في التقرير الرابع للجنة الشؤون التشريعية والقانونية البرلمانية بشأن الاقتراح بقانون بتعديل قانون انتخابات أعضاء مجلس الأمة رقم 120 لسنة 2023 والمعروف باسم قانون «المفوضية العليا للانتخابات»، أكدت وزارة العدل ضرورة الرجوع إلى أصل المشروع المقدم من الحكومة فيما يخص آلية تعيين أعضاء المفوضية من القضاة، بحيث يتم ذلك عن طريق الندب بدلاً من التعيين.
وقالت الوزارة، في رأيها المثبت بالتقرير، والذي أدرج على جدول أعمال مجلس الأمة، وحصلت «الجريدة» على نسخة منه، إن استبدال الندب الوارد في أصل المشروع الحكومي المقدم ليحل محله التعيين، من دون تعديل عدد من المواد المتصلة به والمتوافقة مع أحكام الندب المنصوص عليه في المقام الأول، وتحديداً المادتين 6 و7 أحدث تعارضاً بين نصوص القانون ولغطاً في فهم نصوصه، الأمر الذي أثار إشكالاً في كيفية تطبيقه بين الأخذ بالمعنى الظاهر لكلمة التعيين التي أرادها المشرّع وما بين شغلها بطريق الندب لتتسق مع حكم المادتين 6 و7، وخضوع ذلك كله لتقدير القاضي عند نظر الطعون التي قد تقام على مراسيم تعيين أعضاء المفوضية وما يقومون به من أعمال، وبما يستتبعه التطبيق الخاطئ لها من بطلان أعمال المفوضية، وعدم استقرار أي من السلطتين التشريعية والقضائية.
وأضافت: من الأنسب والأسلم دستورياً أن يشرف على لجان الانتخابات القضائية أعضاء ينتمون للسلطة القضائية ذاتها دون سلطة أخرى، عملاً بالمادة 50 من الدستور التي تقرر مبدأ فصل السلطات، حيث لا تتولى سلطة أخرى الإشراف على السلطات القضائية والمساهمة في تشكيل أعضاء هذه اللجان التي تناط بها مهمة إدارة العملية الانتخابية، مشددة على أن عزوف القضاة عن قبول شغل عضوية المفوضية، سببه أن التعيين فيها يعني فقدانهم الصفة القضائية بما تتضمنه من مزايا وظيفية مالية وعينية ومعاش تقاعدي وحصانة قضائية يتعين أن تلازمهم لتأدية أعمالهم بحريّة واستقلالية وشفافية تامة.
وقالت «العدل»: إن ما يهدف المشرّع إلى تلافيه في الندب، والمتمثل بفقد المفوضية لاستقلاليتها، لكون أعضائها منتدبين من السلطة القضائية متحقق كذلك في آلية التعيين، حيث إن التعيين وإن كان يقطع صلة أعضاء المفوضية بالجهاز القضائي، إلا أنه إجراء حكومي بحت يتم من خلال السلطة التنفيذية، بينما يضمن الندب أن يكون القائمون على أعمال المفوضية من أعضاء السلطة القضائية، بما يحقق مزيداً من الاستقلالية والشفافية لأعمالها، وإن من شأن تعيين قضاة كويتيين - شاغلي درجة وكيل بمحكمة التمييز أو محكمة الاستئناف، أو ما يعادلها من أعضاء النيابة العامة - في المفوضية، أن يفرغها من كفاءاتها الوطنية، لاسيما في ظل قلة عدد وكلاء محكمتَي الاستئناف والتمييز، وباعتبار مدد التدرج الوظيفي لهذه المناصب.
وأشارت إلى أن من شأن ندب أعضاء المفوضية أن يسهل ويعجّل من نفاذ قانونها للانتخابات، لاسيما أن القانون يتطلب لنفاذه فترة من الزمن، تشكّل فيها المفوضية ابتداءً، والتي تعدّ اللائحة التنفيذية للقانون، كما يشكّل فيها الجهاز التنفيذي التابع لها وأمانتها العامة التي تتألف من الأمين العام والأمين المساعد أو أكثر وعدد من الموظفين ترشحهم المفوضية، فضلا عن اللوائح المالية والإدارية التي تصدر بقرار من رئيس المفوضية، كما ترى الوزارة إمكانية تعديل المدة اللازمة لإصدار اللائحة التنفيذية - في حال إقرار تعيين أعضاء المفوضية عن طريق الندب الكلي - وتقليصها إلى 3 أشهر من تاريخ هذا التعديل، بما يسهم إجمالاً في تسريع نفاذ هذا القانون.
وأشار وزير العدل، كما ذكرت اللجنة، إلى أنه تم استشارة السلطة القضائية في هذا الموضوع، حيث تم طرح فكرتَي التعيين والندب لعضوية المفوضية، وكان رأي كل من المجلس الأعلى للقضاء ورئيس محكمة التمييز يتفق مع فكرة ندب أعضاء السلطة القضائية لعضوية المفوضية.
رأي اللجنة
أكدت اللجنة التشريعية أنه بعد البحث والدراسة والاستماع لرأي الجهات المعنيّة، رأت اللجنة التمسك بآلية تعيين رئيس وأعضاء المفوضية، ليكون شغل هذه الوظائف بالتعيين لا بالندب، وذلك ضماناً لاستقلال المفوضية وتجرّد أعضائها من التبعية القضائية، بعيداً عن نظر الدعاوى التي قد يكون أعضاء المفوضية طرفاً فيها، فالتعيين يحقق الفصل التام عن السلطة القضائية، بخلاف الندب الذي يبقي عضو المفوضية تحت سلطة الجهاز القضائي.
ونظراً للإشكاليات العملية التي واجهت تطبيق القانون رقم 120 لسنة 2023 في شأن انتخابات أعضاء مجلس الأمة، ومرور مدة من الزمن (6 أشهر) دون تشكيل للمفوضية وعدم صدور اللائحة التنفيذية للقانون، لعزوف القضاة عن قبول شغل عضويتها، ولأهمية نفاذ هذا القانون، جاءت تعديلات اللجنة بما يسهم في معالجة إشكاليات نفاذه، وذلك بمنح رئيس وأعضاء المفوضية المعينين من القضاء، بعد تقديم استقالاتهم، عدداً من الضمانات والمزايا المالية والعينية، وتفصيل ذلك الآتي:
- الفقرة الثانية من المادة 2: منح رئيس وأعضاء المفوضية مرتباً ومعاشاً تقاعدياً يعادل ما يتقاضاه نظراؤهم من أعضاء السلطة القضائية، شاملاً جميع البدلات والعلاوات والامتيازات المقررة والمزايا العينية.
- المادة 64: تمتع رئيس وأعضاء المفوضية بالحصانة الإجرائية طوال فترة عملهم بها، على أن تتولى النيابة العامة دون غيرها سلطة التحقيق والتصرف والادعاء في الجنايات والجنح التي تقع من رئيس وأعضاء المفوضية أو عليهم.
- المادة 6 تعديل صياغة البند 2 بحذف عبارة (بخلاف عملهم الأصلي)، لتصبح «يحظر على رئيس وأعضاء المفوضية، وموظفي الأمانة العامة ما يأتي: 2 ممارسة أي وظيفة أو مهنة أو الانتساب لأي جمعية نفع عام أو نقابة أو عمل آخر، بأجر أو بدون أجر خلال فترة عملهم في المفوضية»، وذلك لإزالة أي غموض في فهم النص، وبما يتسق مع حكم المادة 2 الخاصة بتعيين أعضاء المفوضية.
وبعد المناقشة وتبادل الآراء، انتهت اللجنة إلى الموافقة بأغلبية آراء الحاضرين من أعضائها (1:3) على الاقتراح بقانون.
نص المشروع الحكومي لمعالجة أزمة المفوضية
سلمت وزارة العدل اللجنة التشريعية نسخة عن المشروع بقانون الذي ترغب في إقراره لمعالجة أزمة المفوضية العليا للانتخابات.
ونص المشروع على أن يستبدل بنص الفقرة الثانية من المادة رقم 2 ونص البند 2 من المادة رقم 6، ونص المادة 66 من القانون رقم 120 لسنة 2023 المشار إليه النصوص التالية:
الفقرة الثانية من المادة 2:
«وتشكل المفوضية العامة للانتخابات من خمسة قضاة كويتيين شاغلي درجة وكيل بمحكمة التمييز أو محكمة الاستئناف أو ما يعادلها من أعضاء النيابة العامة برئاسة أقدمهم، ويصدر مرسوم بتعيينهم للعمل بالمفوضية على سبيل الندب الكلي لمدة أربع سنوات قابلة للتجديد لمرة واحدة مع الاحتفاظ بالمزايا المالية المقررة لهم وقت الندب».
البند 2 من المادة رقم 6: «2- ممارسة أي وظيفة، أو مهنة، أو الانتساب لأي جمعية نفع عام، أو نقابة أو عمل آخر بأجر، أو بدون أجر خلال فترة عملهم في المفوضية».
المادة 66: تعد المفوضية اللائحة التنفيذية لهذا القانون، وتصدر بمرسوم بناءً على عرض وزير العدل، خلال ثلاثة أشهر من تاريخ العمل بهذا التعديل.