يغادر سمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد والوفد الرسمي المرافق لسموه أرض الوطن اليوم متوجها إلى سلطنة عمان الشقيقة وذلك في زيارة دولة.

ويشمل صاحب السمو وسلطان عمان هيثم بن طارق برعايتهما وحضورهما حفل افتتاح «مصفاة الدقم والصناعات البتروكيماوية» غدا وذلك بولاية الدقم، ويعد هذا المشروع ثمرة الشراكة والتعاون الاقتصادي والاستراتيجي بين البلدين الشقيقين.

Ad

وأكد سفير دولة الكويت لدى سلطنة عمان الدكتور محمد الهاجري أن زيارة صاحب السمو إلى مسقط تحمل في طياتها اسمى معاني المحبة والتقدير للسلطنة قيادة وشعبا.

وقال الهاجري في تصريح لـ «كونا» أمس إن دولة الكويت وسلطنة عمان ترتبطان بعلاقات تاريخية متأصلة ومتجذرة عبر الزمن حيث تميزت بخصوصية وترابط رسمي وشعبي وثيق عزز من شأنها ورسوخها حرص القيادتين في البلدين الشقيقين على توطيدها وتطويرها.

وأشار الى تطابق الرؤى والاهداف بين البلدين الشقيقين في مختلف القضايا السياسية عربيا ودوليا ادراكا من القيادتين الحكيمتين بوحدة المصير المشترك التي ترجمتها مواقف البلدين الشقيقين عبر التاريخ.

وأضاف أن هذه الزيارة التي تؤكد طبيعة العلاقة المتينة تأتي استكمالا لنهج البلدين المتأصل في دفع العلاقات الثنائية نحو الأمام والى افاق ارحب وأوسع في مختلف المجالات لتحقيق مصلحة البلدين والشعبين الشقيقين.

علاقات عميقة

وتشكل العلاقات الكويتية - العمانية الضاربة بجذورها عميقا في ذاكرة البلدين، مثالا يحتذى لعلاقات بلدين جمعت بينهما أواصر كثيرة أهمها اللغة والدين والتاريخ ورسخها حرص قيادتيهما على تعزيزها وتطويرها، بالاضافة الى العلاقات السياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية والعلمية.

وتتجلى مواقف سلطنة عمان المبدئية والمشرفة تجاه قضايا الكويت بأبهى صورها إبان محنتها عام 1990 خلال غزو النظام العراقي حينما وقفت السلطنة مع الحق الكويتي وساهمت في حرب تحرير الكويت في فبراير 1991 واحتضنت عددا كبيرا من مواطنيها أثناء فترة الاحتلال وقدمت لهم كل التسهيلات.

وعلى الصعيد السياسي شهدت العقود الثلاثة الماضية تطورا مطردا في العلاقات الثنائية وتعزيزا للصلات التاريخية القديمة وتعاونا مشتركا في القضايا الإقليمية والعالمية وتوجت ذلك كله الزيارات المتبادلة التي كان تقوم بها قيادات البلدين الشقيقين.

ففي 18 سبتمبر 1991 زار أمير البلاد الراحل الشيخ جابر الأحمد طيب الله ثراه سلطنة عمان والتقى المغفور له بإذن الله تعالى السلطان قابوس بن سعيد حيث قدم شكر الكويت للسلطنة على مواقفها المؤيدة للحق الكويتي خلال محنة الغزو. كما زار السلطان قابوس الكويت في 23 ديسمبر عام 1991 للمشاركة في القمة الخليجية الـ12 لدول مجلس التعاون الخليجي كما زارها في 20 مايو عام 2002 ثم في يونيو 2005 وكذلك في 28 ديسمبر 2009 حينما قلد أمير البلاد الراحل الشيخ صباح الأحمد طيب الله ثراه السلطان قابوس (قلادة مبارك الكبير) فيما قلد السلطان قابوس الأمير الراحل (وسام عمان المدني) من الدرجة الأولى.

وفي 17 يونيو عام 2010 زار السلطان قابوس الكويت والتقى الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد، ثم زارها في 16 أبريل عام 2012. فيما زار الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد سلطنة عمان في 20 فبراير عام 2017 ثم في 12 يناير عام 2020 لتقديم واجب العزاء في وفاة السلطان قابوس، في حين زار سلطان عمان هيثم بن طارق البلاد في الأول من أكتوبر 2020 لتقديم واجب العزاء في وفاة أمير البلاد الراحل الشيخ صباح الأحمد، كما زارها في 18 يونيو 2023 لتقديم واجب العزاء في وفاة الأمير الراحل الشيخ نواف الأحمد.

اللجنة المشتركة

وفي إطار التشاور والتنسيق المشترك بين البلدين حيال مجمل القضايا محل الاهتمام المشترك وتعزيز التعاون الثنائي شكل البلدان في عام 2001 لجنة مشتركة تلتقي بصورة دورية.

وتعمل اللجنة المشتركة بصفة مستمرة على تعزيز العلاقات الثنائية في المجالات التجارية والصناعية والثقافية والعلمية والسياحية والبحث العلمي والتعاون الفني والإعلامي إضافة إلى مجال النفط والغاز والتنمية الاجتماعية والقوى العاملة والخدمة المدنية والتنمية الإدارية والحكومة الإلكترونية وحماية البيئة البحرية ومكافحة التلوث وحماية الموارد الساحلية.

ولم تتوقف الزيارات بين البلدين لمسؤولين من السلطتين التنفيذية والتشريعية طوال العقود الماضية فيما شهد البلدان في الآونة الأخيرة زيارات متبادلة لمسؤولين من الجانبين بهدف تعزيز أواصر التعاون وتنسيق الجهود المشتركة.

ففي 11 مارس عام 2023 ترأس وزير الخارجية السابق الشيخ سالم الصباح وفد الكويت في أعمال اللجنة الكويتية - العمانية المشتركة بدورتها التاسعة التي عقدت في سلطنة عمان، وبحث خلال الزيارة مع وزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي التطورات على الساحتين الإقليمية والدولية.

وفي 16 نوفمبر عام 2023 زار وزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي الكويت حيث عقد محادثات رسمية مع وزير الخارجية السابق الشيخ سالم الصباح ووقعا مذكرتي تفاهم وبرنامجين تنفيذيين في مجال التعليم العالي وتعزيز حماية المنافسة والتعاون الفني في مجال حماية البيئة 2024-2026، وفي مجال تنمية الصادرات الصناعية 2024-2025.

وفي 21 نوفمبر عام 2023 زار نائب رئيس الوزراء وزير الدفاع الكويتي السابق الشيخ أحمد الفهد سلطنة عمان، وبحث مع نائب رئيس الوزراء لشؤون الدفاع شهاب بن طارق بن تيمور عددا من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك.

اتفاقيات ومذكرات تفاهم

وشهدت العقود الثلاثة الأخيرة نموا مطردا في العلاقات الثنائية بين الكويت والسلطنة، وتعاونا مشتركا في القضايا الإقليمية والعالمية، إضافة لما يربطهما من اتفاقيات ومذكرات تفاهم في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية والسياحية والفنية وغيرها، علاوة على ما توج ذلك من الزيارات المتبادلة لقيادات البلدين.

ويأتي على رأس المشاريع العملاقة المشتركة التي تجسد التطابق في الرؤى والأهداف بين دولة الكويت وسلطنة عمان مشروع نفطي كبير من شأنه أن يغير وجه المنطقة الاقتصادي، ويفتح باب الاستثمارات الكبرى، وهو مشروع مصفاة الدقم الذي يعد إحدى ثمرات العلاقات الوثيقة بين البلدين، ويتماشى مع التوجهات الاستراتيجية لمؤسسة البترول الكويتية في مجال التكرير خارج البلاد.

وفيما يخص تعزيز التعاون الثنائي شكل البلدان في عام 2003 اللجنة الكويتية - العمانية المشتركة التي تلتقي بصفة دورية وتتولى عددا من المهام أبرزها زيادة حجم التبادل الاقتصادي والتجاري والسياحي، والإسهام بتحقيق تطلعات الجميع من تقدم وازدهار للبلدين والشعبين الشقيقين.

وعقدت اللجنة تسعة اجتماعات كان آخرها في مارس الماضي بالعاصمة العمانية مسقط، وأثمرت أعمال الدورة التاسعة للجنة المشتركة التوصل لاتفاق حول خمس مذكرات تفاهم وبرامج تنفيذية بمجالات عدة وهي مذكرة تفاهم في مجال الدراسات الدبلوماسية والتدريب ومذكرة تفاهم في مجال التعليم العالي ومذكرة تفاهم في مجال حماية المنافسة ومنع الاحتكار والبرنامج التنفيذي للتعاون في مجال حماية البيئة للفترة من 2021 إلى 2024 والبرنامج التنفيذي للتعاون في مجال تنمية الصادرات الصناعية للفترة من 2023 إلى 2025.

وبلغ عدد الاتفاقيات الموقعة بين البلدين لما قبل الاجتماع الأخير 27 اتفاقية منذ عام 1974 إلى 2017 شملت مختلف المجالات، كما وصل عدد مشاريع الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية إلى 23 مشروعا في السلطنة، فيما بلغ حجم الاستثمار في صندوق عمان للدخل الثابت ما يقارب ثمانية ملايين دينار كويتي (26.4 مليون دولار أميركي) في حين بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين وفقا لآخر الإحصائيات الرسمية أكثر من 105 ملايين دينار (346.5 مليون دولار).