وسط تطاير لشظايا الحرب الانتقامية التي تشنها إسرائيل ضد غزة منذ 115 يوماً على عدة جبهات إقليمية، وبالتزامن مع إعلان رئيس الوزراء بالسلطة الفلسطينية محمد أشتية البدء بتنفيذ برنامج إصلاحي بتوجيه من الرئيس محمود عباس، كشف موقع أكسيوس الأميركي، أمس، عن اجتماع غير معلن لكبار مسؤولي الأمن القومي من السعودية والأردن ومصر والسلطة الفلسطينية، عُقد قبل 10 أيام في الرياض، لتنسيق الخطط لليوم التالي لوقف النار، ومناقشة سبل إشراك السلطة بعد إعادة تنشيطها في حكم القطاع الذي سيطرت عليه «حماس» منذ عام 2007.

وأوضح الموقع أن الاجتماع يعتبر علامة أخرى على زيادة التنسيق بين المملكة والسلطة التي يعارض الائتلاف الإسرائيلي الحاكم بزعامة بنيامين نتنياهو إعادتها إلى حكم القطاع.

Ad

وتناقش السلطة الفلسطينية وحلفاؤها العرب بشكل متزايد خطط اليوم التالي لانتهاء الحرب التي تسببت في مقتل أكثر من 26 ألفاً و500 فلسطيني وشردت 85% من سكان القطاع المكتظ بنحو 2.4 مليون نسمة.

ونقل الموقع عن مصادر وصفها بـ «المطلعة»، أن الاجتماع «ضم مستشار الأمن الوطني السعودي، مساعد العيبان، ورئيس جهاز المخابرات الفلسطينية ماجد فرج، ورئيس جهاز المخابرات العامة المصرية عباس كامل، ورئيس جهاز المخابرات الأردنية أحمد حسني».

وقال مصدران إن المسؤولين الأميركيين والإسرائيليين اطلعوا على الاجتماع ومحتوياته من قبل بعض المشاركين.

وبحسب المصادر، فإن رؤساء الأجهزة الأمنية السعودية والمصرية والأردنية أبلغوا فرج بأن السلطة الفلسطينية بحاجة إلى إجراء إصلاحات جدية تمكنها من تنشيط قيادتها السياسية.

وكان أحد مطالبهم هو أنه إذا تم تشكيل حكومة فلسطينية جديدة، فإن رئيس الوزراء الجديد سيحصل على بعض السلطات التي كانت مركزية في السنوات الأخيرة في عهد الرئيس محمود عباس.

وقال أحد المصادر إن السعوديين والمصريين والأردنيين أكدوا أن الإصلاحات ضرورية حتى تتمكن السلطة الفلسطينية من استعادة السيطرة على غزة بعد فترة انتقالية بعد الحرب.

وزعم الموقع أن مستشار الأمن القومي السعودي قال خلال اللقاء، إن المملكة لا تزال مهتمة بالمضي قدماً في التطبيع مع الدولة العبرية مقابل خطوات عملية وغير قابلة للنقض من جانبها، من شأنها أن تمهد الطريق نحو إقامة دولة فلسطينية.

إصلاحات السلطة

وجاء الكشف عن فحوى اجتماع الرياض في وقت ركز رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية، خلال اجتماع في رام الله بالضفة الغربية المحتلة على أن حكومته بدأت بتنفيذ برنامج إصلاح حكومي تم تقديمه للعديد من الدول في العالم بتوجيه من عباس.

وقال أشتية: «اليوم نعلن انطلاق المرحلة الجديدة من تنفيذ هذا البرنامج في المنظومة القضائية والأمنية والإدارية والمالية، والتي سوف تتركز على تعزيز منظومة القضاء وإجراء تغييرات هيكلية فيه، وتنفيذ القانون ومعالجة مدة التقاضي في المحاكم، واستمرار الحوار مع النقابة والجهات ذات العلاقة حول إقرار نظام المساعدة القانونية لمن يحتاجها».

وبين أشتية أن البرنامج يشمل «استكمال عمل النظام الإداري الفلسطيني، حيث سيقوم الرئيس بتعيين محافظين جدد بعد أن مضى عدة أشهر على شغور المناصب في جميع المحافظات، وكذلك الحالة بالنسبة للسفارات الشاغرة فيها المناصب».

وأشار إلى أن البرنامج «يشمل العديد من الوزارات الجوهرية، ومعالجة الديون، وفواتير المياه والكهرباء المستحقة، والتي تخصمها إسرائيل من أموال الضرائب، وإعادة هيكلة بعض الخدمات التي تقدمها الحكومة للمواطنين».

ويشمل البرنامج «إقرار قانون الخدمة المدنية واقرار قانون ضريبة القيمة المضافة، والتعيينات والرواتب والتقاعد وغيرها».

وفي حين يعارض نتنياهو عودة السلطة إلى حكم القطاع دون أن يقدم بديلاً واضحاً لمستقبل المنطقة المحاصرة والمعزولة بحال نجاح هدفه في إنهاء سيطرة «حماس» عليها، انضم 12 وزيراً في الائتلاف اليميني الحاكم بإسرائيل و15 عضو كنيست في مؤتمر ومسيرة جماهيرية حاشدة نظمت في القدس لتشجيع إعادة الاستيطان اليهودي إلى غزة وتوسيع الاستيطان في الضفة الغربية المحتلة ليل الأحد - الاثنين.

وعلى وقع هتافات أنصار اليمين المتطرف بـ «تهجير الفلسطينيين والاستيطان بعرض البلاد وطولها»، شارك وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، ووزير الاتصالات شلومو كارهي إلى جانب أعضاء «الكنيست» من أحزاب الليكود، والسلطة اليهودية، والصهيونية الدينية.

وخاطب بن غفير الحشد قائلاً إن «الطريقة الوحيدة لمنع هجمات مثل تلك التي ارتكبتها (حماس) في 7 أكتوبر الماضي، هي أن تسيطر إسرائيل على الأراضي الفلسطينية».

وأضاف: «دور القيادة الشجاعة هو اتخاذ قرارات شجاعة. حان الوقت للعودة إلى الوطن، إلى المستوطنات اليهودية السابقة في غوش قطيف والسامرة الشمالية، حان الوقت لتشجيع الهجرة وحان الوقت للفوز»، مستخدماً الاسم التوراتي لشمال الضفة الغربية.

وأظهرت صور من الحدث خريطة كبيرة على طول جدار واحد مع مواقع المستوطنات المخطط لها في غزة، بعضها تشمل أهم المدن الفلسطينية الموجودة.

كما خاطب سموتريتش الحشد، وقال للحضور إن إسرائيل لن تتمتع بالأمن دون مزيد من البناء الاستيطاني.

في المقابل، اعتبرت «حماس» أن دعوة الائتلاف الحاكم لضم الضفة وغزة «تكشف النوايا المبيتة لتطبيق جريمة التهجير والتطهير العرقي ضد شعبنا».

ووجهت الحركة، في بيان، دعوة إلى المجتمع الدولي والأمم المتحدة من أجل «اتخاذ موقف حازم من عقد هذا المؤتمر الفاشي وإدانته بشكل واضح».

أزمة «أونروا»

إلى ذلك، أعلن المستشار النمساوي كارل نيهامر انضمام بلده لعدة دول غربية في مقدمتها الولايات المتحدة بتعليق المدفوعات التي تقدمها لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، ودعا الأمم المتحدة إلى إجراء تحقيق سريع في الادعاءات الإسرائيلية بمشاركة 12 موظفاً بالوكالة في عملية طوفان الأقصى، التي شنتها «حماس» في 7 أكتوبر الماضي.

في المقابل، أكد الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج جاسم البديوي أهمية استمرار الدعم المادي لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين في الشرق الأدنى (أونروا) في هذه الظروف الحرجة، داعياً الدول التي أعلنت تعليق مساعداتها للوكالة الدولية إلى مراجعة هذا القرار واستئناف مساعداتها في أقرب وقت.

زيارة وقتال

في غضون ذلك، بدأ وفد من الأمم المتحدة زيارة إلى شمال القطاع بصحبة مسؤول أميركي بعد طلب من واشنطن قبلته الحكومة الإسرائيلية، وجاءت زيارة الوفد لرغم استمرار المعارك والمواجهات الضارية بين الجيش الإسرائيلي وعناصر حركتَي حماس والجهاد في شمال القطاع وجنوبه، خاصة بغرب مدينة غزة ومدينة خان يونس.

وعلى جبهة أخرى، قتل 5 فلسطينيين في حوادث مختلفة برصاص إسرائيلي في الضفة الغربية، حيث واصلت قوات الاحتلال عمليات الدهم والتفتيش بعدة مناطق.

وأصيب إسرائيلي (20 عاماً) بصورة خطيرة جراء عملية دهس في مدينة حيفا بالقرب من قاعدة عسكرية في المدينة.