هل من تبرير منطقي لبقاء شوارع الكويت على هذه الحالة البائسة التي لا مثيل لها حتى في بعض الدول الأفقر من الكويت بكثير؟
تذكرت بهذه المناسبة التقرير اللاذع الذي نشرته «القبس» قبل عام في 4/ 1/ 2023 عن «وكالة بلومبرغ» الغربية، حول الفجوة الكبيرة بين ثراء الكويت وبين شوارعها! ذلك التقرير الذي كان عنوانه «الدولة الأكثر ديموقراطية في الخليج أصبحت الأقل تقدماً»!
في اليوم الذي بشرت فيه «الأنباء» قراءها أن «إيرادات النفط غطت إجمالي مصروفات الميزانية وفاضت»، أضافت أن «الإيرادات النفطية بلغت 24.12 مليار دينار خلال الفترة من أبريل حتى ديسمبر الماضي 2022». (الأنباء 4/ 1/ 2023) في اليوم نفسه، عرضت جريدة «القبس» كذلك بعض ما جاء في تقرير «بلومبرغ» المحرج، تحت عناوين تقول: «رغم أنها إحدى أغنى دول العالم، ثروة الكويت الطائلة لم تصنع تقدماً»، وأضاف عنوان آخر للتقرير: «الدولة الأكثر ديموقراطية في الخليج أصبحت الأقل تقدماً».
وجاء في القبس أن «وكالة بلومبرغ»، وتحت عنوان «لا يمكن لأموال النفط الطائلة شراء التقدم للكويت»، أفردت تقريراً كبيراً عن البلاد تتحدث فيه عن تأخر الكويت في مجالات عدة والتركيز على «قضايا ثانوية» بدلا من التركيز على الاقتصاد وعلى التنمية، في حين تتقدم دول خليجية مجاورة في هذين المجالين، وأضافت «القبس» في عرضها، أن التقرير أشار إلى «شوارع الكويت (الممتلئة) بالحفر رغم أنها واحدة من أغنى دول العالم».
ولعل إحدى أطرف النقاط في التقرير ما نقلته الوكالة عن السيد «حمد البحر»، الشريك في شركة ناشئة في مجال التكنولوجيا القول «إن نظام الرعاية الاجتماعية في الكويت يشبه الأب الذي ينفق على أولاده، لكن لا يتوقع منهم أن يعملوا»، غير أن السيد البحر ظل محتفظا بتفاؤله، مشيرا إلى أن الإصلاحات الاقتصادية «ستتحقق قريبا في الكويت»، مؤكدا أن الأعمال التجارية تزدهر في الكويت رغم التحديات.
قد يشارك الكثيرون السيد البحر شطرا من تفاؤله، ولكن الشكوى لاتزال واسعة! ولا شك أن ثراء الكويت الأسطوري ومليارات البترول قادران على تحقيق أي إصلاح اقتصادي أو اجتماعي ولكن متى وكيف؟ ولماذا يزدهر الفساد ويتدهور التعليم، وتتعثر خدمات الدولة، ويعم المجتمع الاستياء والتشاؤم رغم وفرة المال؟
لقد جاءت مليارات «البترو دولار» منذ نصف قرن ولم نر «الاقتصاد البديل»، وأتيحت للدولة فرصة تغيير ذهبية بعد الغزو والتحرير عام 1991، وجاءت فرص أخرى دون أن تحرك الحكومة ساكنا!
إن لدولة الكويت، كما يجمع المتفائل والمتشائم، قدرات مالية هائلة وبنية تحتية قانونية واجتماعية وسياسية لا ينقصها شيء، فلماذا تهيمن على معظم الناس مشاعر العجز والاستسلام أمام الفساد المالي والسياسي، وأن المال مهما تراكم، والوعود الرسمية مهما توالت، فإن الوضع باق على ما هو عليه، وأن «بناء الدولة الحديثة» و«الاقتصاد العصري المنوع» سيبقيان بعيدى المنال؟
هل تجيب «بلومبرغ» عن هذه الأسئلة وغيرها في تقرير قادم أم يأتي الجواب من الحكومة الجديدة؟