خلصت ندوة «حوار التنمية... الواقع والطموح»، التي نظمتها الجمعية الاقتصادية، بالتعاون مع مبرة الشيخ صباح السالم، وأدارتها عضوة الجمعية هيا بودي، الى أن الضرائب لها انعكاسات إيجابية على الوضع العام، لا سيما تحسين الخدمات.
وفي هذا الصدد، توافقت وجهة نظر نائبة رئيس مجلس إدارة هيئة تشجيع الاستثمار، وفاء القطامي، مع رئيس مجلس إدارة البنك التجاري، الشيخ أحمد الدعيج، على أن تطبيق الضرائب سيعود بالنفع على الدولة والمواطن على حد سواء، بشرط أن يتم فرضها ضمن خطة حكومية واضحة المعالم والأهداف، وأن تقابلها منافع وخدمات ذات جودة للمواطنين، وتكون هناك مراقبة وشفافية في تعريف المواطن على مسارات وأوجه صرف هذه الضرائب.
وأوضحا أن الضرائب موجودة ومطبّقة حاليا في الكويت، من خلال ما يتم فرضه على الشركات المدرجة، أو من خلال الرسوم التي يتم دفعها مقابل الخدمات الحكومية المختلفة، إلا أن هناك أنواعا أخرى من الضرائب تم تطبيقها عالمياً، مثل ضريبة القيمة المضافة، وغيرها من الضرائب العالمية.
وشدد المشاركون في الندوة على ضرورة الإسراع في تطبيق الضرائب، حتى لا تضيع الفرصة على الكويت، إذ أنه في حال لم تستفد الدولة من هذه الضرائب، فإن هناك دولاً أخرى ستستفيد من تطبيقها على الشركات الكويتية، أو بمعنى آخر ستضيع الفرصة على الكويت من خلال ما يُعرف بمصطلح «الضريبة الضائعة».
وفي هذا الصدد أعربت القطامي عن تأييدها لفرض الضرائب، بشرط أن تكون هناك خطة حكومية واضحة ومحددة لها أهدافها التنموية المرتبطة بتحسين الخدمات والارتقاء بكل أوجه ما يتلقاه دافعو الضرائب وفق رؤية واضحة الأهداف تبرر الأسس التي سيتم من أجلها فرض الضرائب، مشيرة إلى أن الضرائب مهمة للكويت وللأجيال القادمة.
وأكدت أن البعض تعوّد أن يأخذ ولا يعطي، وذلك على الرغم من أن المزايا التي ستعود على المواطن من تحسُّن في الطرق والخدمات ستكون عديدة ومتنوعة، مضيفة أن تطبيق الضرائب قد لا يطول الجميع، خاصة أنه سيطبّق على شرائح معيّنة من المجتمع ليس من بينها أصحاب الدخل المحدود والمنخفض.
على صعيد متصل، أعربت القطامي عن تفاؤلها بالتشكيلة الحكومية الجديدة برئاسة الشيخ د. محمد الصباح، خاصة أن برنامج عمل الحكومة الحالية كشف عن عدد من الأولويات السياسية والاقتصادية التي تشمل معالجة المشاكل الإسكانية والاجتماعية التي ستنعكس إيجاباً على الاقتصاد الكويتي مستقبلاً.
وأكدت في الوقت ذاته ضرورة الاستمرار في معالجات التركيبة السكانية لما له من أهمية كبيرة ضمن المرحلة القادمة، مع التركيز على أهمية الارتقاء وتطوير التعليم والتنمية البشرية، مؤكدة في هذا الخصوص أنه لا تنمية من دون تعليم ومن دون الاهتمام بالعنصر البشري وتدريبه وتعليمه التعليم النوعي المرتبط بحاجة السوق والتطور الاقتصادي.
كما شددت على ضرورة القضاء على الهدر، خاصة في ملف العلاج بالخارج، وبطاقة «عافية» التي أصبحت مصدراً رئيسياً للهدر والاستغلال من قبل البعض، مشيرة إلى ضرورة إلغاء «عافية»، وتوجيه الميزانية المرصودة لها لتطوير المستشفيات الحكومية حتى تكون بديلاً ناجحاً للعلاج بالخارج، خاصة أنه من المعروف أن ميزانية وزارة الصحة تعتبر أضخم ميزانية تواجهها الحكومة.
ودعت القطامي إلى ضرورة الإسراع في خطى تنويع مصادر الدخل، وعدم الاعتماد على النفط كمصدر دخل رئيسي، حيث إن استمرار الاعتماد على النفط كمصدر وحيد للدخل يُعدّ أمراً «خطيرا»، ويشكّل هاجسا، خاصة أن النفط ناضب، وأن هناك العديد من البدائل التي بدأ العالم يتجه لها كبديل للطاقة التقليدية.
وتساءلت: «لماذا لا تقوم الهيئة العامة للاستثمار باستثمار فوائض النفط بشكل أوسع في مشاريع ضخمة وشركات عديدة للاستفادة من عوائدها ضمن رؤية تنويع مصادر الدخل»؟
وأضافت: يجب أن تكون هناك أفكار جديدة واستثمارات بديلة دائماً في مختلف القطاعات، فعلى سبيل المثال الكويت يمكنها أن تصبح مقراً للسياحة العلاجية أو حتى الترفيهية، من خلال بناء المنتجعات الطبية والسياحية، واستغلال جزيرة فيلكا وغيرها من المناطق، لتكون ضمن خطة عامة تستهدف تنويع مصادر الدخل وتقليص العجز بالميزانية.
الدَّين العام
بدوره، أكد الدعيج أن البنوك الكويتية أثبتت نجاحاً كبيراً في الداخل والخارج، مشيداً في هذا الصدد بالتنافس الشريف بين هذه البنوك في تقديم الخدمات وجذب العملاء، ومؤكداً في الوقت ذاته على أنه مع فتح باب التنافس وكسر الاحتكار، لأن التنافس يحفز على الابداع والابتكار.
وحول «الدين العام»، قال الدعيج إن الحكومة هي الأعلم باحتياجاتها التمويلية ومشاريعها التنموية، وبالتالي فهي الأدرى بمدى حاجتها إلى الدين العام من عدمه، واستدرك قائلاً إن البنوك المحلية كافة على استعداد للمساهمة في أي احتياجات تمويلية تطلبها الحكومة.
وقال: يجب على الحكومة إشراك القطاع الخاص بهامش كبير في ملف التنمية، مشيرا الى أن تحمُّل الحكومة وحدها مسؤولية تنمية وتطوير الاقتصاد الكويتي، مشيراً إلى ضرورة توزيع الأدوار وفتح المجال أمام شركات القطاع الخاص، وغيرها من الجهات للابتكار وتقديم الأفكار الجديدة، حيث تقلص الحكومة الاعتماد عليها بشكل كبير، وتتفرغ للإشراف والرقابة لتكون هي الحَكَم وليس اللاعب الرئيسي والحكم في ذات الوقت، ولافتا الى أنه ليس من أنصار الخصخصة، وإنما فتح باب المنافسة الشريفة والعادلة بين الجميع.
القطامي: «تشجيع الاستثمار» ليست فقط للأجنبي
ذكرت القطامي أن هيئة تشجيع الاستثمار ليست هيئة مخصصة فقط للمستثمر الأجنبي، لكن تقدم خدماتها للمستثمر الكويتي.
وأوضحت أن الهيئة تختص بفتح المجال أمام الكيانات الاستثمارية الكبيرة لدخول الكويت من دون ممثل أو وكيل محلي، لتشكّل قيمة مضافة للاقتصاد الكويتي للاستفادة من جلب التكنولوجيا والأفكار الحديثة للبلاد.
وأكدت أن النافذة الواحدة في الهيئة مهّدت الطريق أمام الكثير من المستثمرين الأجانب لدخول السوق الكويتي وفق شروط معيّنة، من بينها تدريب المواطنين الكويتيين وتوفير فرص عمل لهم، وذلك مقابل الحصول على إعفاءات ضريبية وجمركية.
الدعيج: البنوك صاحبة بصمة في تنمية الكويت
قال الدعيج إن البنوك الكويتية لها بصمة في تطوير وتنمية الكويت، مشيرا الى أن القطاع الخاص عريق وقديم، حيث نشأ قبل تأسس الدولة الحديثة، وجاء ليكون شريكاً ولاعباً رئيسياً في تنمية وتطور البلاد.
وأضاف أن البنوك الكويتية حققت قفزات كبيرة منذ تأسيسها وحتى يومنا هذا، بدليل النمو الكبير في الأرباح والميزانيات القوية، إضافة إلى العدد الكبير من الموظفين الكويتيين الذي وصل إلى نحو 10 آلاف مواطن ومواطنة في كل البنوك الكويتية، بنسبة تكويت بلغت نحو 78 بالمئة.
وأعرب الدعيج عن تفاؤله بمشاركة البنوك الكويتية مستقبلاً في حركة التوسع التجاري والاقتصادي المحلي والخليجي على حد سواء، لا سيما في ظل الحركة المتسارعة للتوسع في عدد من العواصم الخليجية المجاورة.