وسط جهود مكثفة من قبل أطراف دولية وإقليمية تدفع باتجاه التوصل إلى وقف إطلاق نار في الحرب المتواصلة منذ 118 يوما بين إسرائيل و«حماس» بغزة، استبق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وصول رئيس المكتب السياسي للحركة الفلسطينية إسماعيل هنية إلى القاهرة، لإبلاغها ردها بشأن صفقة تبادل محتجزين وهدنة تبلورت عقب مفاوضات رباعية في العاصمة الفرنسية باريس الأحد الماضي، بتأكيد أنه يسعى للاتفاق الذي يؤمّن إطلاق الرهائن، لكن «ليس بأي ثمن».

وقال نتنياهو في تصريحات ليل الأربعاء ـ الخميس: «لدينا خطوط حمر»، مكرراً تصريحات سابقة بأن إسرائيل لن تنهي الحرب الانتقامية، ولن تسحب قواتها من القطاع الفلسطيني، ولن تطلق سراح «آلاف الإرهابيين» من السجون مقابل الصفقة التي يعتقد أنها تؤمّن إطلاق سراح 35 رهينة من الإناث والمرضى والجرحى والمسنين في مرحلتها الأولى التي يتوقف القتال خلالها لمدة 5 أسابيع.

Ad

وفي تصريحات منفصلة، شدد نتنياهو اتهاماته لمنظمة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، وقال إنها مخترقة بالكامل من قبل «حماس» ويتعين إنهاء مهمتها، فيما أفادت صحيفة هآرتس، نقلاً عن وزير المالية بتسلئيل سموتريتش بأن رئيس الوزراء أصدر تعليمات للجيش بدراسة إمكانية توزيع المساعدات الإنسانية في غزة بدلاً من الوكالة الأممية التي علقت عدة دول غربية في مقدمتها الولايات المتحدة تمويلها، وسط تحذيرات من قبل منظمات بأن تعطيل عمل الهيئة سيسرع المجاعة في القطاع المحاصر.

وذكر بيان صادر عن مكتب نتنياهو أنه قال أمام وفد من الأمم المتحدة: «الأمم المتحدة تسعى إلى الإبقاء على قضية اللاجئين الفلسطينيين. لا بد أن نستبدل وكالات أخرى بالأمم المتحدة، ووكالات إغاثة أخرى بـ «أونروا»، إذا أردنا حل مشكلة غزة مثلما نخطط أن نفعل».

هنية وعباس

في هذه الأثناء، وصل هنية إلى القاهرة لبحث المبادرة الجديدة التي تمت صياغتها خلال اجتماع مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه)، وليام بيرنز ومسؤولين من مصر وإسرائيل وقطر.

والتقى هنية مع رئيس جهاز المخابرات العامة، اللواء عباس كامل، لإجراء مناقشات بشأن تعليق إطلاق النار والهدنة، حيث يتوقع أن تبلغ الحركة الفلسطينية ردها على الصفقة عبر قطر في غضون أيام.

وبالتزامن مع وصول هنية على رأس وفد يضم كلاً من خليل الحية عضو المكتب السياسي للحركة، وزاهر جبارين القائم بأعمال رئيس مكتب الحركة في الضفة الغربية إلى مصر، قال القيادي في «حماس» أسامة حمدان أمس: «لا نزال ندرس الورقة المقدّمة، ولدينا ملاحظات جوهرية عليها».

وتابع: «سنبحث عن ضمانات لالتزام العدو»، مضيفاً «ندرس مع مختلف قوى المقاومة ورقة التفاهم لبلورة ردّ موحّد سنقدمه للوسطاء».

وفي وقت سابق ذكر مسؤولون في «حماس» أن الحركة تدرس اقتراحاً يتألف من ثلاث مراحل، تنص الأولى منها على هدنة مدتها 6 أسابيع يتعيّن على إسرائيل خلالها إطلاق سراح ما بين 200 و300 أسير فلسطيني مقابل 35 إلى 40 رهينة، إضافة إلى إدخال 200 إلى 300 شاحنة مساعدات إنسانية إلى غزة يوميا.

وتطالب «حماس» بوقف إطلاق النار بشكل كامل كشرط مسبق لأي اتفاق، فيما تتحدث الحكومة الإسرائيلية عن هدنة في المعارك، رافضة وقف عمليتها في غزة.

كاميرون وبلينكن

وفي وقت يعود وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، في الأيام المقبلة إلى الشرق الأوسط، لدفع جهود احتواء الحرب التي تسببت في مقتل أكثر من 27 ألف فلسطيني، وشردت 85 في المئة من سكان القطاع، وحركت اضطرابات وهجمات على عدة جبهات في مقدمتها جنوب لبنان والبحر الأحمر، وصل وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون إلى لبنان قادما من السعودية، في إطار جولته الشرق أوسطية التي تشمل عددا من الدول العربية.

حظر إقصاء

من جهة ثانية، وصف أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حسين الشيخ، مصادقة مجلس النواب الأميركي على حظر دخول أعضاء المنظمة للولايات المتحدة الأميركية بأنه «قرار خطير تجاه ممثل الشعب الفلسطيني الشرعي والوحيد».

معارك وهاوية

ميدانياً، سحب الجيش الإسرائيلي اللواء السابع لسلاح الهندسة من مدينة خان يونس جنوب غزة، حيث يخوض أشرس المعارك حالياً مع عناصر حركتي حماس والجهاد، كما انسحب جيش الاحتلال من مناطق شمال غرب محافظتي غزة وشمال القطاع، لأول مرة منذ بدء العملية البرية في 27 أكتوبر الماضي.

وأفادت تقارير بأن قوات الاحتلال قامت بتدمير عشرات المنازل عبر إحراقها في عموم القطاع بأمر من قادة الجيش.

تفاهم مصري

في السياق، أفادت صحيفة تايمز اوف إسرائيل بأن الدولة العبرية ومصر تقتربان من التوصل إلى اتفاق بشأن الترتيبات الحدودية على «محور فلادلفيا» الفاصل بين غزة وسيناء، بما يسمح لإسرائيل ببناء جدار تحت الأرض لمنع حفر أنفاق تهريب، وعدم شن هجوم عسكري على رفح الفلسطينية أثناء وجود عدد كبير من النازحين بها، لتفادي موجة نزوح باتجاه الأراضي المصرية.