الجسمي: تطور التكنولوجيا يؤدي إلى تغيرات ثقافية كبيرة
خلال محاضرة «أهمية الثقافة» برابطة الأدباء الكويتيين
أقامت رابطة الأدباء الكويتيين محاضرة بعنوان «أهمية الثقافة»، قدَّمها د. عبدالله الجسمي، وأدارها الكاتب مبارك العجمي.
وعلى هامش المحاضرة، قال د. الجسمي، إن الهدف من المحاضرة هو تسليط الضوء على أهمية الثقافة، وضرورة الإلمام بها، لمجموعة من الأسباب، منها الجانب الفكري على المستوى العالمي، حيث «نرى أن الأيديولوجيا تهاوت بشكل كبير في العقود الثلاثة الأخيرة، خصوصاً بعد انهيار المعسكر الرأسمالي»، لافتاً إلى أنه تبيَّن بعد فترة طويلة من حُكم الدول التي اتبعت الاشتراكية أو الأيديولوجيا الاشتراكية أنه حين انهارت عادت الشعوب إلى ثقافتها العرقية أو الاجتماعية، وأيضاً عادت إلى الأديان، مما يؤكد أن الثقافة بالفعل لها قوة، وأقوى من الفكر.
التطورات التكنولوجية
وذكر أن الأمر الآخر الذي فرض الاهتمام بالثقافة بشكل عالمي، هو التطورات التكنولوجية خلال العقدين الأخيرين تقريباً، معلقاً: «من دون شك تطور التكنولوجيا سيؤدي إلى تغيرات ثقافية، حيث ستعمل على تغيرات بنيوية في واقع المجتمع، مع استخداماتها الكثيرة، وتؤثر بشكل أكبر على الإنسان، وطالما أن الأمر يتعلق بالإنسان فبالتأكيد التكنولوجيا سوف تؤثر بشكل كبير عليه، وستخلق ثقافة جديدة في العالم، بالتالي يجب الإعداد والاستعداد لهذا الأمر».
الثقافة الاستهلاكية
وأوضح د. الجسمي أن هناك أمرين آخرين يتعلقان بالثقافة الاستهلاكية التي سادت العالم، فقد تراجعت الثقافة والقيم الرصينة، مبيناً أن هذه الثقافة ليس لها أي فكر أو قيم تتصادم مع الإنسان، فهدفها الرئيسي هو الاستهلاك، لافتاً إلى أن ذلك ساهم في تسليع كل شيء.
وذكر أن الجزء الآخر الذي يدفع للاهتمام بالثقافة هو التراجع الذي يحدث في الثقافة المدنية، خصوصاً في المجتمعات الصناعية والمتقدمة، وبروز القوى الشعبوية التي لا تؤمن بقيم المجتمع المدني، ولا تؤمن بالثقافة المدنية، وبالتالي ذلك يؤثر على الثقافة بشكل عام.
وأضاف: «بالنسبة للواقع العربي، نرى أن الأزمات التي نمر بها هي أزمات ثقافية بالدرجة الأولى، أي أن الثقافة هي التي تحتضن القيم وطرق التفكير والممارسات، وغيرها من أشياء تتم ضمن السياق الثقافي، فمثلاً التعصب والتطرف وغيرهما مما نراه من مظاهر الإقصاء تعبِّر عن مظاهر ثقافية، نتيجة ثقافات سائدة في المجتمع بشكل عام»، مؤكداً أن «الأزمات التي نراها في عالمنا العربي تعود بالدرجة الأولى إلى الجانب الثقافي، وبالتالي نريد معالجة هذا الموضوع».
تغيرات سريعة
وقال د. الجسمي، إنه في منطقة الخليج بشكل عام مع الثروة النفطية أصبحت هناك تغيرات سريعة وكبيرة جداً، وفي وقت قياسي، فهناك تحولات بنيوية في طبيعة المجتمعات، وذلك ساهم في خلق ثقافة جديدة أو نوع من الثقافة ساد خلال فترة النفط، وهي الثقافة الاستهلاكية، وحتى التقدم الذي حدث بالدرجة الأولى إلى وقت قريب كان في البنية التحتية، فيما التحديث الثقافي لم يتم الاهتمام به، أو إعطاؤه الوقت أو الاهتمام الكافي، والتركيز كان منصباً على الجانب المادي بالدرجة الأولى.
واستدرك أن هناك مؤشرات تبشر بالخير في المنطقة، وهي التطورات التي تحدث الآن في ظل انفتاح وتنويع مصادر الدخل، ما سيخلق واقعاً ثقافياً جديداً يستدعي من المثقفين والمفكرين والأكاديميين في المنطقة السعي لمواكبة التغيرات، والمساهمة في خلق ثقافة عصرية حديثة تسود فيها قيم التسامح والتعايش واحترام الآخر، وأيضاً يسود فيها التفكير العقلاني، ولا توجد فيها مظاهر سلبية من تطرف وتعصب تمت معاصرتها خلال العقود الماضية.
وأكد د. الجسمي أن الثقافة المدنية قد تكون مخرجاً لكثير من المشكلات الثقافية الموجودة، لأنها ثقافة تدعو للمساواة والعدل بين الناس في الحقوق والواجبات، وأيضاً تدعو لمبدأ تكافؤ الفرص، ثقافة أساسها التعايش والتسامح بين مكونات أي مجتمع.
المنتدى الثقافي الخليجي الثالث
تنطلق اليوم فعاليات «المنتدى الثقافي الخليجي الثالث– الكويت 2024»، والذي تنظمه رابطة الأدباء الكويتيين بمقرها في منطقة العديلية، برعاية مؤسسة عبدالعزيز سعود البابطين الثقافية، والمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، ويستمر إلى يوم غد (الثلاثاء)، وستكون شخصية الحفل الشاعر الراحل عبدالعزيز سعود البابطين.وسيتضمن برنامج المنتدى عدة جلسات: «الرواية الخليجية خلال عقدين»، و«مهرجان عبدالعزيز البابطين الشعري»، وسيشارك بالمنتدى مجموعة من الروائيين والشعراء، وذلك ضمن فعاليات مهرجان القرين.