تتواصل العروض المسرحية التي تُقام خلال الدورة السابعة من مهرجان الكويت الدولي للمونودراما، فقد قدَّمت فرقة الطائف السعودية العرض المسرحي «ساكن متحرك» على مسرح متحف الكويت الوطني، تأليف فهد الحارثي، وإخراج أحمد الأحمري، وتمثيل بدر الغامدي.
وتدور أحداث العمل حول ممثل في عرض مسرحي، ويومياته مع البروفة، وعلاقته بالمخرج والمؤلف والممثلين.
ويضعنا المؤلف الحارثي منذ البداية أمام اللغة، وهي تندفع في جسد الممثل، حيث تنعقد اللغة مع الأشياء، وتشكِّل مع الفضاء لغزاً رمزياً، لغز الممثل الذي انتهى حلمه بالتمثيل، وتاهت فرصه أو أحلامه.
وخلال العرض، استطاع الغامدي أن يملأ فضاء الخشبة بالحيوية، إضافة إلى احترافيته في تدرجات في نبرات صوته بين الصياح والهمس، والفصحى والعامية، وهو يروي معاناة الفنان المسرحي.
جدير بالذكر، أن مسرحية «ساكن متحرك» شاركت في العديد من المهرجانات، منها: مهرجان أيام القاهرة الدولي للمونودراما الخامس، وفاز بطل المسرحية الفنان بدر الغامدي بجائزة أفضل تمثيل، وأيضاً حصلت على جائزة أفضل نص مسرحي في مهرجان الإسكندرية المسرحي بدورته الـ 12.
«المضحكاني»
أما فرقة مسرح الخليج العربي، فقد قدَّمت «المضحكاني»، تأليف وإخراج وتمثيل مشعل العيدان. وهو عرض تمتع بالكثير من المواصفات الفنية والتقنية والحسية، التي أهَّلته للنجاح في مختلف جوانبه، حيث إن الفكرة جاءت مباشرة، وليست عصية على الفهم، إضافة إلى أنها تحمل رسالة جميلة، مفادها تقدير مَنْ يُدخل البهجة إلى أنفسنا، إضافة إلى الفضاء المسرحي الذي امتدت مساحته، لتلامس شغاف القلب.
والأحداث تتمحور حول شخصية «مسعود المضحكاني»، الذي كان يعشق فن المونولوج منذ صغره، وكان مثله الأعلى في ذلك محمد لويس وشكوكو وغيرهما، وبعد أن قطع «مسعود» شوطاً في تحقيق حلمه بأن يصبح «مونولوجست»، اصطدم برفض أبيه، الذي يريده أن يُكمل دراسته ويحصل على الشهادة، فهو لا يريد ابنه أن يكون مهرجاً يضحك عليه الناس، فانصرف مسعود عن حلمه، وتلبية لرغبة أبيه حصل على الشهادة، لكنه عانى الأمرّين في الحصول على وظيفة بهذه الشهادة، حتى شعر باليأس، وأحس أن عُمره يضيع بلا فائدة، فعرف أن هناك برنامجاً للموهوبين، فسارع في الاشتراك بمسابقته، وخضع لاختباره ونجح، ليجد أن الفرصة عادت إليه مرة أخرى لتحقيق حلمه، وبعد إلحاح استطاع أن يُقنع والده في أن يمتهن فن المونولوج.
سينوغرافيا
ولأنه يمتلك الموهبة، فقد حقق نجاحاً كبيراً في عمله، وأصبح مطلوباً لإحياء الحفلات، لكن بسبب بعض المؤامرات انصرف عنه، ولم يعد مطلوباً، فعاش البطالة.
وجاء تحرك مشعل العيدان في العرض مُتقناً، وبمقدرة فائقة على التجسيد، من خلال امتلاكه لصوت جميل أدى من خلاله مونولوجات العرض، إضافة إلى أدائه الكوميدي، الذي اتسم بالخفة والتواصل مع الفكرة المطروحة. في حين بدت الإضاءة متفاعلة مع أحداث العرض، خادمة لتواتر أحداثه، ما أسهم في خلق مساحات كبيرة في فضاء المسرح، تمكَّن من خلالها الفنان أن يتحرك بحُرية ويُسر، لذا فقد حققت السينوغرافيا المطلوب منها.
إن العرض يحمل في مضامينه رسالة، مفادها تقدير كل صاحب مهنة، وعدم السخرية منه، خصوصاً المونولوجست، الذي يحمل في صدره قلباً مُحباً للجميع.
وقد اجتمع في العرض ثلاثة عناصر تكللت بالنجاح: النص والتمثيل والإخراج، إضافة إلى خفة الدم التي تمتع بها الممثل العيدان، وكذلك المشاهد المتواصلة في «رتم» متسارع ومتراص مع بعضه.
النصار: «المونودراما» يحتاج إلى ممثل «سوبر»
قال الفنان نصار النصار، إن فن المونودراما كمسرح هو أحد أنواع المسارح التي يعتقد بعض الجمهور أنه لممثل واحد، لكن هو مسرحية كاملة يعتمد فيها النص على شخص واحد، فهو عمل يشتمل على مخرج، ومؤلف، وإضاءة، وديكور، وكواليس، وأزياء، وموسيقى، وهذا يمثل فريقاً كاملاً يخرج لنا عرضاً مسرحياً.
وأوضح أن «صعوبة المونودراما تكمن في أن هناك خطاً درامياً واحداً نريد أن نشعب منه خطوطاً أخرى، وهذا يتوقف على إمكانات الممثل والفريق الذي يقدم هذا العمل». وذكر النصار أنه قدَّم سابقاً عروض مونودراما، وأنه يبحث دائماً عن الجديد لتقديمه. وبيَّن أن فرقة المسرح الشعبي اعتذرت عن عدم تقديم عرض خلال مهرجان الكويت الدولي للمونودراما، وأيضاً شركته (مسرح جالبوت)، بسبب استعدادهم للمهرجان المحلي القادم. وعن إمكانية تحويل مسرح المونودراما إلى مسرح شباك، أكد أنه يمكن أن ينجح ذلك، لكن الأمر يعتمد على الممثل، بأن يكون ذا خبرة عالية، مستشهداً بعروض الممثل اللبناني رفيق أحمد، الذي يقدم عروض مونودراما، والجمهور يُقبل عليها، ويحجز التذاكر لمشاهدتها. ولفت إلى أن تحول فن المونودراما بالكويت إلى مسرح جماهيري يتطلب وجود ممثل سوبر في التمثيل، حتى يتمكن الجمهور من مطالعته لساعة كاملة دون أن يشعر بالملل.