يعدّ ديوان المحاسبة من أهم الجهات الرقابية في الدولة، ويقوم بحماية الأموال العامة في الجهات الخاضعة لرقابته ويهدف من ذلك إلى تحقيق رقابة فاعلة على الأموال العامة وتتبعها للحد من إساءة استخدامها والتعدي عليها.

ويدير ديوان المحاسبة خبرات كويتية نكن لها كل تقدير واحترام، ومشهود لها بالأمانة والكفاءة، كما يعمل في هذا الجهاز شباب كويتيون مؤهلون وطموحون، وكما هو معروف فإن الديوان يفحص ويراجع ميزانيات الوزارات والإدارات الحكومية وحساباتها الختامية، وبناء على هذا الفحص والمراجعة للميزانيات والأعمال والحسابات الختامية يبدي ملاحظاته حول أعمال هذه الوزارات والإدارات الحكومية وذلك من خلال التقرير السنوي لتنفيذ الميزانيات.

Ad

وعادة يرسل ديوان المحاسبة ملاحظاته إلى الجهات الحكومية طالباً منها أخذ هذه الملاحظات في الحسبان في الميزانيات القادمة والطلب من هذه الجهات تلافي هذه الملاحظات مستقبلاً.

ويهدف الديوان من خلال هذه الملاحظات والتقارير إلى مساعدة الجهات الخاضعة لرقابته ومتخذي القرار فيها لصون المال العام واستخدام الأموال العامة الاستخدام الأمثل في الأغراض المخصصة لها، وكذلك تحديد المعوقات والصعوبات التي تواجه هذه الجهات بهدف الوصول إلى أهدافها بكفاءة ومهنية.

ويهدف الديوان إلى التمييز المهني في أداء المهام الموكلة إليه وفقا لأفضل الممارسات المهنية وتحقيق مهامه الرقابية بكفاءة وفعالية وشفافية، وذلك بالتعاون مع الجهات الخاضعة لرقابته تحقيقا لشعاره المعلن «شركاء ورقباء».

ومع الأسف الشديد وبسبب هذا النهج والأسلوب الإداري والرقابي الراقي الذي يتعامل به مسؤولو ديوان المحاسبة مع الوزارات والإدارات الحكومية، فقد تم استغلال هذا النهج المهني المتميز من بعض النافذين، فلا يأخذون هذه الملاحظات بشكل جدي!! بل أصبح بعض المسؤولين في بعض الجهات الحكومية يردون على ديوان المحاسبة في أغلب الملاحظات التي يبديها الديوان بعبارة مكررة وهي «سيتم أخذ هذه الملاحظات في الحسبان في الميزانية القادمة».

ربما يكون بعض المسؤولين في الوزارات والإدارات الحكومية جادين وصادقين في أخذ هذه الملاحظات مستقبلاً، ولكن بعض الممارسات العملية لبعض الجهات الحكومية تشير إلى استغلال شعار الديوان وتعاونه مع الجهات الخاضعة لرقابته من بعض ضعفاء النفوس ومستغلي الظروف في بعض الجهات والإدارات الحكومية!

وتشير التقارير الأخيرة لديوان المحاسبة إلى أنه بالرغم من توافر فوائض مالية خلال السنوات الماضية فإن بعض الجهات الحكومية غير قادرة على تنفيذ المشاريع المعتمدة خلال السنوات الماضية، مما يتطلب من الجهاز الحكومي تطوير قدراته الإدارية والتنفيذية، وهذا دليل دامغ على سوء في التخطيط والتنفيذ في الإدارة الحكومية الكويتية وتعطيل للموارد المالية وضياع للفرص البديلة وتراجع في التطوير والتنمية بكل أشكالها!!

لذا فإنه يجب على ديوان المحاسبة ألا يعطي مجالاً لمن يحاول استغلال شعار الديوان وتعامله الراقي، بل يجب على الديوان أن يكشر عن أنيابه ويبحلق عينيه الحمراوين على كل من يقلل من عمله المهني والرقابي المتميز أو يحاول أن يستغل تعاون الديوان المهني والراقي مع الجهات والإدارات الخاضعة لرقابته، ويجب على رئاسة وأعضاء مجلس الأمة دعم الديوان والعاملين فيه حتى يتمكن من تفعيل أدائه المتميز في مجال المساءلة الإدارية والمالية وتحقيق رقابة فعالة بما يعود بالخير والمنفعة على الجميع.

ودمتم سالمين.