هكذا تكلم رئيس تحرير «الجريدة•»
سأبدأ بكلمة قالها نيتشه:
«إياك والاعتقاد بأن قولك الحقيقة سيقربك للناس، لأن الناس تُحب من يستطيع أن يخدرها بالأوهام، فمنذ القِدَم والناس تُحب مَن يشاركهم أوهامهم ويقول لهم ما يُحبون».
والنموذج الذي أنا بصدد التقاط بعض مقولاته في لقاءٍ إعلامي، ضرب بمقولة نيتشه عرض الحائط، وتكلّم كقيادي في مجتمعٍ هو أحوج ما يكون إلى سماع الحقيقة منه:
- فعبدالله السالم - يرحمه الله - لأنه كان مثقفاً، كان منذ الثلاثينيات، يتواصل مع التجار الذين كان معظمهم على قدرٍ من الثقافة ويفكرون في جعل الكويت تتميز بالتحضر للحاق بالدول المتطورة، ولما تولّى الحُكم في الخمسينيات كانوا يتشاورون معاً وهم يقدّمون له مقترحاتهم، فكان المجلس التأسيسي، وكانت الديموقراطية، وكان الدستور.
- الأسرة الحاكمة حافظت على مكانتها منذ تأسيس الكويت، وأتمنى أن يعالج الحكماء منهم ما يشجر فيما بينهم بالتواصل، وألا يخرج سوء الفهم بينهم خارج نطاق الأسرة.
- الإخفاقات التي عانتها الكويت في حكوماتها المتعددة مصدرها انعدام وجود مشاريع يتم العمل على تحقيقها، ومن هنا دبّت الفوضى، مما أدى إلى تغيّر الحكومات بهذا الشكل العشوائي.
- الكثير ممن دخلوا مجلس الأمة ليس لهم تاريخ سياسي أو اقتصادي أو اجتماعي، أو تميزوا بالنجاح في مرفق من مرافق الحياة، ومعظمهم تنقصهم الخبرة، فكيف - بالله عليكم - يخططون لقوانين وطنٍ دون أن تكون لديهم خبرات سابقة؟! والنتيجة أن الكويت أصبحت، بفضلهم، تلهث وراء تقدُّم الدول المحيطة بها.
- اهتمامات الإسلام السياسي في الكويت لا تلامس احتياجات الإنسان الحياتية، كالتعليم والصحة والمرافق الأخرى، وإنّما ركزت على منع الفرح في الاحتفالات الوطنية، ومنع الاختلاط بين طلاب الجامعة، وتحريم شجرة الكريسماس... إلخ.
- الساحة الوطنية الآن تفتقر إلى قادة عُرفوا بإخلاصهم لوطنهم كالعم جاسم القطامي والخطيب والمنيس والنيباري، يرحمهم الله جميعاً.
- نعم... التجار قبل ظهور النفط كانوا يشكّلون عصب الحياة في المجتمع، فقد كانوا يموّلون الدولة، وهم وراء إنشاء المدارس، وكانوا موضع ثقة العالم في أعمالهم البحرية التي كانت تُبحر من الكويت إلى البصرة وتحمل بضائع إلى الهند وإفريقيا، وغيرها من البلدان.
- غرفة التجارة دولة داخل دولة... اتهامٌ ظالم ردّده بعض أعضاء مجلس الأمة، لأن آلية عمل «الغرفة» يجب أن تكون مستقلة، كاتحاد الطلبة وجمعية أعضاء التدريس بالجامعة... فهل هذان التنظيمان دولة داخل دولة؟!
- مَن تولوا غرفة التجارة كانوا قبلها من ذوي المكانة المرموقة، وبعدها حافظوا على مكانتهم المرموقة، فعبدالعزيز الصقر هو الشخصية المعروفة قبل «الغرفة» وبعدها، لكنّ هناك نفوساً مريضة لا تريد أن تدرك هذه الحقائق.
ما قاله رئيس تحرير «الجريدة»، خالد هلال المطيري، أكثر بكثير من النقاط القليلة التي جئتُ عليها، بل وتحفّظت عن بعض ما قال، لكنني أتمنى على الذين يظهرون على أجهزة الإعلام أن يتمتعوا بالشجاعة الأدبية ويكونوا صرحاء مع الناس، مثلما فعل المطيري.