قال المستشار القانوني والأستاذ الجامعي د. بلال الصنديد ضمن فعاليات ندوة «إضاءات قانونية ومؤسسية على قانون هيئة أسواق المال وأعمالها»، إن تجربة هيئة أسواق المال في الكويت تجربة ناجحة في الاستقلال الوظيفي، مؤكداً ضرورة الاستفادة منها والتأسيس عليها.
وأضاف الصنديد أن إنشاء الهيئة متطلب دولي، لخلق هيئة ناظمة محددة المعايير تتسم برقابة وشفافية حوكمة ومرونة، أما الاستقلال الوظيفي وارتباط هذه المؤسسة المستقلة إداريا وماليا بالوزير فهذا له عدة جوانب مهمة، أولها الجانب الدولي المرتبط باستقلال الهيئات المنظمة لأسواق المال، وثانيها يتمثل فيما يثار عن مسؤولية الوزير السياسية، والتي عادة ما تؤخذ من ناحية سياسية، ونحن معشر القانونيين يجب ان نؤكد هذه المسؤولية التي لها ضوابط دستورية حددتها المحكمة الدستورية وحددها الدستور بذاته والقوانين المرعية في دولة الكويت، أما الجانب «الثالث» فهو القانون نفسه.
وذكر أنه في هذا الإطار فإن الاستقلال المؤسسي للهيئة مطلب دولي يجب أن تخضع له الهيئة ودولة الكويت بشكل عام، فالمسألة ليست رفاهية فكرية، ويجب أن تعمل الهيئة باستقلالية تامة بعيدا عن الضغوطات والتدخلات السياسية وحتى الرقابة المشددة من جهة السلطة التنفيذية.
الأيسكو والمؤشرات الدولية
وأشار إلى أن مبادئ الأيسكو التي تبلغ 38 بخصوص رقابة هيئة أسواق المال، تؤكد في مبدأيها الثاني والثالث بشكل واضح، أنه يجب أن يتوفر للجهة المنظمة للسوق الاستقلالية، والسلطة الكافية، والموارد اللازمة، بالإضافة إلى القدرة على أداء وظائفها وممارسة سلطاتها، إذاً أول مبدأ هو الاستقلالية الوظيفية التي راعته مبادئ الايسكو بمنتدى الاقتصادي العالمي بتقرير التنافسية العالمية في 2019، موضحا أنه عندما ارتفعت الكويت 8 درجات وبلغت 46 وأصبحت الأولى خليجيا في ما يتعلق بهذا المؤشر، فإن أحد الأسباب الرئيسية لذلك والواردة في التقرير أنها عملت وفق نظام مؤسسي واستقلالية وظيفية بعيدا عن الضغوطات.
وذكر انه ضمن المؤشرات الدولية لمبادئ حوكمة الشركات نجد OECD منظمة التعاون الاقتصادي والتنموي تتكلم عن الاستقلال المؤسسي، وMSCI وفوتسي راسل تتحدث عنه أيضا، مضيفا أن أول بُعد للاستقلال الوظيفي للهيئة تحدده الارتباطات الدولية لدولة الكويت، بل أكثر من ذلك، ولن نصل إليه عندما تشتد التدخلات السياسية وضغوطات السلطات التنفيذية على الهيئة، ويمكن أن تلجأ إلى هذه المؤسسات بموجب اتفاقيات وقعت عليها هي أو دولة الكويت وتشتكي، لأن الأمر مرتبط بأن النقد هو شريان الحياة في الكويت، كما أن الشعار الذي رفعه المغفور له الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد بتحويل الكويت إلى مركز مالي وإداري هو شريان حياة آخر لدولة الكويت.
الاستقلال
وأوضح أن هناك استقلالا عن الأجهزة الرقابية المركزية التي أغلب الهيئات والمؤسسات العامة تخضع لها، ولكن القانون أعطى الهيئة هذا الاستقلال سواء عن إدارة الفتوى والتشريع أو ديوان الخدمة المدنية، أو لجنة المناقصات المركزية، والرقابة المسبقة لديوان المحاسبة، أو جهاز المراقبين الماليين أو حتى عن وزارة المالية في إعداد الموازنة، إذا هناك هامش من الاستقلالية الوظيفية التي تتمتع بها هيئة أسواق المال ولكل جزئية تفاصيل.
ولفت إلى أن الهيئة نموذج ممتاز علمياً وفعليا وقانونيا حول العلاقة الدقيقة بين المؤسسات والهيئات المستقلة وبين الوزير الذي يشرف عليها، لأن فكرة إنشاء المؤسسات العامة جاءت لسبب بسيط وهو الترهل الإداري الذي يمكن أن يكون في الوزارات والسلطات المركزية، ومنذ البداية تؤخذ الصلاحيات المرفقية والوظيفية من هذه الوزارات وتعطى لأجهزة تدار بذهنية القطاع الخاص وتمارس أعمالها، وحتى لا تستقل كليا عن السلطة المركزية وعن الدولة يشرف عليها الوزير، إذ تعطى المؤسسات العامة حريتها في التحرك والاستقلال الإداري والوظيفي تحت رقابة الوزير المختص.