تبدأ البرازيل رحلتها نحو النجمة السادسة واللقب الأول منذ 2002، باختبار حقيقي، اليوم، بمواجهة دوشان فلاهوفيتش ورفاقه بالمنتخب الصربي، في الجولة الأولى من منافسات المجموعة السابعة لمونديال قطر.
وبعد المشوار الرائع الذي حققته في تصفيات أميركا الجنوبية، التي أنهتها في الصدارة بـ 14 فوزاً وثلاثة تعادلات من دون أي هزيمة، تبدو البرازيل من أبرز المنتخبات المرشحة للفوز باللقب، لاسيما مع تألق معظم نجومها، على رأسهم: نيمار، فينيسيوس جونيور ورودريغو.
ووضع المدرب تيتي فريقه على السكة الصحيحة، ونفض عنه غبار الهزيمة التاريخية أمام ألمانيا 1-7 في نصف نهائي مونديال 2014، من خلال قيادته إلى التتويج بـ «كوبا أميركا» عام 2019، ثم بخوض تصفيات أميركا الجنوبية من دون أي هزيمة، إضافة للوصول إلى نهائي «كوبا أميركا» 2021، حيث خسر أمام غريمه الأرجنتيني صفر - 1.
ومنذ السقوط أمام ليونيل ميسي ورفاقه في 10 يوليو 2021، لم يذق رجال تيتي الهزيمة في 15 مباراة متتالية، آخرها أربع تحضيرية للنهائيات خرجوا منها جميعها بانتصار على منتخبات مشاركة في المونديال القطري، هي: كوريا الجنوبية (5-1)، واليابان (1 - صفر)، وغانا (3 - صفر) وأخيراً تونس (5-1).
وفي تشكيلة تضم ترسانة هجومية مكونة من تسعة لاعبين بين أجنحة ورؤوس حربة، أمل مهاجم توتنهام الإنكليزي ريشارليسون أن «تأتي الأهداف بشكل طبيعي» بالنسبة له وزملائه، مضيفاً: «عندما ترتدي القميص رقم 9 مع المنتخب البرازيلي الوطني، فإن كل ما تريد فعله هو تسجيل الأهداف».
ورأى أنه «بوجود زملاء من هذا النوع، أنا متأكد من أن الأهداف ستأتي».
لكن قوة البرازيل ليست محصورة بالهجوم، إذ تتمتع جميع الخطوط بالخبرة، بدءاً من الحارس أليسون بيكر، وقطبي قلب الدفاع تياغو سيلفا وماركينيوس، مروراً بخط الوسط بوجود كازيميرو.
وتختبر هذه الترسانة حجم استعدادها لمحاولة قيادة «سيليساو» للقب سادس حين تتواجه اليوم على استاد لوسيل مع صربيا، في إعادة للدور الأول من مونديال 2018 حين فاز المنتخب الأميركي الجنوبي 2 - صفر سجلهما باولينيو وتياغو سيلفا.
المهمة ليست سهلة
ولن تكون المهمة سهلة بالتأكيد للبرازيل أمام منتخب منظم يضم مجموعة من النجوم، مثل: فلاهوفيتش، وزميله في يوفنتوس الإيطالي فيليب كوستيتش، وصانع ألعاب أياكس الهولندي دوشان تاديتش، ومحور وسط لاتسيو الإيطالي سيرغي ميلينكوفيتش - سافيتش.
ولم تتخط صربيا دور المجموعات من قبل في كأس العالم منذ الانفصال عن يوغوسلافيا، وودعت من دور المجموعات في نسختي 2010 و2018، ولم تتأهل لنسخة 2014، وهذه المرة يأمل المدرب دراغان ستويكوفيتش الوصول إلى أبعد ما يمكن في البطولة، والاعتماد على نجوم الفريق، بعد أن غرس فيهم العقلية الصحيحة، حيث تمكنوا من تصدر المجموعة في التصفيات على حساب البرتغال، لتتأهل مباشرة لنهائيات مونديال قطر 2022.
وقبل أيام اعترف كل من ميتروفيتش وحارس المرمى فانيا ميلينكوفيتش-سافيتش، بأن المنتخب القادم من أميركا الجنوبية من المرشحين للفوز بالبطولة، لكن المنتخب الصربي لن يخشى مواجهة بطل العالم خمس مرات في وقت مبكر بالبطولة.
وقال ميلينكوفيتش-سافيتش عن المنتخب المنافس: «الكل يعرف تاريخه وعقلياته وجودة اللاعبين، لكني أعتقد أنه من الرائع أن نلعب ضد البرازيل مبكراً».
باكيتا فخر جزيرة بأكملها
أن ترتدي قميص المنتخب الأكثر فوزاً بكأس العالم وتكون من عناصره الأساسية، لهو فخر كبير لأي لاعب، لكن الأمر يتجاوز ذلك بالنسبة للاعب وسط وست هام الإنكليزي لوكاس باكيتا، الذي بات يرمز إلى جزيرة بأكملها ترى فيه خير سفير لها في تشكيلة البرازيل.
قلة من الناس خارج البرازيل يعرفون ذلك، لكن باكيتا ليس اسم عائلة لوكاس تولنتينو كويليو دي ليما، بل إنه اسم الجزيرة الصغيرة، حيث نشأ في خليج ريو دي جانيرو.
من عُمر التاسعة حتى الحادية عشرة كان باكيتا يتدرب في فلامنغو، النادي الأكثر شعبية في البرازيل، والذي بدأ فيه مسيرته الاحترافية عام 2016 حين كان في التاسعة عشرة من عمره.
لكن خطواته الأولى بملاعب كرة القدم كانت في النادي المحلي مونيسيبال فوتيبول كلوب دي باكيتا، حيث كان جده مدرباً لفرق الشباب، ووالده لاعباً في دوريات الهواة.
ويروي مدربه الأول في فئة الصغار أيراكيتان فيلوسو دي ألميدا، أنه «كان يأتي معنا إلى النادي عندما كان في الخامسة من عُمره، وكان يركل الكرة باتجاه جدار غرفة الملابس، لديه قدم يسرى رائعة».
غادر لوكاس الشاب الجزيرة مع والديه في سن الحادية عشرة، لكن عقبات أخرى كانت في طريقه.في سن الخامسة عشرة، كانت موهبته جلية جداً، لكنه عانى مشكلة في النمو، إذ كان طوله 1.53 متر فقط، قبل أن يكتسب 0.30 سم لاحقاً.
واختبر فترة نجاح رائعة في الفريق الأول لفلامنغو، حيث بات محترفاً من 2016 حتى 2020 قبل الانتقال إلى ميلان.
صربيا تعوِّل على الهداف فلاهوفيتش
تعوِّل صربيا على مهاجم يوفنتوس الإيطالي الشاب دوشان فلاهوفيتش، العائد من إصابة، عندما تستهل مشوارها بمواجهة قوية مع البرازيل، المرشحة بقوة لإحراز اللقب، اليوم، على استاد لوسيل، ضمن منافسات المجموعة السابعة في مونديال قطر 2022 في كرة القدم.
ويخوض فلاهوفيتش (22 عاماً) أول مونديال له في قطر، وهو يملك الفرصة لإبراز موهبته التهديفية على أبرز مسرح كروي، ليؤكد أنه أحد نجوم المستقبل.
أنفق يوفنتوس 70 مليون يورو للحصول على خدماته، وهو رقم قياسي لصفقة خلال سوق الانتقالات في إيطاليا. حصل على تكوينه الكروي في صفوف بارتيزان بلغراد، قبل الانتقال إلى فيورنتينا بعُمر الثامنة عشرة.
تطوَّر مستوى هذا اللاعب الفارع الطول (190 سنتم) من موسم إلى آخر، وهو يتمتع بالسرعة والأعصاب الباردة أمام المرمى، وبتسديد الكرات الرأسية، ليذكر بعض الشيء بقدوته النجم السويدي زلاتان ابراهيموفيتش.
ثقة يوفنتوس
وقَّع يوفنتوس عقداً طويل الأمد معه حتى عام 2026، لثقته بقدرة المهاجم على ملء الفراغ الذي تركه رحيل كريستيانو رونالدو (يرتدي رقم 7 مثله)، الذي رحل عن الفريق صيف 2021 والأرجنتيني باولو ديبالا، الذي تركه الصيف الماضي متجهاً إلى روما.
وبعد نصف موسم واعد، إثر عملية انتقاله، مر فلاهوفيتش بفترة مخيبة بعض الشيء في مطلع الموسم الحالي، رغم تسجيله 7 أهداف بمختلف المسابقات في 15 مباراة.
ويكرر مدربه في يوفنتوس ماسيميليانو اليغري دائماً على النقاط التي يمكن أن يحسّنها فلاهوفيتش في أسلوب لعبه، ليكمل عملية تطويره.
لكن فلاهوفيتش لا يعرف كيف يوفر جهوده في بعض الأحيان، فهو يقوم بالضغط على دفاع الفريق المنافس بشكل دائم، ولا يتردد بالدخول في صراعات بدنية على الكرات الهوائية، كما أنه عانى بعض الإصابات، أبرزها في أسفل عضلات البطن، فلم يشارك في آخر خمس مباريات ليوفنتوس، وبالتالي حامت الشكوك حول وضعه البدني قبل بداية المونديال.
شكوك حول الجاهزية
وتأمل صربيا أن يكون فلاهوفيتش وزميله في خط الهجوم الكسندر ميتروفيتش من فولهام، الذي يعاني بدوره إصابة أبعدته عن مباريات فريقه قرابة الشهر، جاهزين لمواجهة البرازيل بكامل قواهما.
وللمفارقة، سيواجه فلاهوفيتش على الأرجح ثلاثة مدافعين برازيليين يلعبون معه في يوفنتوس، هم: الظهيران دانيلو واليكس ساندرو، إضافة إلى غليسون بريمر، ولا شك في أن هؤلاء يعرفون نقاط القوة والضعف لديه.
رودريغو «الجوكر»
قد يكون التركيز بأكمله على نجم باريس سان جرمان الفرنسي نيمار، الذي يشكل واجهة المنتخب البرازيلي، لكن هناك لاعباً شاباً مرشحاً للعب دور مؤثر جداً في هجوم «سيليساو» لمونديال قطر 2022، بشخص رودريغو.
يُعد لاعب ريال مدريد الإسباني (21 عاماً) المهاجم المثالي بالنسبة لأي مدرب، لأنه يؤمّن له العديد من الخيارات الهجومية، بما أنه قادر على اللعب على الجهة اليمنى أو اليسرى، كصانع ألعاب، أو حتى كرأس حربة «وهمي».
لكن اللاعب الذي ساهم في قيادة الريال لإحراز ثنائية الدوري المحلي ودوري أبطال أوروبا الموسم الماضي، يواجه منافسة شرسة في تشكيلة المدرب تيتي، في ظل وجود ترسانة هجومية كبيرة مكونة من زميله في النادي الملكي فينيسيوس جونيور، نيمار، رافينيا، أنتوني، غابريال جيزوس وريشارليسون.
وتحدث ماتيوس باتشي، ابن ومساعد المدرب تيتي في الطاقم الفني للمنتخب، عن رودريغو، قائلاً: «رأيناه يلعب في ريال مدريد كرقم 9 وهمي أو كرقم 10، على طريقة نيمار، مع القدرة على اللعب في الجهة اليسرى أو اليمنى، إنه جوكر (ورقة رابحة)».
وشاهد العالم تنوُّع مواهب وقدرات رودريغو، حين قرر المدرب الإيطالي لريال مدريد كارلو أنشيلوتي أن يعيد تموضع البرازيلي في أرض الملعب، بجعله في قلب الهجوم كمساند للفرنسي كريم بنزيمة، عوضاً عن الاعتماد عليه كجناح في أي من جهتي الملعب.
لعب رودريغو كصانع ألعاب في فئات الشباب، قبل أن ينتقل إلى الجناح الأيسر في بدايته الاحترافية عام 2017.
لكن هذا المركز المفضل لنيمار في المنتخب الوطني، ما دفع بمدرب سانتوس في حينها جاير فنتورا إلى تشجيع رودريغو على العمل من أجل التأقلم في مراكز أخرى إذا ما كان يريد شق طريقه إلى المنتخب البرازيلي.
تيتي يرفض الكشف عن تشكيلته
لم يرغب مدرب منتخب البرازيل، تيتي، في الكشف عن التشكيلة التي ينتظر أن يخوض بها أولى مبارياته بمونديال قطر 2022 ضد صربيا اليوم.
وردا على سيل من الأسئلة حول الـ11 لاعبا الذين سيدفع بهم في اللقاء، وما إذا كان سيدفع بفينيسيوس جونيور أو لوكاس باكيتا، وفريد أم فابينيو، صرح مدرب الكناري: «لن أقول ما هو التشكيل لأنني لا أريد إيصال أي معلومات للمنافس».
وأردف: «عندما نختار، هناك البعض يشعر بالرضا والبعض الآخر لا يشعر بذلك، لكن اللاعبين أيضا جزء من القرار، الآن علينا العمل معهم. نحن منتخب متوازن وعلينا إيجاد هذا التوازن بين الدفاع والهجوم».
وتابع: «يجب أن أمتلك القدرة على استغلال مزايا هذا الفريق، لدينا لاعبون رائعون مثل نيمار وفينيسيوس. ينبغي أن نأخذ في الاعتبار أنه من خلال وجود خمسة تبديلات يمكننا تغيير إيقاع اللعب كثيرا، وهذا شيء يجب أن نأخذه في الاعتبار عند وضع الخطة».
داني ألفيش وخبرة بـ 43 لقباً
بسجل حافل بالألقاب، يصل الظهير الأيمن المخضرم داني ألفيش إلى قطر للمشاركة في نهائيات كأس العالم لكرة القدم، رغم الانتقادات التي أثارت استدعاء اللاعب البالغ 39 عاما إلى تشكيلة البرازيل. ماذا سيكون دوره؟ محفّز في غرفة تبديل الملابس أم لاعب مساهم على أرض الملعب؟
عندما تبدأ «سيليساو» مشوارها في كأس العالم ضد صربيا، يملك ألفيش (39 عاما و202 يوم في يوم المباراة) الفرصة ليصبح أكبر لاعب برازيلي على الإطلاق يشارك في نهائيات كأس العالم، متقدما على دجالما سانتوش في 1966 (37 عاما)، وأحد لاعبي الميدان الاكبر سنا في تاريخ البطولة.
لكن وجوده في الدوحة لم يكن واضحا بالنسبة للبرازيليين: فقد تعرض المدرب تيتي لانتقادات شديدة لاستدعائه، وهو لم يلعب في مباراة رسمية منذ سبتمبر مع فريقه بوماس أونام المكسيكي.
وحلل المهاجم البرازيلي السابق والتر كازاغراندي، الذي شارك في مونديال 1986، «لم يلعب بشكل جيد منذ فترة. كيف هو أداؤه؟ لم يحدد تيتي معايير استدعائه وسعى لتبرير ذلك. عندما تبرر الاستدعاء، يكون الأمر مريبا».
وخاض لاعب باريس سان جرمان الفرنسي السابق (2017-2019) المباراتين الوديتين ضد كوريا الجنوبية (5-1) واليابان (1-0) في يونيو، لكن لم يتم استدعاؤه للقاءين التحضيريين الأخيرين في سبتمبر بفرنسا، ضد غانا (3-0) وتونس (5-1).
ودافع تيتي عنه بالقول: «يجلب قيمة فنية تساهم بشكل مثير في صنع الفريق للفرص»، مؤكدا أنه يرى فيه «منظما للعب»، ويرفض الانتقادات على مواقع التواصل الاجتماعي: «أنا لست هنا لإرضاء الناس على تويتر».
وسيجلب المخضرم البرازيلي خبرته الهائلة التي مكنته من الفوز بـ43 لقبا في مسيرته، وهو رقم قياسي لا ينقص منه سوى كأس واحدة: كأس العالم.