في تحرّك موازٍ لضغوط يمارسها البيت الأبيض من أجل إقناع حليفة واشنطن الأبرز بالشرق الأوسط بقبول مسار حل دبلوماسي يفضي إلى الاعتراف بدولة فلسطينية، ويتضمن تطبيعاً مع دول عربية بينها السعودية، كشفت «وول ستريت جورنال» أن إدارة الرئيس الأميركي الديموقراطي جو بايدن تستعد لإرسال شحنة أسلحة جديدة لإسرائيل تشمل القنابل، رغم مطالبتها تل أبيب بوقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، لإفساح المجال أمام إنجاح جهود الوساطة التي تقودها قطر بمشاركة مصر والولايات المتحدة لإبرام صفقة تبادل محتجزين مع «حماس».
وذكرت الصحيفة الأميركية أن إدارة بايدن ستحدّث ترسانة إسرائيل العسكرية، رغم إعلانها أنها تسعى لوقف إطلاق النار مع دخول الحرب بين الدول العبرية والحركة الفلسطينية يومها الـ 134 أمس.
ووفقاً للصحيفة، تعتزم واشنطن توريد أسلحة وذخائر بقيمة عشرات ملايين الدولارات تضمن نحو 1000 قنبلة من طراز «إم كي- 82»، إضافة إلى قنابل دقيقة التوجيه من طراز «كي إم يو- 572».
وجاء الكشف عن الخطوة التي تحتاج إلى موافقة «الكونغرس» الأميركي بعد ساعات من تصريح بايدن بأنه أكد في مكالماته الأخيرة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ضرورة إعلان وقف إطلاق النار في قطاع غزة، مؤقتاً، من أجل تحرير الرهائن المحتجزين لدى «حماس» منذ بدء الحرب في 7 أكتوبر الماضي.
وأعرب بايدن عن أمله بألا تبدأ إسرائيل هجوماً واسع النطاق على رفح، بل تنظر في المبادرة المطروحة لإخراج الرهائن.
وشدد على أنه «يجب أن يكون هناك وقف لإطلاق النار من أجل إخراج المحتجزين»، مشيراً إلى أن هناك «محتجزين أميركيين أيضاً، ويجب إخراجهم من غزة».
دمج وإحراج
في موازاة ذلك، شرح وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، خلال مشاركته بـ «مؤتمر ميونيخ» للأمن، مقاربة واشنطن وخطتها المرتقبة التي تعمل على بلورتها مع 5 دول عربية لتحقيق سلام إقليمي ممتد وقائم على حل الدولتين بين الفلسطينيين وإسرائيل، وتطبيع الأخيرة علاقتها الدبلوماسية مع أبرز الدول العربية.
ورأى بلينكين أن «هناك فرصة استثنائية لإسرائيل بشأن اندماجها في المنطقة خلال الأشهر المقبلة»، معتبرا أن «إيران أكبر تهديد لأمن إسرائيل وأمننا جميعا، ويجب عزلها مع وكلائها».
وقال: «تقريباً كل دولة عربية الآن تريد دمج إسرائيل في المنطقة لتطبيع العلاقات»، كاشفاً عن أنّ «هناك جهودا حقيقية تقودها الدول العربية لإصلاح السلطة الفلسطينية» التي يتزعمها الرئيس محمود عباس، وتتخذ من رام الله بالضفة الغربية المحتلة مقرا لها حالياً.
وأضاف أن «إسرائيل أصبحت أكثر أمنًا الآن»، موضحاً أن عليها «تقليل الضرر على المدنيين في الحرب بغزة، وأن تسمح بوصول المساعدات» إلى القطاع المحاصر والمعزول.
وفي موقف يضع الدولة العبرية في حرج وارتباك إزاء الإصرار على مواصلة سياسة احتلال الأراضي الفلسطينية والمضيّ بالحملة العسكرية الحالية، رغم المعارضة الأميركية، لفت بلينكن إلى أنّ هناك ضرورة عاجلة للمضي قُدما في إقامة دولة فلسطينية «تضمن أمن إسرائيل عبر التزامات تحقق ذلك».
وجاءت التحركات الأميركية المتباينة في وقت نقلت شبكة إيه بي سي عن مصادر، قولها إن «الخارجية الأميركية تلقت تحذيرات من دبلوماسييها في الشرق الأوسط بشأن تنامي العداء لواشنطن».
ولفتت المصادر إلى أن «سبب تنامي العداء لواشنطن موقفها من الحرب في غزة ودعمها المطلق لإسرائيل».
ومع بروز مواقف أوروبية منددة بالاعتداءات الإسرائيلية الوحشية على المدنيين بغزة والضفة، أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، خلال مؤتمر مع العاهل الأردني عبدالله الثاني، أن الاعتراف بـ «دولة فلسطينية لم يعد من المحرّمات بالنسبة إلى باريس.
مؤتمر ميونيخ
وعلى هامش المؤتمر ذاته، أعاد المستشار الألماني أولاف شولتز، تأكيد دعم بلاده لما وصفه بـ «حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها وحلّ الدولتين»، لكنه دعا الإسرائيليين إلى «الالتزام بالقانون الدولي» والسماح بدخول المساعدات الكافية إلى القطاع.
واتهم شولتز إيران بـ«محاولة انتهاز فرصة الحرب من أجل أن تكون أكثر تأثيراً في المنطقة». وقال إن رسالته لسكان غزة أن بإمكانهم الاعتماد علينا لبناء مستقبل يقوم على دولتين تعيشان بسلام.
بدوره، تعهّد وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، بعدم السماح باستمرار الأزمة الإنسانية في غزة، ولفت إلى أن بكين تضغط بمجلس الأمن لوقف الحرب وتسوية حل الدولتين.
وفي وقت سابق، اجتمع الرئيس الإسرائيلي يتسحاق هيرتسوغ، سراً، مع رئيس الوزراء القطري محمد عبدالرحمن آل ثاني، وذلك على هامش المؤتمر الذي انطلق بألمانيا أمس الأول.
وذكرت هيئة البث العبرية الرسمية (كان) أن اللقاء تمحور حول مسألة عودة المختطفين، فيما أفادت تقارير بأن وفدا إسرائيليا سيحضر إلى الدوحة لمناقشة الصفقة المحتملة، بعد منع نتنياهو إرسال وفد رسمي إلى القاهرة لحضور جلسة ثانية من المباحثات بشأن صياغة الاتفاق وإصراره على قيام «حماس» بتخفيض طلباتها.
وبالتزامن مع تصاعد الخلافات بين المسؤولين الإسرائيليين، حيث كشفت هيئة البث عن تهديد عضوَي مجلس الحرب المصغر بيني غانتس وغادي آيزنكوت، نتنياهو بحلّ الحكومة، ندد رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال بإدارة رئيس الوزراء للحرب، ودعا إلى إجراء انتخابات جديدة.
وغداة تهديد غانتس بأن بلده لن يتوقف عن القتال في غزة حتى تتم إعادة جميع الرهائن المحتجزين، حتى لو كان ذلك يعني استمرار العمليات العسكرية خلال شهر رمضان المتوقع أن يحل في 10 مارس المقبل، جدد رئيس المكتب السياسي لـ «حماس» إسماعيل هنية، تمسّك الحركة بضرورة وقف الحرب.
قصف وتهجير
ميدانيا، شنّ جيش الاحتلال حملة قصف عنيفة على منازل بمدينتَي غزة وخان يونس، كما طال القصف المدفعي والجوي شرق ووسط رفح، قرب الحدود المصرية، فيما أعلنت وزارة الصحة ارتفاع عدد قتلى الحرب على القطاع إلى 28858 والإصابات إلى 68677.
وذكرت الوزارة أن 83 شخصاً قتلوا وأصيب 125 جراء الاعتداءات خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية.
من جهة ثانية، نفت مصر ما تداولته بعض وسائل الإعلام الدولية بشأن الإعداد لتشييد وحدات لإيواء الفلسطينيين، في منطقة عازلة محاذية للحدود المصرية بسيناء مع القطاع، وذلك في حالة تهجيرهم قسرياً بفعل الحرب الإسرائيلية.
وقال رئيس الهيئة العامة المصرية للاستعلامات، ضياء رشوان، إن «تهجير الفلسطينيين جريمة حرب فادحة، ولا يمكن أن تكون مصر طرفاً فيها. وأي تهجير سيمثّل تصفية مؤكدة للقضية الفلسطينية، وتهديداً مباشراً للسيادة والأمن القومي المصريين».