أثناء الربيع العربي، أزاحت الحكومة جماعة إسلامية وجاءت بأخرى، لكنّ الأخيرة تورطت بقياداتها الفاقدة للمؤهلات الأكاديمية، فلجأوا إلى سرقة الشهادات العلمية، وهي جريمة لا يرتكبها مواطن بسيط ولا مواطنة متبرجة تلبس «مايوه بيكيني» عاصية من وجهة نظرهم، لأنّ لديها فطرة سليمة تخاف من الله، وقد تتوب لاحقاً، كما يلتزمان بالقانون، بينما بعض أفراد هذه الأحزاب الذين يدوس كل منهم على لحيته لطول خصال شعرها، ويدّعى الدين، لا يتوانى عن ارتكاب هذا الجرم!

فواجهناهم بتقديم البلاغات للنيابة وإرسال إنذارات على يد محضر من المحكمة للوزراء، فخلعنا مسمياتهم المزورة بإلغاء قرارات وزارية، وخاصة بعد إقرار القانون الذي تقدّمنا به «لحظر استخدام الشهادات العلمية غير المعادلة»، كما أقمنا ضدهم الدعاوى القضائية، وأسقطنا بعضهم، فأقام الحزب دعاوى ضدنا لكبح جماحنا، فخسروها أمام المحاكم.

Ad

هناك جماعات من تلك الأحزاب يلجأ أفرادها إلى مدارس بدائية تعيش على المساعدات بوسط آسيا في إطار حملاتهم لإيصال الصدقات، فيقومون باستغلال تلك المدارس غير الأكاديمية للحصول على شهادات وهمية ومزوّرة، فالبكالوريوس، وفق شهود عيان، بخمسين ديناراً، والماجستير بخمسة وسبعين ديناراً!

بل وصلت المهزلة من بعض الدعاة حملة شهادة «المتوسطة» بالكويت إلى الحصول على شهادة «دكتوراه فخرية»، أي كتاب شكر لما قدّموه من تبرعات لجامعات واهية هناك، فاستخفّت هؤلاء الدعاة، وأصابتهم اللوثة، وكرّموا أنفسهم وبارك لهم الناس، وراحوا يقدمون الدروس الدعوية بالمساجد ووسائل التواصل بـ «لقب دكتور»... فصدّقهم البعض وسخر منها آخرون!

اثنان من تلك الجماعة، كويتي ووافد، استخدما شهادة الماجستير الوهمية التي لا تساوي قيمة محارم الحمام الورقية، وحصلا على شهادتي دكتوراه مضروبتين من أحد مواخير التزوير بأميركا، يقبع أصحابه بالسجن، ولديهم مكتب تابع بدولة خليجية. المضحك أن هذه الجامعة الوهمية منحت نفس شهادة الدكتوراه لكلب أرسل صاحبه اسم كلبه وألفي دولار فقط!

وقد رصدت وزارة التعليم العالي السعودي هذا النوع من الشهادات كأحد جرائم التزوير، بعدما لاحظت انتشارها، فأدرجتها - مشكورة - ضمن قائمة آلاف الجامعات الوهمية، التي نمتلك نسخة منها، كما تم توثيق قيام أحد الحاصلين عليها بحرقها أمام الكاميرا، خوفاً من سطوة القانون.

ليس هذا فحسب، بل قامت الجماعة بالاحتفاء بهذين الشخصين بعد حصولهما على الكتوراه الوهمية، وذلك قبل أكثر من 10 سنوات، وضحكوا على ذقون المسؤولين بحفل استقبال أُعدّ تكريماً لهما، فجاء الوزراء والوكلاء، ولا زلنا نتذكر د. هلال الساير مهنئاً كوزير للصحة، وأعضاء مجلس أمة وشخصيات عامة، وحتى يوهموا الناس أدخلوا في حفل التكريم شخصيات نعرفها بشهادات دكتوراه حقيقية!

ثم استمروا لسنوات بفسادهم والتوغل بهذا التزوير في العديد من الجهات الحكومية، كما تم تعيين أحدهم رئيساً للجان وعضواً في أخرى، بل وقام مجلس الوزراء بتعيينه أيضاً عضواً بلجنة ذات أهمية كبيرة، وهو يحمل شهادة بكالوريوس وماجستير ودكتوراه مزوّرة.

نقول لرئيس الحكومة، ونحن نملك جميع المستندات الدالة على ذلك، إن كل ما عليك هو مراجعة تاريخ وزرائك، والتأكد من قيامهم بتوظيف مَن يحملون شهادات علمية معترفاً بها ومعادلة، فهناك مخاطر كثيرة تحيط بالوزارة.

***إن أصبت فمن الله، وإن أخطأت فمن نفسي.