برنامج الحكومة والأهداف التي ذكرها سمو رئيس الوزراء في لقائه مع الصحف حسم الجدل حول كثير مما يدور في الساحة السياسية والاقتصادية، وأكد كل ما حذر منه جميع الاقتصاديين الكويتيين الثقات، وانتصر لكثير مما كتبته في هذه الزاوية، وهذا جعلني أشعر بالفوز على كلام الجهلة والفاسدين.

فقد صدع سمو الرئيس بقوله «استحالة استدامة دولة الرفاه مع الاعتماد على ثروة النفط الناضبة»، وبين أن «300 ألف مواطن سيدخلون سوق العمل خلال 10 سنوات ويصعب استيعابهم في القطاع العام»، وأكد أن «60 مليار دينار العجز المتوقع خلال السنوات الخمس القادمة»، وأن «كلفة تأخر الإصلاح مؤلمة»، وأن «تذبذب أسعار النفط يضع الكويت أمام تحدٍّ استثنائي»، و«استمرار السياسات الريعية سيؤدي إلى هدر منظم وضغط على الموارد»، و«برنامج الحكومة سيعالج الخلل عبر البديل الاستراتيجي».

Ad

نعم هذا أول مؤشرات النصر على الاستنزاف في المعركة التي تخوضها البلاد منذ سنوات، ولكن يجب ألا يغيب عنا أنه انتصار مؤقت، إذ بقي الأهم، وهو تمرير هذه الأهداف في المجلس، وتنفيذها على واقع الكويت العزيزة، وهي معركة جديدة فيها احتمالات ثلاثة:

الأول: أن تنجح الحكومة في تمرير برنامجها وأهدافها، وتتصدى للتوجهات المضادة في كثير من اقتراحات أعضاء مجلس الأمة، وهذا الاحتمال يبدو صعباً، بدليل الانتصار الهش الذي حققته الحكومة في منازلة تأجيل تقارير اللجنة المالية، إذ كانت النتيجة 32 صوتاً مقابل 30 صوتاً.

والثاني: أن تنتصر الاتجاهات المضادة لكثير من أعضاء المجلس فتحبط أهداف الحكومة وبرنامجها، وبذلك يستمر استنزاف الميزانية والموارد واحتياطي الأجيال، وندخل في نفق العجز المظلم والبطالة الخطيرة، وقد يواجه هذا الاحتمال الحل الدستوري.

والثالث هو أن تضحي الحكومة ببعض أهدافها والوصول إلى حلول وسط مع هؤلاء الأعضاء واقتراحاتهم، مما يعني استمرار الاستنزاف بوتيرة بطيئة، أي استمرار العجز وتحميل المال العام جميع المصروفات، وتكديس كل الخريجين في الحكومة دون خلق إيرادات جديدة، وهذا قد يطيل عمر الحكومة والمجلس، ولكنه في النهاية سيؤدي إلى نمو الخلل المزمن الذي حذر منه رئيس الوزراء.

وبناء على هذه الأوضاع، فإن من أهم عوامل تحقيق النصر المبين مساندة سمو الأمير وتمسك الحكومة ببرنامجها دون تراخٍ، وكذلك تنظيم حملة إعلامية توعوية للكافة، ومكافحة الفساد، إضافة إلى تجرد ودعم الأعضاء الوطنيين الساعين للإصلاح الفعلي لا للكرسي النيابي.