ضمن فعاليات مهرجان القرين الثقافي الـ 29، وبحضور نخبة من الأدباء والمثقفين، واصلت ندوة «التحرير الأدبي والنشر في العالم العربي»، وهي الندوة الرئيسية للمهرجان، جلساتها بفندق فور سيزون، حيث عقدت الجلسة الخامسة (سلطة المحرر)، التي ناقشت إلى أي مدى يحق للمحرر التدخل في النص، وحدود علاقته مع الكاتب، وأين تتوقف سُلطة مؤلف النص، ومتى تبدأ سُلطة المحرر؟ ومَنْ يمتلك الرأي النهائي في التعديلات المقترحة؟
وقد شارك في الجلسة إياد عبدالرحمن، الذي قدَّم ورقة عمل بعنوان «سُلطة المحرر»، فيما قدَّمت صالحة عبيد ورقة بعنوان «سلطة المحرر»، وأدارت الجلسة إستبرق أحمد.
وفي الجلسة السادسة «مراجعة الترجمة والتحرير الأدبي»، سعت الجلسة لإزالة اللبس بين وظيفتين متقاطعتين، هما: التحرير الأدبي، ومراجعة الترجمة في حالة النص المترجم عن لغة أجنبية، وقدَّم د. علي العنزي ورقة بعنوان «الأدوار المختلفة للتحرير الأدبي ومراجعة الترجمة»، أوضح فيها أن الاحترام المتبادل أساس ضروري لأي تعاون بين المترجم والمحرر الأدبي والمراجع، على حد سواء، خصوصاً إذا أدرك المترجم أن مهمة المحرر الأدبي والمراجع، هي مهمة المتحدث باسم المؤلف.
أما علاء فرغلي، فقدَّم ورقة بعنوان «التحرير الأدبي ومراجعة الترجمة»، مبيناً أن عملية التحرير الأدبي للنص المستقل تختلف كلياً عن تحرير النص المترجم.
بدورها، قالت يارا المصري، من خلال ورقة عمل بعنوان «الترجمة والتحرير الأدبي... ركائز واحدة ومداخل مختلفة»، إن «المترجم هو المحرر الأدبي في عمله قبل أي أحد آخر»، وأدارت الجلسة مريم المحميد.
فيما شارك في الجلسة السابعة «التدقيق اللغوي والتحرير الأدبي»، عبدالرحمن حلاق، وشعبان السيد، وأدارها سليمان العبدالهادي.
قدَّم السيد ورقة بعنوان «التدقيق اللغوي والتحرير الثقافي»، وتطرَّق فيها إلى عدد من المحاور، منها: التدقيق اللغوي وعالم المعرفة، والتدقيق اللغوي في قلب النشر الثقافي، والتدقيق اللغوي رسالة، والتدقيق اللغوي ثقافة، والتدقيق اللغوي بحث وتساؤل دائماً.
أما حلاق، فقدَّم ورقة بعنوان «أزمة محرر، أم أزمة مجتمع؟»، ومن مقتطفات ما قاله أن وظيفة المحرر الأدبي يمكن لها أن تحقق قيمة مضافة يستفيد منها الناشر والكاتب معاً، شرط أن تتوافر لها الشروط الموضوعية، والتي يمكن أن «نُجمل بعضها في وجود ناشر يتطلع حقيقة إلى إنتاج كتاب على أكمل وجه، من حيث جودة الإنتاج المادية، وقيمته الفكرية والفنية، ووجود كاتب يتقبل النقد، ويمتلك القدرة على تنحية نرجسيته قليلاً، ويؤمن بالرأي الآخر، ووجود محرر يتصف بثقافة واسعة وموضوعية تمكنه من تنحية أفكاره الخاصة أو أيديولوجيته الخاصة، والتعامل مع النص بمنتهى الأمانة والحياد، وزيادة على ذلك يمتلك رؤية نقدية تمكنه من كشف مَواطِن الخلل دون الاعتماد على ذائقته الخاصة، وغيرها من الشروط».
وشهدت الجلسة الختامية نقاشاً بين المتحدثين في المحور الأول والحضور، وأدارها د. محمد الداهي، وشارك فيها الأدباء: علاء فرغلي، وشعبان السيد، وعبدالرحمن حلاق، وصالحة عبيد، وعمر الغزالي، ويارا المصري.
وفي تصريح على هامش الجلسة، قال د. الداهي إن الجلسة الختامية كانت عصارة الجلسات الثلاث السابقة، التي كانت محورها حول ماهية التحرير الأدبي، واختصاص المحرر ومؤهلاته، والفرق بين المدقق اللغوي والمحرر، ودور التحرير في الرقيّ بالترجمة.
وأوضح الداهي أن النقاش في الجلسة الختامية كان منصبَّاً أكثر على دور المحرر الأدبي، وهل يتوقف عند إدخال التعديلات والتصويبات اللغوية، أم أن دوره يتعدى ذلك، بإبداء وجهة نظره حول طبيعة السرد، أو وجهة نظر السرد، وتقنيات السردية، ويمكن أن يتدخل أكثر بإضافة معلومات أو إضافة صياغة وفقرات، وفي هذا الشأن تطرح قضية الملكية الفكرية، لأن المحرر موظف مع دار النشر، أو تُوكل لشخص معروف بخبرته أن يقوم بهذه المهمة بتعويضات رمزية، لكن إذا تدخّل في النص بالتعديلات أو التصويبات والتحسينات، «هنا لا بدّ أن نضع قانوناً يحمي حقوق هؤلاء المحررين ويعتني بهم، كما هو الشأن بالنسبة لحقوق الملكية المجاورة».
الحرز: الكويت رائدة التنوير بالخليج العربي
أحيا الشاعر والناقد السعودي محمد الحرز أمسية شعرية، أدارها الشاعر هشام المغربي، وحضرها نخبة من الشعراء والجمهور.
وقبل أن يلقي الحرز قصائده، قال: «أعبِّر عن امتناني الكبير للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب على هذه الاستضافة وحُسن الاستقبال. أعتقد عندما أقول الكويت، فإنني أعني أمرين، الأول يتعلق بالذاكرة الاجتماعية، والثاني يخص الذاكرة الثقافية». وأضاف: «الأمر الأول، المتعلق بالذاكرة الاجتماعية، فإنها تمسّ ما أشعر به من طمأنينة، بحُكم التقارب الوجداني والاجتماعي والحنين بين الكويت وبلدي. وفيما يخص الذاكرة الثقافية، فتعني الكويت، رائدة التنوير منذ السبعينيات في الخليج العربي».
وألقى الحرز قصائده، التي جاءت في مضامينها وأشكالها متواصلة مع الرؤية الحداثية للشعر، وما يتمتع به من موسيقى داخلية، عِوضاً عن موسيقى الوزن والقافية، حيث خطّ لنفسه طريق القصيدة الحديثة، التي تتمتع بالومضات الحسية، تلك التي تستذكر وتتأهب وتنطلق في فضاءات واسعة من الخيال، الذي يختلط بالواقع في مزيج مفعم بالحيوية، «لنجد الصور الشعرية متوهجة، تلك التي تتجسد فيها إشارات الواقع بتناسق مع الحلم والذاكرة والوجدان».