بناء على ما سبق في المقال السابق أقترح أن يتم تفعيل دور الجمعيات المهنية في مجال التدريب والاستشارات من خلال الإيعاز للجهات الحكومية بأهمية أن يكون الشخص الذي يعمل في مجال الاستشارات والتدريب منتمياً إلى هذه الجمعيات المهنية، وأن تضع الجمعيات المهنية شروطاً ومعايير للانضمام لها مثل شرط المؤهل العلمي التخصصي في مجال التدريب والاستشارات، وعدد سنوات من الخبرة في مجال العمل لا تقل مثلا عن عشر سنوات إذا كان الاستشاري غير حاصل على مؤهل عال (ماجستير أو دكتوراه) في التخصص المطلوب نفسه.
وكذلك اشتراط القيام والمشاركة في تنفيذ مشاريع استشارية سابقة أو عدد معين من البرامج والدورات التدريبية في المجال التدريبي نفسه.
كما يتم الاسترشاد برأي الجهات الحكومية والأهلية في المدربين والمستشارين الذين قاموا بتنفيذ استشارات أو برامج تدريبية لها بالحسبان.
كما يجب عدم الاعتداد بالشهادات المشبوهة التي يتم إعطاؤها للمدربين أو المستشارين من قبل بعض المراكز والمعاهد والجهات المشبوهة التي همها الربح السريع بدون الاهتمام بالجانب العلمي والعملي للتدريب وضمان جودة المخرجات التدريبية.
وأرى أن من الأهمية بمكان متابعة أدعياء المهنة والجهات المشبوهة المانحة للشهادات المشبوهة للمدربين والمستشارين والعمل على ملاحقتهم قانونياً، كما أقترح أن يتم إيجاد جهة أو لجنة علمية متخصصة على مستوى الدولة من أعضاء يتصفون بالكفاءة واحتراف مهنة الاستشارات والتدريب ومشهود لهم بالنزاهة والأمانة والكفاءة والشفافية والمصداقية.
أما فيما يتعلق بالشركات الاستشارية الكبرى التي تحتكر سوق الاستشارات والتدريب في مجال معين فيجب الحد من هذه الممارسات الاحتكارية التي لا تنمّ عن الوطنية ولا عن المبادئ والقيم المهنية في هذا المجال وذلك من خلال تفعيل قانون منع الاحتكار وتفعيل دور الجهات الرقابية الحكومية والجمعيات المهنية والأهلية مثل هيئة مكافحة الفساد وجمعية الشفافية وتفعيل مبادئ الحوكمة وقانون تعارض المصالح.
ويجب حماية الموظفين والمدربين والمستشارين الشرفاء من الدخلاء على مهنة الاستشارات والتدريب ومن مستغلي الظروف وجهل بعض المسؤولين وسطوة بعض الفاسدين والمتنفذين في مؤسسات الدولة.
إن تدخل الجهات الرقابية والحسم والحزم في حماية المستشارين والمدربين الشرفاء في مجال التنمية البشرية واجب وطني يتطلبه العهد الجديد حتى لا يتم استغلال الظروف وتضليل المواطن والموظف واستغلال جهل بعض المسؤولين وضعف المتابعة والرقابة في المؤسسات الحكومية والأهلية من بائعي الوهم ومافيا التدريب والاستشارات.
والهدف من هذا المقال هو مكافحة الفساد ولو على عدة مراحل وذلك من خلال التنبيه لهذه الممارسات المشبوهة في مجال التدريب والاستشارات ومحاولة القضاء عليها والتخفيف من آثارها السلبية والأخطار المحتملة على المؤسسات في القطاعين الحكومي والخاص، ورفع كفاءة التأهيل والتدريب، ونشر مفاهيم الجودة الشاملة في مجال التدريب والاستشارات، علاوة على العمل على تطوير التشريعات المتعلقة في مجال التدريب والاستشارات، وتعزيز سيادة القانون.
وكذلك الالتزام بالقيم الوظيفية والمصداقية والعدالة بالاضافة إلى أهمية المشاركة المجتمعية في مكافحة الفساد وحماية الأموال العامة من المتنفذين وضعاف النفوس وإيجاد مجموعة من النظم والقوانين واللوائح في مجال الاستشارات والتدريب لتحقيق العدالة والشفافية والنزاهة وتطوير عمليات التدريب والتأهيل ورفع مستوى جودة الاستشارات والعملية التدريبية لتمكين المؤسسات من أداء دورها وتحقيق أهدافها بكفاءة وفعالية.
فهل من مجيب؟!
ودمتم سالمين.