يعتبر الإنسان أهم عناصر التنمية فهو هدفها ووسيلتها وغايتها، ورأس المال البشري هو أهم عناصر الإنتاج في العملية الإدارية ولا يختلف اثنان على أن رأس المال البشري هو العامل المحدد والعنصر الحاسم في تقدم الدول وتطورها.
وقد حبا الله سبحانه وتعالى دولة الكويت بأسرة حاكمة عادلة ورشيدة وبالخير الكثير والعيش الكريم والرزق الوفير بعد اكتشاف النفط، وكان واجباً على الدولة إعداد شبابها للمستقبل من خلال الاستثمار في العنصر البشري، وقد شهدت الكويت اهتماماً كبيراً في مجال التعليم والتدريب والبعثات الدراسية الخارجية مع بداية الاستقلال مما كان له الأثر الواضح في تقدم الكويت وازدهارها، وخاصة مع بداية الستينيات، ومع الأسف الشديد أن هذا الاهتمام والجدية في مجال التعليم والتدريب والتنمية البشرية لم يحظ بالاهتمام نفسه بعد تحرير البلاد من الغزو العراقي الغاشم.
ولا يخفى على الجميع، حسب نظام الحكم، أن أهل الكويت قد أسندوا دفة الحكم لأسرة الصباح الكرام لثقتهم برجالات هذه الأسرة الكريمة ولأسباب عديدة ليس هنا مجال لذكرها، ونجد أن هذه الأسرة الكريمة قد قامت بهذه المهمة خير قيام منذ إسنادها لها منذ أكثر من 400 عام رغم الصعوبات الداخلية والأحداث والمتغيرات التي كانت تعصف بالمنطقة العربية والعالمين العربي والإسلامي، ومع سرعة التطور العلمي والتكنولوجي والتحولات السياسية التي يشهدها العالم، وكي تقوم هذه الأسرة الكريمة بهذه المهمة بشكل أكثر مهنية وحرفية، يجب عليها إعداد شبابها وتنميتهم علمياً وإدارياً وسياسياً لمواجهة المستقبل وتحدياته. ويلاحظ المتابع للشأن العام في العقدين الماضيين أن أغلب شباب الأسرة المؤهلين الذين أسندت لهم مهام قيادية وخاصة في المجال السياسي قد تمت مهاجمتهم من بعض المتنفذين واستجوابهم من بعض أعضاء مجلس الأمة بشكل شبه منتظم ومنظم، مما نتج عنه استبعاد أو ابتعاد هؤلاء الشباب المؤهلين من أبناء الأسرة الحاكمة عن دورهم السياسي والقيادي في خدمة الدولة، بالإضافة إلى أن عملية إعداد القيادات المستقبلية من شباب الأسرة الحاكمة لا تحظى بالزخم والأهمية المطلوبة، لذا أجد أنه من الضروري أن يتم إنشاء جهاز خاص أو مركز متخصص يقوم بإعداد قادة المستقبل من أبناء الأسرة الحاكمة.
وقد يتساءل البعض عن الهيكل التنظيمي المقترح لجهاز أو مركز إعداد القيادات المستقبلية من شباب الأسرة الحاكمة ومهامه ومسؤولياته، ولمن تكون تبعيته ومدى قانونية ودستورية هذا المركز، ومن سيقوم بمهمة الإشراف عليه وإعداد هذه القيادات!
كل هذه الأسئلة مشروعة، ويمكن التعامل معها بمهنية وحكمة، ولكن أحب أن أؤكد أن مهمة إعداد القيادات الشبابية من أبناء الأسرة الحاكمة أصبح أمراً ملحاً وضرورياً فرضته الظروف الحالية والمتغيرات الحالية والمستقبلية.
وأحب أن أوضح أنه بالرغم من المحبة والمعزة والتقدير والاحترام الذي أكنه لجميع أبناء الأسرة الكريمة، فإنني أرجو ألا يخرج لنا بعض الخبثاء والمتربصين ويتهمني بالمحاباة والتزلف ومسح الجوخ والتقرب من أبناء الأسرة الحاكمة أو بالتدخل في شؤون الأسرة الحاكمة بسبب هذا المقترح المهم، فهدفي من هذا المقترح أولاً وأخيراً هو مصلحة الكويت وأهلها والأسرة الحاكمة التي ارتضينا قيادتها منذ أكثر من 400 عام.
أتمنى أن تتم دراسة هذا المقترح من الجهات المعنية دراسة جدية شاملة ووافية وبعيدة عن العواطف والمصالح الشخصية والسياسية، وأن نضع مصلحة الكويت فوق الجميع.
ويجب التوضيح بأنه قد سبق أن كتبت عن هذا الموضوع في عام 2015 ولم يكن التفاعل مع هذا المقترح بالشكل المتوقع، وعليه فإنني أعيد طرح هذا المقترح من جديد في ظل الظروف والمتغيرات التي حدثت خلال السنوات الخمس الأخيرة. ودمتم سالمين.