رواية «أوراق شمعون المصري» منحتني الفرصة للتعرف عن قرب على شخصيتين تحملان وجهين ثقافيين ببعديهما الكويتي والمصري بالدرجة الأولى والعربي بشكل عام، فقد امتلأت «المائدة المستديرة» بنخبة من المهتمين بالشأن الثقافي والروائي، لنشهد جلسة حوار ممتعة أدارتها سيدة مثقفة، جديرة بالاحترام هي الشيخة أفراح مبارك الصباح.
قدمت نموذجاً حيوياً من الحوارات، تمردت على النمط التقليدي بمضمون الأسئلة... هي وبأمانة جلست «تحاكم» الضيف وصاحب الرواية، قرأت واستعدت جيداً لنقاش حيوي مفيد، غير ممل ولا هو استفزازي، بل رصين وعميق ومكثف.
وجدنا شخصية مصرية ملهمة، كيف استطاع أن يجمع ويوفق بين جراحة العظام وكتابة الرواية التي أمطرنا خلالها بسيل من الأحداث والوقائع والمراجع أظهرت كم أن هذا الرجل أفنى من يومه وعمره بالبحث الجاد والغزير.
كنت مستمعاً كغيري «لإفادات» غاية في الأهمية عن وقائع تاريخية حاضرة في الذهن مع نسج خيال واسع يمزج بين العنصرين الأساسيين في كتابة الرواية.
«أوراق شمعون المصري» مغرق بالإسقاطات، مشغول بطريقة فلسفية وبلغة تتناسب والحقب الزمنية التي تروى فيها حكايات «التيه».
أمسية ثقافية تبعها لقاء مطول أفرغ الدكتور أسامة الشاذلي، ما في مخزونه الفكري أمام جمهور متعشق إلى هذا النوع من المحاورين المقتدرين، خرجت كما غيري من الحاضرين من الأمسية بحصيلة من المعلومات أثارت في ذهني أسئلة، دفعتني إلى البحث والقراءة عن تاريخ بني إسرائيل، عن الكنعانيين، عن التحريف بالتوراة والتلمود، عن خروج النبي موسى من سيناء إلى عالم الطبيعة والبراكين العظيمة وتفسيرات لأحاديث وآيات قرآنية.
«نادي بيجونفيليا للقراءة» علامة فارقة في منظومة المنتديات والمؤسسات والروابط المعنية بالنشاط الثقافي التي تشكل قاطرة تتعدد فيها الطرق والأساليب بالتقديم والعرض، لكنها في النهاية روافد غزيرة تصب في مجرى الحياة الثقافية في الكويت، وتعيد لها وهجها الذي تنفرد به في محيطها الجغرافي منذ عشرينيات القرن الماضي.
حصيلة ثانية أو «غنيمة» أخرى من أمسية المائدة المستديرة في مركز الشيخ جابر الثقافي، ظفر بها أصدقاء النادي وفيه نتاج فكري طال الشعر والنثر والأدب خطّتها الشيخة أفراح مبارك الصباح في فترات متباعدة، «شغف أزرق» (2023) و«عويل الصمت لا يسمع» 2009 و«صندوق» 2012.
كان الانسجام واضحاً بمستوى ونوع الحضور والجمع بين الأجيال المتعاقبة وبنجاح من سعى إلى بناء جسور بين المثقفين الكويتيين والعرب والانفتاح على ثقافات الأمم والشعوب الأخرى، بل بقبول الآخر والتعايش معه.
تجربة «نادي بيجونفيليا للقراءة» جديرة بالتشجيع بعد أن بلغ المولود عشر سنوات.
«أوراق شمعون المصري» مغرق بالإسقاطات مشغول بطريقة فلسفية وبلغة تتناسب والحقب الزمنية التي تروى فيها حكايات «التيه»