الأخير!

نقول للدكتور محمد الصباح: لا يمكنك التنازل عن أي ملف، وأمامك طريقان للتعامل مع هذا المجلس الذي فاجأتنا - بدبلوماسيتك التي نأمل أن تكون شكلية - بمدّ يد التعاون معه، الطريق الأول «شعرة معاوية»، بمعنى «إن مدوها خلّيتها وإن خلوا مددتها»، وهي برأينا لن تنفع، لأن جميع الملفات التي ذكرناها تمسّ مصالحهم، ليبقى لك طريق واحد، وهو - مجازاً - أسلوب عبدالله الأحمد الذي يصادف اليوم ذكرى وفاته في عام 1957، بتقديم عصا عدم التعاون في حال المواجهة، فالحل برأينا هو حل هذا المجلس.

***

حل لغز استهداف «داعش» لحسينيات إخواننا الشيعة بالكويت سهل جداً! لأننا نبدو للدول والأحزاب الإرهابية أكثر أماناً لخلاياهم الإجرامية، مقارنة مع بعض الدول المجاورة التي تنفّذ أحكام إعدام الإرهابيين فوراً، وربما خلال التحقيقات، أما نحن وبعد الأداء الرائع لرجال الشرطة والمباحث والنيابة والقضاء لضبط وإدانة المجرمين... نعفو عنهم!

فحين عفونا عن مجرمي التفجيرات الإرهابية خلال الثمانينيات، جاءتنا خلية العبدلي لنعفو عنهم أيضاً، بل وخرجوا محمولين على الأكتاف، بينما هم مدانون بجرائم الخيانة العظمى! فهل صار واضحاً الآن لماذا يستهدفنا الإرهاب؟!

***

إن أصبت فمن الله، وإن أخطأت فمن نفسي.