وسط استعدادات إسرائيلية لاجتياح مدينة رفح، أقصى جنوب غزة، والتي تعد آخر ملاذ آمن لنحو مليون و300 ألف نازح فلسطيني فروا من آلة القتل الإسرائيلية التي اجتاحت معظم مناطق القطاع الفلسطيني، أعربت وزارة الخارجية عن «قلق الكويت الشديد إزاء مخططات قوات الاحتلال الإسرائيلي لمهاجمة رفح بعد ترحيل السكان المدنيين قسراً منها»، داعية المجتمع الدولي إلى «تفعيل آليات المحاسبة لوضح حد للانتهاكات المتواصلة».
وجددت «الخارجية»، في بيان، أمس «موقف الكويت الرافض للممارسات العدوانية ومخططات التهجير ضد الشعب الفلسطيني الشقيق»، معيدة موقفها «الداعي إلى ضرورة تحمل المجتمع الدولي ومجلس الأمن مسؤولياتهما في حماية المدنيين الفلسطينيين العزل، وتفعيل آليات المحاسبة الدولية لوضع حد للانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني وقرارات الشرعية الدولية».
في غضون ذلك، حذرت عدة دول في مقدمتها السعودية ومصر والأردن وألمانيا من تداعيات كارثية وخيمة جراء الخطوة التي تسرب أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أبلغ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أنها قد تنطلق في غضون أسبوع أو أسبوعين.
ودعت «الخارجية» السعودية مجلس الأمن الدولي للاجتماع عاجلاً «لمنع إسرائيل من التسبب بكارثة وشيكة يتحمل مسؤوليتها كل من يدعم العدوان»، في حين حذر وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي أنه لا يمكن السماح بـ «حمام دم»، في وقت نشرت السلطات المصرية 40 دبابة وناقلة جند قبالة الشريط الحدودي مع غزة وسط تخوفها من دفع الآلاف للفرار باتجاه سيناء.
وفي تل أبيب، أفادت معلومات بأن نتنياهو أقر تنفيذ اجتياح رفح لكنه طالب قواته باستعجال إتمامه قبل حلول شهر رمضان، لتفادي انفجار الضغوط الدولية خصوصاً بعد إعلان إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن أنها لا تدعم «حملة غير مخطط لها جيداً قد تتحول إلى كارثة»، في محاولة أخيرة لإطلاق سراح المحتجزين في غزة من دون القبول بشروط ثقيلة من حركة حماس.
إلى ذلك، خفضت وكالة موديز التصنيف الائتماني لإسرائيل، مشيرة إلى مخاطر سياسية ومالية عليها جراء الحرب التي تخوضها مع «حماس»، مع إبقائها على توقعاتها الائتمانية عند «سلبية».
وفي تفاصيل الخبر:
مع دخول الحرب الانتقامية التي تشنّها الدولة العبرية ضد غزة يومها الـ 127، أمس، أفادت معلومات بأن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو طلب من الجيش الإسرائيلي إكمال العملية البرية المرتقبة داخل رفح، المكتظة بنصف سكان القطاع، قرب الحدود المصرية، قبل حلول شهر رمضان المتوقع في 10 مارس المقبل.
وأفادت «القناة 12» ليل الجمعة، بأن نتنياهو أخبر مجلس الوزراء الحربي المصغر أن العملية في المدينة الواقعة أقصى جنوب غزة، حيث يقيم أكثر من نصف سكان القطاع الساحلي البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، يجب أن تكتمل قبل أن يتولى الجيش الإسرائيلي السلطة بالقطاع.
وناقش نتنياهو العملية المرتقبة برفح، حيث أكد رئيس أركان الجيش هرتسي هاليفي لـ «كابينت الحرب» أن قواته مستعدة للعمل، لكنّه يحتاج إلى أن تقرر الحكومة أولاً ما تريد فعله مع غزة في «اليوم التالي للحرب» والنازحين الذين لجأوا من مختلف مناطق القطاع إلى رفح، فضلا عن المطلوب بشأن محور فيلادلفيا الذي يبلغ طوله 14 كيلومترا على طول حدود غزة مع مصر.
وزعمت القناة العبرية أن نتنياهو يماطل في التوصل إلى قرارات حاسمة بشأن قضيتَي «اليوم التالي» و»المحور الحدودي»، رغم تحذيرات القاهرة التي تتخوف من أن أي عملية إسرائيلية على طول الحدود ستدفع الفلسطينيين الفارين من المعارك إلى محاولة العبور لسيناء.
وأشارت إلى نتنياهو «أبلغ وزير خارجية الولايات المتحدة أنتوني بلينكن، خلال اجتماعهما، الخميس، أن العملية في رفح قد تبدأ خلال أسبوعين على أبعد تقدير».
ادّعاء وضغوط
وأمس، ادّعت هيئة البث الإسرائيلية، أنه «بناء على طلب مصر والولايات المتحدة، ستبدأ العملية البرية في رفح بعد الانتهاء من عملية إخلاء واسعة النطاق للمدنيين من رفح وضواحيها، وبعد توصّل تل أبيب والقاهرة إلى اتفاق بشأن نشاط الجيش الإسرائيلي ضد الأنفاق على طول الطريق في محور فيلادلفيا» بين غزة وسيناء.
وفي وقت سابق، ذكر مكتب نتنياهو أن «من المستحيل تحقيق هدف الحرب المتمثل في القضاء على حماس وبقاء 4 كتائب تابعة للحركة في رفح»، التي يقدّر أن أكثر من 1.4 مليون فلسطيني يحتمون بها، أغلبهم نزحوا إليها مع بدء الحملة البرية المدمرة انطلاقا من شمال القطاع في 27 أكتوبر الماضي.
وجاء الحديث الإسرائيلي عن تفاهمات مع القاهرة وواشنطن، في وقت باتت لهجة الرئيس الأميركي جو بايدن تجاه إسرائيل أكثر حدّة في الأيام الأخيرة، غير أنّها انتقلت إلى مستوى أكثر جدّية عندما وصف ردّ فعل إسرائيل في غزة بأنّه مفرط الخميس الماضي.
ورغم أن المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارين جان بيار، شددت على أن «موقف بايدن لم يتغيّر» فإن ذلك لا ينفي أن واشنطن قد بدأت بالفعل في رفع صوتها بوجه حكومة نتنياهو التي تضم وزراء من اليمين المتطرف، وحذرت من أنها لن تدعم عملية غير مخطط لها جيداً في رفح قد تتحول إلى كارثة.
كارثة عالمية
في المقابل، حذّر المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، من «كارثة ومجزرة عالمية تخلّف عشرات آلاف الشهداء والجرحى»، في حال اجتاحت إسرائيل آخر ملاذ للنازحين في القطاع.
وحمل مكتب الحكومة التابعة لـ «حماس» إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن و»المجتمع الدولي والاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن الكارثة والمجزرة العالمية التي يُلوّح بارتكابها الاحتلال».
كما حذّرت عدة دول عربية، في مقدمتها الكويت والأردن ومصر والسعودية والإمارات وقطر من الخطوة الإسرائيلية.
وحذرت وزارة الخارجية السعودية من «التداعيات البالغة الخطورة لاقتحام واستهداف رفح والمدنيين الذين أجبرهم العدوان الوحشي على النزوح».
وقالت في بيان: «تؤكد المملكة رفضها القاطع وإدانتها الشديدة لترحيلهم قسرا، وتجدد مطالبتها بضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار».
وتابعت: «إن الإمعان في انتهاك القانون الدولي والإنساني يؤكد ضرورة انعقاد مجلس الأمن الدولي عاجلا لمنع إسرائيل من التسبب في كارثة إنسانية وشيكة يتحمل مسؤوليتها كل من يدعم العدوان».
وساطة وضغوط
على الجهة المقابلة من الحدود، أفاد وكالة رويترز نقلا عن مصدرين أمنيين بأن السلطات المصرية أرسلت نحو 40 دبابة وناقلة جند مدرعة إلى شمال شرق سيناء في الأسبوعين الماضيين، في إطار سلسلة تدابير لتعزيز الأمن على حدودها مع القطاع الفلسطيني المحاصر، فيما نقلت قناة الأقصى، التابعة لـ «حماس»، عن مصدر مسؤول قوله إن «وفد الحركة برئاسة خليل الحية اختتم محادثاته مع الوسطاء في القاهرة، لبحث موقف الفصائل من مقترح باريس»، عقب رفض تل أبيب خطة طرحتها الحركة الأربعاء الماضي، واشترطت قبول وقف الحرب لإبرام صفقة تبادل المحتجزين والأسرى.
ولفت المصدر إلى أن وفد «حماس» غادر القاهرة، أمس، بعد اجتماعين مع المسؤولين بجهاز المخابرات العامة المصري، بحضور وفد رفيع يمثّل قطر في الوساطة خاصة بالمفاوضات الرامية لوقف إطلاق النار، مشيرة إلى الحركة سلّمت ردها الجديد بشأن مقترحات باريس، في انتظار الرد الإسرائيلي.
ومن المتوقع أن يسافر مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه)، وليام بيرنز، إلى القاهرة بعد غد الثلاثاء، لعقد اجتماعات مع المسؤولين المصريين بشأن مفاوضات الصفقة المتعثّرة بين «حماس» وإسرائيل.
وبيرنز هو الشخصية المركزية للرئيس بايدن في الجهود المبذولة لتأمين صفقة تبادل أسرى ووقف الحرب التي دخلت شهرها الخامس على غزة. ويضع إرسال بيرنز إلى القاهرة ضغوطاً على الوسطاء القطريين والمصريين، لدفع «حماس» للموافقة على «صفقة معقولة» بعد طرحها خطة تضمنت هدنة تمتد إلى 135 يوما على 3 مراحل، والإفراج عن المحتجزين الإسرائيليين المتبقين وعددهم نحو 136، مقابل إطلاق سراح نحو 1500 معتقل من سجون الاحتلال بعضهم من القيادات الفصائلية البارزة.
وليل الجمعة، أفاد موقع والاه بأن تل أبيب رفضت معظم مطالب «حماس»، وقالت إنها مستعدة لمفاوضات على أساس «مقترح باريس»، الذي يشمل إطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين، ووقفا مؤقتا للحرب، دون النص على إنهاء الحملة العسكرية.
ووفق الموقع العبري، رفضت تل أبيب دعوة مصرية لإرسال وفد إلى القاهرة في هذه المرحلة، وشددت على ضرورة تضييق الفجوات، لأن مقترحات «حماس» بشكلها الحالي لا تسمح بإجراء مفاوضات جدية، وإذا استمرت في التمسك بتلك «الشروط الوهمية»، فإن إسرائيل ستنسحب من المفاوضات.