لدى الدبلوماسية الروسية تقاليد عريقة تمتد عدة قرون، ففي كل عام في العاشر من فبراير يقوم الدبلوماسيون الروس بالاحتفال بيومهم المهني – يوم الدبلوماسيين – للاحتفاء بذكرى إنشاء الخدمة الدبلوماسية الروسية في عام 1549.

هذا اليوم التذكاري الذي لم يمض على تحديده الكثير من الزمن هو يوم متعلق بالتاريخ الروسي وإنشاء أول مكتب روسي خاص بعلاقات خارجية – قسم السفراء (أو «بوسولسكي بريكاز» بالروسية). وعلى حسب السجلات الرسمية فإن أول قسم علاقات خارجية أنشأه القيصر ايفان الرابع (المعروف باسم ايفان الرهيب) في العاشر من فبراير عام 1549.

Ad

لكن بالطبع، تعود تقاليد الدبلوماسية الروسية إلى ما قبل ذلك. فعلى سبيل المثال فإن «اتفاقية السلام والحب» بين روسيا القديمة والإمبراطورية البيزنطية، تم التوقيع عليها في عام 860، كذلك مبعوثو روسيا القديمة كانوا ضيوفا متكررين بأوروبا في العصور الوسطي.

ولكن في القرن السادس عشر وبعد تشكيل الدولة الروسية المتحدة القوية، أصبح وجود قسم دبلوماسي يقوم بمهام السياسة الخارجية أمرا حيويا وفي عام 1549 أصبحت الخدمة الدبلوماسية جزءاً لا يتجزأ من الدولة الروسية.

إن قسم السفراء قام بإدارة السياسة الخارجية الروسية بنجاح خلال فترة القرنين السادس عشر والسابع عشر (وتم افتتاح بعثات دبلوماسية دائمة أولى في القرن السابع عشر). وفي 1718-1720 بدأ التحول المتدرج على يد الإمبراطور بطرس الأكبر، ليصبح قسم السفراء كوليجيوماً للعلاقات الخارجية.

وفي نفس الوقت ظهرت الإمبراطورية الروسية كقوة أوروبية ضخمة. إن كوكبة الدبلوماسيين اللامعين في كوليجيوم العلاقات الخارجية وضعت القواعد الأساسية وأساليب الدبلوماسية الروسية.

وأخيرا، في عام 1802، الشكل الجديد لإدارة السياسة الخارجية – وزارة الشؤون الخارجية – تم تأسيسها بموجب أمر الإمبراطور ألكسندر الأول.

وفي عام 1914 امتلكت روسيا شبكة عريضة من الدبلوماسيين والتمثيل القنصلي في شتى أنحاء العالم. وزارة الشؤون الخارجية (كما عرفت في الفترة 1917-1946 مفوضية الشعب للشؤون الخارجية) دعمت مصالح الدولة في كل نقطة تحول تاريخية في روسيا أو التاريخ الدولي. إن دبلوماسيينا قاموا بمبادرة حاسمة في تقوية الائتلاف المناهض لهتلر خلال الحرب العالمية الثانية، وكذلك الإسهام العظيم في إنشاء الأمم المتحدة وتعزيز سلطتها في إدارة العلاقات الدولية وكذلك كافحوا لأجل السلام ونزع السلاح.

اليوم تلعب الدبلوماسية الروسية دورا كبيرا في الأمم المتحدة ومجموعة بريكس ومجموعة العشرين ومنتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ والمنصات الدولية والإقليمية الأخرى، وتقوم بتعزيز الروابط بين الأصدقاء والتعاون مع الدول الأخرى.

إن الدبلوماسي في عصرنا يختلف كثيرا عن الدبلوماسي في الماضي. أصبحت الدبلوماسية الحديثة أكثر ديناميكية وتنوعا، وتتطلب من الدبلوماسي المعرفة الواسعة في مجالات متعددة، مثل القضايا البيئية ومسائل تغير المناخ ومراقبة الأسلحة ومكافحة الإرهاب وغيرها من الملفات الدولية المهمة، بينما تتغير أساليب العمل الدبلوماسي مع الوقت، تبقى المهمة الأساسية للدبلوماسي نفسها – ضمان ظروف خارجية مناسبة للنماء المحلي للدولة.

لكن أفضل التقاليد الأساسية في الدبلوماسية الروسية، والتي مازالت حتى هذا اليوم متأصلة بقوة، هي ثقافة ومهارات المهنية القوية التي تتضمن قدرات لغوية عالية، والمعرفة العميقة في مجال العلاقات الخارجية والالتزام بخدمة الوطن مع الاحترام للبلدان التي يعملون فيها.

سفير روسيا الاتحادية لدى الكويت فلاديمير جيلتوف