يدأب الأستاذ في كلية الآداب بجامعة الكويت د. عبدالله القتم على تقديم دراسات وبحوث متفردة، فلا ينتقي موضوع بحثه من المتيسّر والمتداول، بل يعكف على انتقاء الفكرة ثم تطويرها والإلمام بكل جوانبها، ثم تحديد الهدف والعمل على التفرّد، وضمن هذا الإطار يود إثراء المشهد الأدبي بإصدارات مختلفة عن السائد تجمع بين المعلومة الدقيقة والمضمون الجميل والجديد، وإن كان الحديث عن عصور سابقة.

وقد أنجز القتم أحدث إصداراته المتعلق بشعر قبيلة عبدالقيس، وسيكون بعنوان ديوان قبيلة عبدالقيس حتى نهاية العصر الأموي، ويتكون من جزأين، يضم كل جزء 420 صفحة، تركّز على 108 شعراء ينتمون لقبيلة عبدالقيس، وقد عاشوا في فترات متفرقة أثناء الإسلام، ولهم مكانة كبيرة؛ سواء كانوا من صحابة الرسول الكريم أو الذين شاركوا في الفتوحات الإسلامية.

يقول القتم في مقدمة الإصدار: ينقسم العرب إلى قبائل وعشائر، منهم المشهورون ومنهم الأقل شهرة، وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه «أن القران نزل على سبعة أحرف»، وفسّر بعض العلماء بأنها لهجات القبائل العربية، وكان العرب يسكنون في شبه الجزيرة العربية، وما حولها، ومن خلال الفتوحات الإسلامية انتشرت القبائل العربية فيما يُعرف الآن بالوطن العربي الكبير، حيث يستوطن ذريّة العرب معظم تلك البلاد، أو أن لهم أغلبية ساحقة.
Ad


وتابع: «سبق لبعض الباحثين أن كتبوا عن معظم القبائل العربية؛ مثل قبائل قريش أسد، وعبس، وذبيان، وبني عامر وطيء، وتغلب، وبني كلب، وغيرها من القبائل العربية، ولكن بقيت بعض القبائل الأخرى لم يتم الحديث عنها، ولم يبرز العلماء أوجه نشاطها، فهناك من تناول تاريخ القبيلة، أو شعرها وأدبها، ومن هذه القبائل قبيلة عبدالقيس التي ذكرت كثيراً في التاريخ، ولكن لم يتم الكتابة عن تاريخها، أو بيان شعرها في الجاهلية والإسلام».

وعن مضمون الإصدار ومحتواه، يقول القتم ضمن هذا السياق: «هذا الكتاب يتناول تاريخ قبيلة عبدالقيس، التي كانت تسكن شرقي الجزيرة العربية، وهي من أكبر القبائل في المنطقة، ثم نعرج على شعراء القبيلة، ومعرفة شعرهم، أو ما بقي من أشعار شعرائها، حتى نهاية العصر الأموي، وقد جمعت مئة وثمانية شعراء بما توافر لديّ من مراجع وكتب ذكرت شعراء عبدالقيس».

وعن الفترة الزمنية التي استغرقها لإنجاز الإصدار، قال: منذ سنوات وأنا أجمع مصادر البحث، وتيسرت لي الأمور لأقوم بجمع مجموعة من الشعراء، كانوا حصيلة المصادر والمراجع التي جمعتها، وتضمّن هذا البحث مجموعة من الشعراء؛ بعضهم من المشهورين وكثير منهم من المغمورين، ولكن بعض شعراء عبدالقيس لم أعثر لهم على شعر، أو أن مصادري لم تورد لهم شيئاً من الشعر.

واختتم د. القتم حديثه، بالقول: «أسأل الله أن يكون هذا العمل خدمة للإسلام والمسلمين، لما لهذه القبيلة من مكانة في تاريخ الإسلام، لكونهم أسلموا طوعاً، وانخرطوا في الفتوحات الإسلامية وناصروا الحق ودفعوا الباطل».

تنتمي قبيلة عبدالقيس إلى ربيعة، فهم بنو عبدالقيس بن أفصى بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار، والنسبة إليها عَبدِي: بفتح العين المهملة، وسكون الباء المنقوطة بواحدة، وآخرها دال مهملة، وقد يقال: عبقسي، وتاريخها معروف ومشهور في كتب التاريخ.

ويذكر القتم في إصداره: ولد عبدالقيس بن أفصى، أفصى، ومنه ولد شن، ولكيز، وهما قبيلان، فمن لكيز ولد وديعة، وصباح، ونكرة، وهؤلاء بطون، ثم ولد وديعة عمرو وغنم ودهن، وهؤلاء بطون، فمن عمرو بن وديعة ولد أنمار وعجل والديل ومحارب، وهؤلاء بطون. وولد أنمار بن عمرو بن وديعة مالك وثعلبة وعائدة وسعد وعوف والحارث وهؤلاء بطون. وولد الحارث بن أنمار: ثعلبة، وهو بطن، ومنهم هرم بن حيان. وعامر بطن، ومنهم الريّان بن حويص بن عوف بن مرة بن عامر بن الحارث صاحب الهراوة، فرس التي تضرب العرب بها المثل.

وعن موطن عبدالقيس يقول: «في تهامة غرب شبه الجزيرة العربية، لكنّهم نزحوا إلى البحرين، شرق شبه الجزيرة العربية نتيجة للحروب والصراعات بين أبناء ربيعة، وانتقلت بطون قبيلة عبدالقيس إلى البحرين التي تمتد من شمال كاظمة (الكويت) إلى يبرين، آخر واحة جنوباً، متاخمة لعمان الإمارات حالياً، والذي ساق عبدالقيس من تهامة إلى البحرين عمرو بن الجعيد بن صبرة بن الديل بن شن بن أفصى بن عبدالقيس».

وعن وجود القبيلة في عبدالقيس، يوضح: «عندما وصلت عبدالقيس إلى البحرين كانت هناك قبائل أخرى؛ إياد، وبكر بن وائل، وتميم، ومن غير القبائل العربية من الزط والسبابجة والعجم، فواجهت إياد شناً، وواجهت قضاعة بقية عبدالقيس، غير أن إياد تغلّبت على شن بن أفصى، وتغلبت بقية عبدالقيس على قضاعة وانهزموا، فقامت بقية عبدالقيس بمحاربة إياد وكادوا يفنونهم، لذا لحقت إياد بأراضي العراق. الهجوم على جيش المرتدين، وانتصر المسلمون وقتلوا الحطم، وعادت البحرين إلى حظيرة الدولة الإسلامية، وظل العلاء بن الحضرمي والياً عليها.
سنوات من التعب والعناء
قدّم د. القتم الشكر للذين ساهموا في إنجاز هذا الإصدار، وقال: أتقدم بالشكر لكل من ساعدني في لملمة شعث هذه المجموعة، من أساتذة في تصحيح المكتوب، أمثال فتحي الأستاذ، وما أمدّني به الأخ د. حمد بن ناصر الدخيل (جامعة الإمام محمد بن سعود، السعودية)، من بعض شاعرات عبدالقيس، والأستاذ جاسم علي حسين، الذي جلب لي بعض المصادر، وقام بتنسيق القصائد بشكل مناسب، كما أشكر أخي وزميلي الأستاذ أحمد عبدالتواب، الذي تفضل عليّ بالتصحيح، وبعض الإضافات، والاقتراحات، ولم يرد بذلك إلا وجه الله وخدمة للعلم، كما أشكر الطباعين والمراجعين لهذا العمل الفني الذي ظهر للوجود بعد سنوات من التعب والعناء.