مع تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي، يبرز النمو السريع نسبيا في الهند باعتباره فرصة واضحة للمستثمرين الباحثين عن نقاط مضيئة، حيث راهنت شركات عالمية كبرى، بينها أميركية ويابانية، على سبيل المثال، بصورة كبيرة على الهند، التي يبلغ عدد سكانها نحو مليار و400 مليون نسمة، والتي تسعى إلى تعزيز موقعها في مقدمة أكبر اقتصاديات العالم.
ومن المتوقع أن يكون العام الجاري محوريا بالنسبة للهند، إذ من المقرر إجراء الانتخابات العامة بين أبريل ومايو، في واحدة من أكبر الانتخابات في العالم.
وفي إطار سعيها المستمر لبناء الجسور بينها وبين العالم عموماً، ومنطقة الخليج خصوصاً، نظّمت وزارة الشؤون الخارجية الهندية، من خلال سفارة الهند في البلاد، زيارة تعريفية لنيودلهي، شاركت فيها «الجريدة» من الكويت، مع مجموعة مكونة من نحو 27 إعلامياً من السعودية وعُمان والامارات والبحرين، حيث اطلعت المجموعة خلال 7 أيام على النمو المتسارع للهند في قطاعات النقل والطاقة المتجددة والبنية التحتية والتكنولوجيا.
النفط
وفي لقاء مع وكيل وزارة النفط والغاز الطبيعي الهندي بانكاج جين، أشاد بالعلاقات الوطيدة التي تربط بين بلاده ودول الخليج، والتي بدأت منذ فترة طويلة قبل اكتشاف النفط والغاز.
وأشار رداً على سؤال إلى إمكانية التعاون مع الكويت في مجال الاستكشافات النفطية وتبادل الخبرات ومنتجات مصافي النفط، مضيفا أن مصفاة الهند تنتج العديد من المواد التي لا تنتجها المصافي الكويتية، والتي بدورها من الممكن أن تمد الهند باحتياجاتها في هذا الشأن، كاشفا عن عقد ملتقى الهند للطاقة في فبراير المقبل، والذي من المزمع أن تشارك فيه كبرى شركات النفط الخليجية والعالمية، والذي سيوفر مزيدا من الفرص للتعاون وتوقيع اتفاقيات وعقود بين هذه الأطراف المشاركة لتحقيق مصالح الجميع.وأوضح جين أن متانة العلاقات مع دول الخليج تعكسها الزيارات المتبادلة بين كبار المسؤولين في البلدين، والتي تضمنت زيارة رئيس وزراء الهند ناريندرا مودي لكل من عمان والإمارات، لافتا إلى أن 5 من دول الخليج من أهم الشركاء التجاريين مع الهند فيما يتعلق بالنفط والغاز، إضافة إلى مجالات أخرى كالأسمدة والصناعات العضوية.
وأفاد بأن بلاده تتعاون مع دول الخليج فيما يتعلق بالطاقة على 3 محاور هي: النفط الخام والغاز والمواد البتروكيماوية، ومعظم ورادات الهند من النفط والغاز مصدرها دول الخليج، حيث إن بلاده هي ثالث أكبر مستهلك للنفط والغاز بالعالم بعد الصين والولايات المتحدة، بما قيمته نحو 119 مليار دولار، لافتا إلى أن نحو 60% من احتياجات بلاده النفطية يتم الحصول عليها من دول الخليج التي تمثل أهم مصادر حصولها على الطاقة.
وأضاف أن استهلاك بلاده من الطاقة يبلغ 3 أضعاف متوسط استهلاك الدول الأخرى، مؤكدا أنه على الرغم من ازدياد توجه الهند إلى الطاقة النظيفة والمتجددة في مختلف المجالات فإن طلبها على النفط الأحفوري سيستمر في الزيادة والنمو بسرعة كبيرة، وبناء على ذلك فإن على منتجي الطاقة الوضع في الاعتبار هذه التوجهات، وذكر أن الهند تخطط لإنتاج 5 ملايين طن من الهيدروجين الأخضر بحلول عام 2030، «حيث إن احتياجاتنا السنوية تبلغ 6 ملايين طن متري».وأشار إلى أن لدى الهند مصدرا آخر للطاقة، وهو استخراج الميثانول من المحاصيل الزراعية المتوفرة بكثرة في بلاده أو الغاز الناتج من تأكسد الأطعمة، كاشفا أن التحديات الأمنية التي شهدتها المنطقة مؤخرا تؤثر على تكلفة النقل في الخطوط الملاحية البحرية، وتتسبب في ارتفاع الأسعار، مع زيادة كلفة التأمين، بما يؤثر سلبا على المنتجين والمستهلكين.
«مترو مومباي 3»
وباعتبارها العاصمة المالية للهند، وواحدة من أكثر المدن اكتظاظاً بالسكان في العالم، تعاني مومباي ازدحاما بحركة المرور.
ففي الوقت الحالي، تستغرق رحلة 25 كيلومتراً من Cuffe Parade إلى المطار مدة ساعتين، وبعد اكتمال المشروع، لن يستغرق الأمر سوى 50 دقيقة بمترو الأنفاق. لذلك، فإن كل معلم في مشروع خط «مترو مومباي 3»، هو خطوة أخرى نحو تحسين حياة سكان مومباي، ومن المتوقع أن يتم الانتهاء منه بالكامل عام 2025. ولن يؤدي ذلك إلى توفير وقت حركة المرور على السكان فحسب، بل سيقلل حركة المرور على الطرق في المنطقة بنسبة 35 في المئة، ويقلل من استهلاك الوقود اليومي بمقدار 460 ألف لتر.
وكان للوفد الإعلامي لقاء مع سي إم جادهاف، المدير التنفيذي (المدني) لـ«مترو مومباي 3» الأوسع في ولاية ماهاراشترا، حيث يقول جادهاف إنه تم تصميم نظام مترو النقل السريع لتقليل الازدحام المروري في المدينة وتكملة شبكة سكك حديد مومباي سوبربان المزدحمة.
ويتم بناؤه على ثلاث مراحل، على مدى 15 عاماً، ومن المتوقّع أن يتم الانتهاء منه بشكل عام في أكتوبر 2026، مضيفا ان مترو مومباي، هو سادس أطول شبكة مترو عاملة في الهند بطول تشغيلي يبلغ 46.4 كلم. وعند اكتماله، سيتألف النظام الأساسي من 14 خطاً للسكك الحديدية للمترو عالية السعة وخط مترو واحد، يمتد إجمالي 356.972 كيلومتراً (24 في المئة تحت الأرض، والباقي مرتفع، مع بناء جزء صغير في الصف). ويخدم المترو 27 محطة، وقد بلغ إجمالي النفقات المالية لتوسيع نظام المترو 14.43 مليار دولار.
كما قدّم جادهاف شرحاً مفصّلاً عن التقدّم المحرز في المشروع والتحديات الهندسية التي تمت مواجهتها، وكيف سيظهر المترو كبديل لقواعد اللعبة في مومباي، العاصمة المالية للهند، لافتاً إلى أن أعمق نقطة في المترو تبلغ 23 متراً تحت سطح الأرض، وهي مكيّفة ومجهّزة بأحدث التقنيات لتسهيل عمليات الدخول والخروج من المترو.
وذكر أن نقطة انطلاق المترو كانت موجودة في وسط واحدة من أكبر الأحياء العشوائية في مومباي، موضحاً أنه تمّت إزالة نحو 3000 من هذه المباني المشيّدة من التنك والخشب، وتم نقل هؤلاء الاشخاص إلى مبان سكنية جديدة مؤقتة، بانتظار أن يتم تشييد عمارات سكنية يتملّكون بها شققاً لهم.
التحالف الدولي للطاقة الشمسية
محطتنا التالية كانت في مقر التحالف الدولي للطاقة الشمسية (ISA) الذي يواصل لعب دور محوري في تعزيز أمن الطاقة، وتعزيز سبل العيش المستدامة في جميع أنحاء البلدان الأعضاء فيه.
وتم تصميم ISA كتحالف من البلدان الغنية بالموارد الشمسية لتلبية احتياجاتها الخاصة من الطاقة، وقد تم إطلاقه في 30 نوفمبر 2015 من قبل الهند وفرنسا لتنفيذ اتفاق باريس. وحتى الآن، وقعت نحو 120 دولة على الاتفاقية الإطارية لـ ISA، بما في ذلك 11 دولة في الاتحاد الأوروبي.
وفي غرفة كبيرة تحتوي على أعلام الدول المشاركة في «التحالف»، قدّم رئيس العمليات في ISA جوشوا ويكليف، عرضا واضحاً أكد لنا من خلاله أن التحالف الدولي للطاقة الشمسية يواصل لعب دور محوري في تعزيز أمن الطاقة وتعزيز سبل العيش المستدامة في جميع أنحاء البلدان الأعضاء فيه من خلال استبدال الوقود الأحفوري كثيف الكربون بالطاقة الشمسية النظيفة والمتجددة.
وأوضح ويكليف أن وكالة الطاقة الدولية نجحت في تنفيذ العديد من المبادرات لدفع التحول نحو مستقبل أكثر اخضرارا.وأفاد بأن التحالف أطلق مشروعه التجريبي الأول في إطار المنتدى الاقتصادي العالمي خلال COP28 في دبي.
وأكد أن هناك العديد من الفوائد والفرص الحقيقية بفضل الاستثمار الأمثل في الطاقة الشمسية، والتي ستخلق المزيد من الوظائف للقطاع الخاص في مجال الطاقة المتجددة، وبالإمكان العمل بشكل متواصل على التوجيه الأمثل نحو دراسة التخصصات الجامعية وطرحها، بما يتماشى مع الحاجة الفعلية لاحتياجات سوق العمل الحالية والمستقبلية.
وذكر أن مركز التحالف الدولي للطاقة الشمسية قادر على منح الدعم للمراكز المعتمدة على الطاقة الشمسية، إذ إنها بمثابة دعم كبير لأبنية الطاقة المعتمدة على تحويل الطاقة الشمسية عوضا عن الوقود الأحفوري، والذي يجب العمل على التوسع في إيجاد المصادر البديلة، والتي تضمن استدامة موارد الطاقة.
وبيّن أن هناك تعاوناً مستمراً بين الدول الأعضاء في التحالف الدولي للطاقة الشمسية من أجل الوصول إلى الحياد الصفري بحلول عام 2060، والوصول إلى الطاقة النظيفة لـ200 مليون إفريقي بحلول 2030، وتقديم الدعم من خلال تسليط الضوء على العديد من المشاريع التي من شأنها أن تسهم في تقليل الكربون، والعمل معنا، بامتلاكنا أفرقة قادرة على تقديم الدعم الجذري، وتقديم أمثلة لبرامج داعمة للطاقة المتجددة في مجال الطاقة الشمسية، والتي في إمكانها تقليل انبعاث الكربون.
وأوضح أن تحالف الطاقة الشمسية الدولي يستمر في لعب دور محوري في تأمين الطاقة الحديثة، واحتضان العيش المستدام في الدول الأعضاء في مهمته المستمرة نحو الإحلال عن الوقود الأحفوري بمصادر الطاقة النظيفة والمتجددة، وضمان مستقبل آمن، وقد تمكن التحالف من تنفيذ العديد من المبادرات نحو مستقبل أخضر صحي.
الصادرات الدوائية
كشف سومانتا شودري مسؤول التسويق في مجلس الترويج للصادرات الدوائية الهندية عن زيادة كبيرة في حجم صادرات الدواء من الهند إلى الكويت في العامين الماضيين بنسبة ارتفاع 35% و42.7% على التوالي.
وأوضح شودري أن هناك مفاوضات مع دول الخليج في هذا الشأن، مشيرا إلى أنه على الرغم من أن المفاوضات تستغرق وقتا طويلا، فإنها على الطريق الصحيح.
وتابع أن شركات الدواء الهندية أسهمت في رفع المستوى الصحي على مستوى العالم، كاشفاً عن مشاركتها بنحو 60% من إنتاج اللقاحات عالميا، مشيرا إلى أن المجلس مسؤول عن تصدير الأدوية واللقاحات إلى دول العالم، وتم إنشاؤه من وزارة اخرى قبل وزارة التجارة الهندية.
ولفت إلى أن أي شركة ترغب في تصدير الأدوية من الهند هي بحاجة إلى التسجيل في المجلس، كاشفا عن تسجيل نحو 4 آلاف شركة تحت مظلة المجلس.
وذكر شودري أن صناعة الدواء في الهند تتمتع بعدد من المميزات منها قاعدة قوية من المكونات الدوائية النشطة بالإضافة الى درجة عالية من مطابقة المعايير، والدعم من قاعدة قوية من المصانع الدوائية، وتوافر الباحثين والفنيين والعمال المدربين.
غرفة الصناعة والتجارة
وانتقل الوفد إلى رابطة اتحاد غرف الصناعة والتجارة الهندية، حيث دعا أمينها العام شيليش بانتيك رجال الأعمال الكويتيين إلى الاستثمار في بلاده، ومشاركة نظرائهم الهنود في جني الأرباح، مؤكدا أن الهند تقدم فرصا واعدة في عدة مجالات.
وذكر بانتيك أن القوانين الاستثمارية الهندية تكفل الحماية والضمانات الكثيرة للمستثمرين الأجانب، لافتا إلى ان الهند دولة كبيرة متعددة المجالات، ويمكن الاستثمار فيها في جميع الولايات في قطاع الزراعة الذي يساهم في الأمن الغذائي العالمي، بالإضافة إلى قطاعات تكنولوجيا المعلومات والطاقة المتجددة والمنسوجات والأدوية. وقال متوجّها إلى رجال الأعمال الكويتيين: تعالوا لجني الأرباح في الهند، مشيرا إلى إمكانية مضاعفة رؤوس أموال المستثمرين في فترة قصيرة.
وتطرق بانتيك في حديثه للصحافيين إلى التطوّر الكبير الذي شهدته بلاده على مدى السنوات العشرين الماضية في مختلف المجالات، ودخولها في قائمة الدول العشرين الكبرى على مستوى العالم، إضافة إلى ما شهدته من إنجازات تاريخية في مجال الفضاء وتكنولوجيا المعلومات.
وذكر أن هذه الخبرات ستكون متاحة لجميع شركائنا في دول مجلس التعاون، حيث إنهم الجار الأقرب لنا، وهناك علاقات تاريخية تربط بين الجانبين على مدى عشرات بل مئات السنين.
وأوضح بانتيك أن بلاده تولي موضوع الأمن الغذائي لمنطقة الخليج أهمية كبرى، مشيرا إلى أن الشركات الهندية تضع علاقاتها وارتباطاتها مع دول المنطقة كأولوية.
وأكد أن الهند لا توفر فقط للمستثمرين البيئة المناسبة لتحقيق النجاح وجني الأرباح، بل إن اتحاد الغرف التجارية الهندية يساعدهم في إيجاد الشريك المحلي الموثوق، تاركا لرجال الأعمال الراغبين في العمل ببلاده حرية اختيار القطاع الذي يريدون الاستثمار به، مشيرا إلى أن الاتحاد لديه 70 لجنة تتعامل مع 70 قطاعا استثماريا مختلفا، ما يوفر للمستثمرين كل ما يحتاجون إليه من معلومات وبيانات تساعدهم على النجاح.
وأضاف أنه لا داعي لقلق أي من أصدقائنا في الخليج من احتمالية قطع امدادات الغذاء أو الدواء عنهم بسبب أزمات اقتصادية، لافتا إلى أن ازمة جائحة كورونا أثبتت ذلك.
وأشار إلى ان حكومة الهند ناقشت خلال قمة العشرين الأخيرة تحديد المخاطر التي ربما تواجه الاستثمار وأن هذه العملية مستمرة
IIT المعهد التقني الرائد في الهند والعالم |
يعد المعهد الهندي للتكنولوجيا في نيودلهي (IIT Delhi) واحدًا من المعاهد التقنية الريادية في الهند والعالم، حيث يحظى بسمعة استثنائية في مجالات التعليم والبحث الهندسي. وتأسس المعهد عام 1961، ومنذ ذلك الحين، لعب دوراً حيوياً في تطوير الكوادر الهندسية والتكنولوجية المتميزة، ويُعتبر تأسيسه خطوة رئيسية نحو تعزيز التعليم الهندسي في البلاد. ويقدم IIT مجموعة واسعة من البرامج التعليمية في مجالات هندسية مختلفة، بدءًا من الدراسات الجامعية وصولاً إلى الدكتوراه، ويتيح المعهد للطلاب الاختيار من بين تخصصات مثل هندسة الكمبيوتر، والهندسة الكهربائية، والهندسة الميكانيكية، وهندسة الطيران، والعديد من التخصصات الأخرى. ويتميز IIT بمرافق بحثية متقدمة وفريق هائل من الباحثين المتخصصين في مختلف الميادين، ويشجع المعهد على البحث الابتكاري، وأسفرت جهوده في هذا المجال عن اكتشافات وتطورات هندسية مهمة. وتتميز حياة الطلاب فيه بتنوعها ونشاطها، اذ يوفر المعهد بيئة تعليمية واجتماعية متنوعة تعزز التفاعل الثقافي والأكاديمي. ويحقق خريجو IIT نجاحات كبيرة في مختلف مجالات الصناعة والأعمال والبحث، وتشكل شبكة الخريجين الواسعة دعماً قوياً للطلاب الجدد وتعزز التواصل المهني. |