عقدت جولة ثانية من «مفاوضات رباعية» ترمي لعقد هدنة وصفقة تبادل محتجزين بين إسرائيل و«حماس»، في القاهرة اليوم، وسط ضغوط أميركية للتوصل إلى وقف مؤقت لإطلاق النار بغزة يمكن من تبريد الحريق الذي يتمدد إقليمياً، وتوتّر مصري جراء إصرار سلطات الاحتلال الإسرائيلي على توسيع حربها ضد القطاع الفلسطيني، لتشمل اجتياح مدينة رفح المكتظة بـ 1.3 مليون نازح، دون خطة واضحة لإجلائهم بعيداً عن المعارك والقتال بالمنطقة الملاصقة لحدود سيناء.
وأفادت قناة القاهرة الإخبارية بأن مدير المخابرات العامة المصرية عباس كامل، ومدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) وليام بيرنز، ورئيس جهاز الاستخبارات الإسرائيلي (الموساد)، دافيد برنيا، ورئيس جهاز الأمن العام (الشاباك)، رونين بار، ورئيس الوزراء القطري محمد بن عبدالرحمن، عقدوا اجتماعاً من أجل بحث موقف التهدئة بالقطاع وابرام صفقة جديدة مع «حماس» تسمح بإطلاق المحتجزين الإسرائيليين مقابل تحرير معتقلين فلسطينيين من سجون الاحتلال.
وذكرت هيئة البث العبرية «كان» أن الطرف الإسرائيلي حضر بمقترحات تتضمن «مرونة معيّنة»، موضحة أن إسرائيل صاغت مسوّدة جديدة بشأن موقفها من الصفقة المقترحة التي تمثّل تعديلاً لمبادرة صيغت خلال الاجتماع الرباعي الأول الذي استضافته العاصمة الفرنسية باريس في وقت سابق.
ونقلت الهيئة الرسمية عن مصادر مطلعة أن الوفد الإسرائيلي سيبحث في القاهرة أيضاً العملية العسكرية التي يعتزم جيش الاحتلال القيام بها في رفح الفلسطينية، مع دخول الحرب الوحشية ضد قطاع غزة يومها الـ 130 اليوم.
وقرر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إرسال وفده إلى القاهرة، بعد ضغط من الرئيس الأميركي جو بايدن، وبعدما أبدت إسرائيل في الأيام الأخيرة موقفها الرافض لإرسال من يمثلها، بزعم أن ردّ «حماس» على مقترح الصفقة الذي تمت صياغته في لقاء باريس أشار إلى وجود فجوات كبيرة بين الطرفين.
وتعطّلت المفاوضات بعد رفض إسرائيل رد «حماس»، الذي اشترط إنهاء الحرب مقابل إطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين.
توتر وتفادي
وغداة رفض «الخارجية» المصرية اتهامات وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، للقاهرة بتحمُّل مسؤولية كبيرة عن هجوم «طوفان الأقصى»، الذي شنته «حماس» على الدولة العبرية وأطلق شرارة الحرب الحالية، عبر تسليح الحركة الفلسطينية من خلال السماح بعمليات التهريب الحدودية، أكد رئيس الهيئة العامة المصرية للاستعلامات، ضياء رشوان، أن الرد المصري على إسرائيل «إذا تعرّض الأمن القومي المصري أو الأراضي المصرية للتهديد أو تصفية القضية الفلسطينية لن يقتصر على إجراءات رمزية، مثل سحب أو طرد السفراء».
وتابع: «لا أظن أن الإجراءات الرمزية بكل أنواعها، مثل طرد السفير مستبعدة، لكن الإجراءات الفعلية وصلت إلى إسرائيل، ووصلت إلى من يوصلون إليها بما يمكن أن يترتب عليه أي تحرُّك».
واستغرب المسؤول المصري «التصرفات الجنونية لبعض وزراء الحكومة الإسرائيلية تجاه الدولة الأكبر بالمنطقة (أي مصر)، بعد فشلها (أي إسرائيل) في تحقيق أهدافها المتمثلة في مواجهة بضعة آلاف من المقاومين أو بتحرير المحتجزين بالقطاع».
واختتم رشوان حديثه بالقول: «لا يمكن استبعاد أي احتمال للمساس بأمن مصر وأرضها، وكلنا ثقة بقدرة مصر قيادة سياسية وجيشاً».
وفي وقت سابق، اعتبرت وزارة «الخارجية» المصرية أنه «من المؤسف والمشين أن يستمر وزير المالية الإسرائيلي في إطلاق تصريحات غير مسؤولة وتحريضية، ولا تكشف إلا عن نهم للقتل والتدمير، وتخريب لأي محاولة لاحتواء الأزمة في غزة».
وقال المتحدث باسم الوزارة، أحمد أبوزيد، إن مثل تلك التصريحات «غير مقبولة جملة وتفصيلا، حيث تسيطر مصر بشكل كامل على أراضيها، ولا تسمح لأي طرف بأن يقحم اسمها في أي محاولة فاشلة لتبرير قصور أدائه».
وتزامن ذلك مع تقارير زعمت أن إسرائيل اقترحت نقل النازحين من رفح وإيوائهم في مدن خيام شاسعة، بتمويل أميركي - خليجي، على امتداد الساحل الغربي لغزة خلال مناقشات مع مصر التي قيل إنها طالبت بنقل النازحين إلى وسط القطاع قرب دير البلح وإعلانها منطقة آمنة.
وذكرت التقارير أن كل جانب اقترح خطة لتسهيل الإخلاء الآمن لأكثر من 1.3 مليون من سكان غزة من المدينة الجنوبية، إذ أفادت «وول ستريت جورنال» بأن العرض الإسرائيلي يتضمن إنشاء نحو 15 قرية مؤقتة، وتقع المناطق الآمنة جنوب مخيم المواصي وشارم بارك في الجزء الجنوبي الغربي من القطاع.
ترقّب وامتثال
من جهتها، أكدت «حماس» على لسان قيادي أنها في انتظار مخرجات «مفاوضات القاهرة»، مشيرة إلى «الانفتاح نحو نقاش أي مبادرة، تحقّق وقف الحرب».
وأضاف القيادي أن رد إسرائيل على «اتفاق الإطار» الذي تلقاه الوسطاء، يمثّل تراجعاً عن «مقترح باريس»، ويضع عقبات كبيرة لا تساعد على إبرام اتفاق، لوقف إطلاق النار وتبادل المحتجزين.
من جانب آخر، نقلت «سكاي نيوز عربية» عن مصدر فلسطيني أن «حماس» وافقت على تشكيل رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس «حكومة تكنوقراط» تسعى واشنطن لأن تجعلها نواة من أجل حكم غزة والضفة الغربية المحتلة ضمن خطة مستقبلية طموحة لإنهاء النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني.
وفي ما يبدو أنه استجابة لضغوط تمارسها الولايات المتحدة على كل الأطراف لاحتواء الأزمة التي امتدت آثارها إلى عدة جبهات إقليمية تنشط بها فصائل وجماعات مسلحة مدعومة من طهران، أعلن وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبداللهيان، خلال وجوده في الدوحة استعداد «حماس» للانخراط في حلّ سياسي لإنهاء الحرب، حيث التقى، أمس، أمير قطر تميم بن حمد.
وفيما أفادت تقارير بأن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، سيطرح خلال زيارته الى القاهرة اليوم على نظيره المصري عبدالفتاح السيسي إمكانية تشكيل قوات إسلامية لتولي الأمن في قطاع غزة، كشف أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، حسين الشيخ، أمس، أن هناك تحركاً عربياً قادماً بقيادة السعودية، لإعداد ورقة مشتركة تتضمن 3 محاور هي: وقف حرب غزة، وإيجاد حل سياسي، ومساعدة الفلسطينيين في إعادة ترتيب بيتهم الداخلي، عبر إطلاق حوار «لا يحتمل الفشل»، مؤكدا أن حركة فتح «ترحب بدخول حماس منظمة التحرير».
قلق وتحذيرات
وفي حين أعلنت وزارة الصحة بغزة ارتفاع حصيلة العدوان المتواصل منذ 7 أكتوبر الماضي إلى 28473 شهيداً، و68146 مصاباً، مؤكدة أن قوات الاحتلال ارتكبت خلال الساعات الـ24 الماضية، 16 مجزرة راح ضحيتها 133 قتيلاً، و162 مصاباً، أفادت جنوب إفريقيا بأنها تقدمت بطلب عاجل جديد إلى محكمة العدل الدولية يهدف للجم الهجوم الإسرائيلي المرتقب على رفح.
وبينما حذّر مسؤول سعودي من أن تجميد تمويل «أونروا» من شأنه المساهمة في زيادة أعداد القتلى في غزة، أكد الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، حسام زكي، أن «إقدام إسرائيل على التصعيد سيقابله رد فعل قوي»، مشيراً إلى أنّه «لا يوجد حديث عربي جماعي بشأن اتفاقيّات السلام مع إسرائيل».