على الكويت إعادة بناء مستهدفات سياساتها المالية والنقدية
لما قد يحمله ضعف الطلب على الطاقة من تداعيات على إيراداتها المالية ونتيجة انفلات سياساتها المالية في أحوال الرخاء وأحوال الشدة لا فرق
تناول تقرير «الشال» الاقتصادي الأسبوعي، توقعات صندوق النقد الدولي في تقريره الصادر 30 يناير الفائت للأداء المحتمل للاقتصاد العالمي لعامَي 2024 و2025، وتبدو توقعاته أكثر تفاؤلاً من توقعات البنك الدولي بتقريره الصادر في 9 يناير الفائت، فهو يتوقع نمواً للاقتصاد العالمي بحدود 3.1 في المئة للعام الحالي و3.2 في المئة للعام المقبل 2025، بينما توقعات البنك الدولي هي 2.7 في المئة للعام الحالي وأدنى أو 2.4 في المئة لعام 2025، أي أدنى بنحو -0.4 في المئة و-0.8 في المئة للعامين على التوالي.
ورأى «الشال» أن توقعات صندوق النقد الدولي متفائلة أيضاً إذا ما قورنت بتوقعات وحدة المعلومات لمجلة الإيكونومست (EIU) في تقرير لها صادر في 1 الجاري، فالنمو المتوقع للاقتصاد العالمي لديها بحدود 2.3 في المئة للعام الحالي، و2.6 في المئة لعام 2025.
وخلاصة التقارير الثلاثة، في جانبها الإيجابي، هي اتفاقها على هبوط آمن للاقتصاد العالمي في العامين باستمرار النمو الموجب وإن كان متدنياً، وفي جانبها السلبي، هي أن التفاوت في التقديرات ناتج عن حقيقة الارتفاع الاستثنائي في حالة عدم اليقين، مما يرجح تغييرات مستمرة لتوقعاتها في تقارير قادمة لها.
وأضاف «الشال» أن تبرير صندوق النقد الدولي لرفعه لتوقعات النمو الاقتصادي للعامين الحالي والقادم بنحو 0.2 في المئة عن توقعات تقريره لشهر أكتوبر الفائت، هو الأداء الأفضل من المتوقع للاقتصاد الأميركي، ولاقتصادات ناشئة ونامية كبرى، وتوسعات السياسة المالية الصينية، وتقدم أعلى من المتوقع في السيطرة على التضخم. ورغم ارتفاعها، تظل أرقام النمو المتوقع للعامين دون معدل النمو المحقق للحقبة 2000 إلى 2019 والبالغة 3.8 في المئة وضمنها كانت أزمة العالم المالية (2008).
وقال التقرير: يُعتقد أن التحديات في الزمن القصير هي في التأكد من أن التضخم بات في حدود المستهدف، مما يعني ضرورة إعادة بناء السياسات النقدية لتحقيق مستهدفات باتت أهم. وإن حدث وتحقق المستهدف، يكمن التحدي الآخر في إعادة بناء السياسات المالية من أجل تهيئتها لتكون قادرة على مواجهة أي أزمات قادمة، أو باختصار، عمل استباقي لإعادة هيكلة السياسات النقدية والمالية العامة لمواجهة المستقبل.
وكما في كل التقارير المماثلة حول آفاق الاقتصاد العالمي، ورغم تفاؤل تقرير صندوق النقد الدولي، فهو يتفق مع تلك التقارير في أن ضعف الأداء للاقتصاد العالمي سببه الرئيسي الضعف المحتمل لأداء أكبر اقتصاداته.
فالاقتصاد الأميركي، أكبر اقتصادات العالم، 25.8 في المئة من حجم الاقتصاد العالمي، متوقع له نمو بحدود 2.1 و1.7 في المئة لعامَي 2024 و2025 على التوالي، هبوطاً من مستوى 2.5 في المئة لعام 2023. والاقتصاد الصيني 17.0 في المئة من حجم الاقتصاد العالمي متوقع له نمو بحدود 4.6 و4.1 في المئة لعامي 2024 و2025 على التوالي، هبوطاً من معدل نمو بحدود 5.2 في المئة لعام 2023.
وتوقعات النمو للاقتصاد الألماني ثالث أكبر اقتصادات العالم (4.2 في المئة) تمثّل استثناء، وهي بحدود 0.5 و1.6 في المئة للعامين 2024 و2025 على التوالي، لكنه استثناء، لأنه الاقتصاد الكبير الوحيد الذي حقق انكماشاً أي نمواً سالباً، عام 2023 وبحدود -0.3 في المئة.
واليابان رابع أكبر اقتصادات العالم (4.1 بالمئة) متوقع لها نمو ضعيف بحدود 0.9 بالمئة لعام 2024 و0.8 في المئة لعام 2025، مقارنة بنحو 1.9 في المئة لعام 2023. ورغم تفوّق الاقتصاد الهندي خامس اقتصادات العالم (3.6 في المئة) على كل ما عداه في معدلي نموه المتوقع لعامي 2024 و2025 وبحدود 6.5 في المئة لكل منهما، فإنه أدنى من مستوى نمو عام 2023 البالغ 6.7 في المئة.
وختم «الشال» بأنه يبدو أن ضعف النمو الاقتصادي سيستمر، وسوف يطول أعلى الاقتصادات في استهلاك الطاقة، ونصح صندوق النقد الدولي لتلك الدول بالعمل على إعادة بناء مستهدفات سياساتها النقدية والمالية، وذلك ينبطق على الكويت، وتحديداً في جانب فقدان ماليتها العامة للاستدامة، نتيجة ما قد يحمله ضعف الطلب على الطاقة من تداعيات على إيراداتها المالية، ونتيجة انفلات سياساتها المالية في أحوال الرخاء وأحوال الشدة، لا فرق.