وثائق «البعث» السرية وعلاقة صدام بالمشهد الديني
بعد سقوط نظام صدام حسين على يد الأميركيين والمعارضة عام 2003 تم نقل «الأرشيف»، أي الوثائق السرية والخاصة لحزب البعث إلى واشنطن لحمايتها، وكان قراراً مثيراً للجدل حتى بعد إعادته إلى «النظام الجديد»، المهم أن الباحث والبحار الأميركي الذي شارك في غزو بغداد «صموئيل هيلفونت» شرع كما الآخرين في التنقيب عن محتويات تلك الوثائق التي احتوتها ملفات حزب البعث، وكانت حصيلة ذلك كتاب «الإكراه في الدين- صدام حسين والإسلام» بطبعته العربية، ترجمة د. نور محمد الحبشي، ومراجعة د. نهار محمد نوري.
سيرى القارئ كيف تسلل البعثيون إلى المشهد الديني في العراق عن طريق عملية الاستماله والإكراه للزعماء الدينيين، فشكلوا المؤسسات الدينية وما تبعها من ممارسات، وعلى مدى ثلاثين عاماً، بالرغم من محاولة البعثيين إخفاء أيديهم في السيطرة على «الحياة الدينية».
هنا يأخذك المؤلف للقول إن البعثيين أرادوا أن يمارسوا لعبة خفية بحيث يتم الاعتقاد عند العامة من الجمهور أن الزعماء الدينيين كانوا يدعمون النظام «بدافع الحب لصدام»، لكن هذا النظام فعلياً كان قوياً ومتوغلاً ارتكب عددا من الفظائع ومنع العناصر المتطرفة من أي طائفة من العمل علانية.
المفارقة العجيبة والغريبة في آن معاً أن المتطرفين الطائفيين الذين تعرضوا إلى القمع على يد نظام البعث وصدام حسين أصبحوا أحراراً، وكانت النتيجة انفجار عنف ديني وطائفي لم يكن الجيش الأميركي مجهزاً للتعامل معه، كما يدعي المؤلف.
مسألة استغلال الدين من نظام استبدادي ومحاولة خلق مشهد ديني يتوافق مع استراتيجيته وينسجم مع مبادئه، هو ما سعى إليه صدام حسين كما تشير مترجمة الكتاب، وفي تحليلها ترى أن تفسير حزب البعث للدين وكيف أدى إلى الاقتتال الطائفي جرى التعبير عنه بظهور تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) عقب سقوط صدام عام 2003.
لقد حكم صدام حسين العراق على مدى ربع قرن (1979– 2003) وفرض تفسيرا مختلفا للدين من خلال حزب البعث على قطاع واسع من المجتمع، كان من آثارها الانتفاضة والتمرد الذي حصل في البلاد في أعقاب السقوط على 2003.
أهم الاستنتاجات التي توصل إليها الكتاب تقول إن صدام حسين قرأ ماو تسي تونغ حينما كان شاباً واستشهد به خلال المناقشات السرية، واعتمدت على «الكتيبات العراقية»- أي الخطاب الديني- طوال رئاسته بشأن مكافحة التمردات على الزعيم الصيني ماو تسي تونغ، وكان يقتبس منه مباشرة، وغالباً ما كانت هذه الكتابات تشير إلى أقوال الزعيم الصيني بأن المتمردين يشبهون السمك في الماء، ولا يعيشون في الفراغ، وبالتالي لا يمكن أن ينشطوا إلا في بيئة سياسية معينة، وهي هنا بيئة دينية، ولهزيمة هؤلاء يجب حرمانهم من بيئتهم التي ينتعشون فيها، ولذلك وجب على البعثيين بناء مشروع ديني– سياسي، كما صاغه الفرنسي المشهور ديفيد جالا صاحب نظرية مكافحة التمرد الصادر عام 1964، ومن هنا اختار البعثيون مؤسسات دينية جرى إنشاؤها بهدف تشكيل مشهد ديني عراقي جديد ومختلف يمكنه خنق التمرد الديني المحتمل.
إضافة ثانية وذات قيمة أوردها المؤلف بالخلاصات، وهي أن النظام استند على ركيزتين: الأولى، خلق مجموعة من القادة الدينيين يمكن الوثوق بهم، والثانية، بقاء العراقيين ضمن المعايير المحددة للنظام في الخطاب الديني. ويبدو أن أميركا اكتشفت مؤخراً وبعد فوات الأوان مدى حاجتها لتوظيف قادة محليين ذوي كفاءة عالية لشغل مناصب مهمة في قطاعات الأمن والجيش والشرطة والبلديات.
جملة أخيرة يسجلها هذا المؤلف تقول «إذا ما قدر للعراق أن يستعيد استقراره ويبقى بلداً موحداً فإن الزعماء العراقيين سيحتاجون إلى بناء مشروع سياسي جديد، دون اللجوء إلى الوحشية التي استخدمها صدام حسين».
سيرى القارئ كيف تسلل البعثيون إلى المشهد الديني في العراق عن طريق عملية الاستماله والإكراه للزعماء الدينيين، فشكلوا المؤسسات الدينية وما تبعها من ممارسات، وعلى مدى ثلاثين عاماً، بالرغم من محاولة البعثيين إخفاء أيديهم في السيطرة على «الحياة الدينية».
هنا يأخذك المؤلف للقول إن البعثيين أرادوا أن يمارسوا لعبة خفية بحيث يتم الاعتقاد عند العامة من الجمهور أن الزعماء الدينيين كانوا يدعمون النظام «بدافع الحب لصدام»، لكن هذا النظام فعلياً كان قوياً ومتوغلاً ارتكب عددا من الفظائع ومنع العناصر المتطرفة من أي طائفة من العمل علانية.
المفارقة العجيبة والغريبة في آن معاً أن المتطرفين الطائفيين الذين تعرضوا إلى القمع على يد نظام البعث وصدام حسين أصبحوا أحراراً، وكانت النتيجة انفجار عنف ديني وطائفي لم يكن الجيش الأميركي مجهزاً للتعامل معه، كما يدعي المؤلف.
مسألة استغلال الدين من نظام استبدادي ومحاولة خلق مشهد ديني يتوافق مع استراتيجيته وينسجم مع مبادئه، هو ما سعى إليه صدام حسين كما تشير مترجمة الكتاب، وفي تحليلها ترى أن تفسير حزب البعث للدين وكيف أدى إلى الاقتتال الطائفي جرى التعبير عنه بظهور تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) عقب سقوط صدام عام 2003.
لقد حكم صدام حسين العراق على مدى ربع قرن (1979– 2003) وفرض تفسيرا مختلفا للدين من خلال حزب البعث على قطاع واسع من المجتمع، كان من آثارها الانتفاضة والتمرد الذي حصل في البلاد في أعقاب السقوط على 2003.
أهم الاستنتاجات التي توصل إليها الكتاب تقول إن صدام حسين قرأ ماو تسي تونغ حينما كان شاباً واستشهد به خلال المناقشات السرية، واعتمدت على «الكتيبات العراقية»- أي الخطاب الديني- طوال رئاسته بشأن مكافحة التمردات على الزعيم الصيني ماو تسي تونغ، وكان يقتبس منه مباشرة، وغالباً ما كانت هذه الكتابات تشير إلى أقوال الزعيم الصيني بأن المتمردين يشبهون السمك في الماء، ولا يعيشون في الفراغ، وبالتالي لا يمكن أن ينشطوا إلا في بيئة سياسية معينة، وهي هنا بيئة دينية، ولهزيمة هؤلاء يجب حرمانهم من بيئتهم التي ينتعشون فيها، ولذلك وجب على البعثيين بناء مشروع ديني– سياسي، كما صاغه الفرنسي المشهور ديفيد جالا صاحب نظرية مكافحة التمرد الصادر عام 1964، ومن هنا اختار البعثيون مؤسسات دينية جرى إنشاؤها بهدف تشكيل مشهد ديني عراقي جديد ومختلف يمكنه خنق التمرد الديني المحتمل.
إضافة ثانية وذات قيمة أوردها المؤلف بالخلاصات، وهي أن النظام استند على ركيزتين: الأولى، خلق مجموعة من القادة الدينيين يمكن الوثوق بهم، والثانية، بقاء العراقيين ضمن المعايير المحددة للنظام في الخطاب الديني. ويبدو أن أميركا اكتشفت مؤخراً وبعد فوات الأوان مدى حاجتها لتوظيف قادة محليين ذوي كفاءة عالية لشغل مناصب مهمة في قطاعات الأمن والجيش والشرطة والبلديات.
جملة أخيرة يسجلها هذا المؤلف تقول «إذا ما قدر للعراق أن يستعيد استقراره ويبقى بلداً موحداً فإن الزعماء العراقيين سيحتاجون إلى بناء مشروع سياسي جديد، دون اللجوء إلى الوحشية التي استخدمها صدام حسين».