سعى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى رص صفوف حكومته من أجل اتخاذ موقف معارض للاعتراف الأحادي الجانب بالدولة فلسطينية، التي تعمل إدارة الرئيس الأميركي الديمقراطي على صياغة اتفاق بشأنه مع دول عربية كمخرج من الحرب الانتقامية التي تشنها الدولة العبرية على غزة منذ 135 يوما.

ووافقت الحكومة الإسرائيلية بالإجماع على مقترح تقدم به رئيس الوزراء لإعلان معارضة الاعتراف، فيما أكد نتنياهو أن «إسرائيل ترفض الإملاءات الدولية فيما يتعلق بتسوية دائمة مع الفلسطينيين»، مكرراً ادعائه بأن «مثل هذا الاعتراف بعد مذبحة 7 أكتوبر سيعطي مكافأة كبيرة للإرهاب، وسيمنع أي تسوية سلمية في المستقبل».

Ad

وقال نتنياهو إن الموافقة على القرار الجديد تأتي «بعدما تردد في المجتمع الدولي عن محاولة فرض دولة فلسطينية على إسرائيل من جانب واحد».

ونص القرار الإسرائيلي على أن «التسوية الدائمة مع الفلسطينيين لن يتم التوصل لها إلا من خلال المفاوضات المباشرة بين الطرفين، دون شروط مسبقة».

كما شدد رئيس الوزراء على أن حكومته عازمة على المضي باجتياح مدينة رفح المتاخمة للحدود المصرية حتى إذا تم التوصل إلى اتفاق مع «حماس» بشأن تبادل المحتجزين، لكنه استبعد التوصل إلى اتفاق قريب في المفاوضات غير المباشرة التي تتوسط بها قطر ومصر بتنسيق مع الولايات المتحدة.

ورأى نتنياهو أن مطالب «حماس» لإتمام الصفقة، التي تتضمن هدنة مؤقتة لوقف القتال، تعني الهزيمة لإسرائيل حتى الآن.

لا نريد اتفاقات إبراهيم

وفي ظل هيمنة الخطاب اليميني المتشدد على حكومة نتنياهو، عبّر وزير الطاقة، إيلي كوهين، عن رفضه إقامة دولة فلسطينية، مقابل توسيع اتفاقيات إبراهام للسلام بين إسرائيل والدول العربية.

وأشار إلى أن «إذا كان ثمن توسيع اتفاقيات السلام هو دولة فلسطينية فأنا أتخلى عن اتفاقيات السلام». وانتقد الدول التي تدعو إلى «حل الدولتين»، لكونها لم تقبل استيعاب لاجئين فلسطينيين.

وكان وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، قال خلال مؤتمر ميونيخ للأمن، إن هناك «فرصة استثنائية» في الأشهر المقبلة لدمج إسرائيل في الشرق الأوسط مع رغبة الدول العربية في تطبيع العلاقات معها، مشددا في الوقت نفسه على وجود ضرورة عاجلة للمضي قدما في إقامة دولة فلسطينية.

كما دعا وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان، على هامش المؤتمر نفسه واشنطن وإسرائيل للالتزام بحل الدولتين بوصفه المسار الآمن في المنطقة، مؤكدا تمسك الرياض بإقامة دولة فلسطين المستقلة قبل التطبيع على أساس الاعتماد على مبادرة السلام العربية.

وعبّر عن تخوفه من «أن يكون الانفجار التالي أسوأ مما حدث في 7 أكتوبر، وليس مثله»، في إشارة إلى هجوم «طوفان الأقصى» الذي شنته «حماس» واشعل فتيل الحرب الحالية، محذراً من تأثير الصور التي تخرج من غزة على التشدد في المنطقة.

مفاوضات موسكو

في غضون ذلك، أبدى رئيس الوزراء الفلسطيني، محمد اشتية، استعداده للدخول في مناقشات مع «حماس»، فيما وصفه كمحاولة لتعزيز الوحدة بين الفصائل الفلسطينية في خضم مرحلة تاريخية مفصلية على ضوء الحرب.

وكشف اشتية، في كلمته أمام مؤتمر ميونيخ للأمن، أن المحادثات، التي من المحتمل أن تجرى في 26 فبراير الحالي في موسكو، بين الفصائل الفلسطينية، يمكن أن توفر منصة لجهود المصالحة.

وأكد: «نحن مستعدون للخوض في المسألة. إذا كانت حماس مستعدة للانضمام إلينا، فهذا أمر إيجابي. لكنها يجب أن تستوفي شروطا معينة حتى يتحقق التعاون».

ورداً على استفسارات حول الإصلاحات التي تضغط واشنطن لإحداثها داخل السلطة الفلسطينية، أعاد اشتية توجيه الانتباه إلى الهدف الفلسطيني الشامل المتمثل في «إنهاء الاحتلال». وأكد مجددا أن رئيس السلطة التي تتخذ من مدينة رام الله بالضفة الغربية مقرا محمود عباس لن يتنازل عن السلطة لنائبه.

جاء ذلك في وقت أفاد تقرير لـ «وول ستريت جونال» بأن إدارة بايدن تنظر في تقديم الدعم المالي للسلطة الفلسطينية على ضوء تحذيرات مسؤولين في رام الله من أن أموالها على وشك النفاد، مما قد يعرض للخطر آمال واشنطن في أن تكون المنظمة قادرة على حكم غزة في اليوم التالي للحرب التي تقول إسرائيل إنها تهدف للقضاء على حكم «حماس» بالقطاع المحاصر.

فيتو ومستشفى ناصر

في هذه الأثناء، أطلقت الجزائر مشاورات في مجلس الأمن حول مشروع قرار جديد يدعو لإرساء هدنة إنسانية فورية تحترمها جميع الأطراف في غزة، ويتوقع أن تواجه الخطوة «فيتو» أميركيا مجددا.

ميدانياً، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية ومنظمة الصحة العالمية خروج مستشفى ناصر بمدينة خان يونس، ثاني أكبر مستشفى بالقطاع بعد الشفاء، عن الخدمة غداة اقتحامها من قبل جيش الاحتلال الذي اعتقل نحو 100 من داخلها، فيما تتسبب القصف الإسرائيلي والمعارك بعموم القطاع في سقوط 86 قتيلا وجرح العشرات.

«الضفة» في رمضان

على جبهة أخرى، قتل 3 فلسطينيين خلال مواجهات اندلعت بعد اقتحام قوات إسرائيلية لمخيم طولكرم بالضفة الغربية، كشفت أوساط عبرية عن خلافات بين وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير والأجهزة الأمنية بشأن دخول الفلسطينيين من سكان الضفة إلى المسجد الأقصى خلال شهر رمضان الذي يبدأ في 10 مارس المقبل.

وبحسب صحيفة «معاريف»، فإن بن غفير يريد منع سكان الضفة من دخول الحرم القدسي على الإطلاق، مع السماح بدخول مَن يبلغ عمره 70 عاما فما فوق من عرب 1948، وهو ما تعارضه الأجهزة الأمنية التي تحذر من انفجار كبير.

تحرك مصري

على صعيد آخر، أعلن رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية، ضياء رشوان، أن مصر قدمت مذكرة لمحكمة العدل الدولية، وستقدم مرافعة شفهية تطالب بانسحاب إسرائيل الفوري من الأراضي المحتلة أمام المحكمة بعد غد الأربعاء. ومن المقرر أن تبدأ الهيئة القضائية اليوم جلسات استماع بشأن العواقب القانونية للاحتلال تمتد لنهاية الأسبوع.