على مسارين متوازيين تسير التطورات في جنوب لبنان. المسار الأول هو التصعيد المستمر بين حزب الله وإسرائيل، مع رفع سقف التهديدات من الطرفين. فخلال الأيام الماضية، أكد وزير الدفاع الإسرائيلي قدرة جيشه على الوصول الى بيروت واستهداف مناطق بعيدة في العمق اللبناني، فيما ردّ الأمين العام لحزب الله، حسن نصرالله، بأن اسرائيل ستدفع ثمن مقتل المدنيين اللبنانيين دماً وليس فقط مواقع.
كلام نصرالله يمهّد الطريق أمام تنفيذ حزب الله عمليات عسكرية مختلفة عن العمليات التي تجري منذ 8 أكتوبر، والتي تقتصر على استهداف مواقع عسكرية أو أجهزة إرسال وتنصّت. ووفق المعلومات، فإن الجهاز العسكري في الحزب يعكف على تحديد الأهداف التي سيتم ضربها.
حاز كلام نصرالله الكثير من التحليلات حول خلفياته، لا سيما في ضوء تلقّي لبنان الكثير من رسائل التهديد التي تشير إلى أن إسرائيل مصرّة على شن حملة واسعة ضده بعد الانتهاء من حرب غزة، لاستعادة توازنات الردع على الحدود، وذلك فيما تصر تل أبيب على انسحاب الحزب من جنوب نهر الليطاني، وهو ما يرفضه الحزب بشكل قاطع. ومن هنا، فإن هذا الانسداد في الأفق يمكن أن يؤدي الى توسيع نطاق الصراع أو زيادة منسوب الصدام.
أما المسار الثاني، فهو يرتبط باستمرار الجهد الدبوماسي الأميركي الساعي الى تهدئة مستدامة في جنوب لبنان، وهو ما أعاد تأكيده المبعوث الأميركي الرئاسي آموس هوكشتاين، إذ قال على هامش مؤتمر ميونيخ إن العمل مستمر بهدوء في سبيل إنهاء الصراع بين حزب الله وإسرائيل. وأشار الى أن واشنطن تحاول «إبقاء الصراع في جنوب لبنان عند أدنى مستوى ممكن»، موضحًا أنّه «سيتعيّن علينا القيام بالكثير لدعم الجيش اللبناني، وبناء الاقتصاد في جنوب لبنان، وهذا سيتطلب دعمًا دوليًا من الأوروبيين وكذلك دول الخليج».
هذا الكلام يأتي معطوفاً على لقاء هوكشتاين رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في ألمانيا، وعلى وقع اتصاله المفتوح مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، لبحث مسار التهدئة والوصول الى اتفاق. فمسار هوكشتاين لا ينفصل عن مسارات الدول الأوروبية التي تسعى إلى عقد مؤتمر دولي خاص بدعم الجيش اللبناني، ربطاً بالخطتين البريطانية والفرنسية في سبيل تعزيز دور الجيش في الجنوب، وإدخال المزيد من العناصر وتوفير الاحتياجات اللازمة لذلك. في هذا السياق انتهت مهلة توقيع عقود التنقيب عن النفط والغاز من قبل تحالف الشركات الفرنسية والقطرية والإيطالية، علماً بأن الأمر يرتبط بالوضع العسكري والتوتر الأمني، وبالتالي فإن هذا أصبح جزءاً جديداً من التفاوض على تخفيض التصعيد.