التردي في خطاب بعض الأعضاء
في إحدى جلسات مجلس الأمة المنعقدة بتاريخ 7 فبراير 2024، قال أحد النواب موجهاً كلامه إلى وزير الدفاع والداخلية بالوكالة، وكان النائب يتكلم بصوت عالٍ وخالٍ من الذوق والأدب، قال وهو يضرب بيده على الطاولة التي أمامه، ليُعلم السامعين أنه في حالة غضب، قال ما معناه «أنا أوجه كلامي لوزير الدفاع، إذا كنت تعتقد إنك شيخ، أنت شيخ بالديوانية، أما هنا فأنت في قاعة عبدالله السالم، أنت مجرد مواطن، معرض للمساءلة والاستجواب». ثم يوجه العضو المحترم، سؤاله إلى الوزير قائلا: لماذا العسكري إذا جاء متأخراً تحتجزه في غرفة النظارة؟
ألا يعلم العضو المحترم أن الالتزام بمواعيد الدوام واجب يجب على كل موظف احترامه؟ وعلى المسؤولين إلزام الموظفين باحترام ذلك، أما العاملون في المجال العسكري، فيجب تربيتهم على احترام النظام والخضوع للقيادات العليا، كي لا تنتشر الفوضى والتسيب بين صفوف هذا الجهاز المهم.
ومن الجدير بالذكر أني أحب أن أؤكد أني لا أعرف الوزير شخصيا، ولم أره في حياتي، إلا أنني أرى أن السبب الذي جعل العضو ينتقد فيه الوزير بسببه كان سببا ضعيفا، وأرى أن الوزير على حق.
أما بالنسبة إلى رفع الصوت من بعض النواب أثناء توجيههم الخطاب للمسؤولين، اعتقادا منهم أن الصوت العالي دليل على شجاعة النائب، وقد يرهب الوزير ويدفعه للاستجابة لمطالب النائب، فهذا غير صحيح، بل هو من الأمور المستهجنة والمنهي عنها، وهناك كثير من الآيات في القرآن الكريم تنهى المسلمين عن ذلك. يقول تعالى على لسان لقمان الحكيم وهو ينصح ابنه «وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ». (لقمان 19)، وفي سورة النحل يقول تعالى موجها خطابه لرسوله «ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ». (النحل 125).
لذا أرى أن مخاطبة الأعضاء للوزراء بهذه الصورة من الأسباب الجوهرية التي تؤدي إلى توتر العلاقة بين الحكومة والمجلس، في حين ينبغي أن تكون بينهما علاقات تفاهم وتعاون لبناء الدولة واستقرارها، وعلينا أن نتقبل ما يردده بعض الأشقاء في دول الخليج عن دولتنا، عندما يقولون إن الديموقراطية هي التي أدت إلى تخلف الكويت، مع أن الديموقراطية نظام له قيمه ومبادئه، فإن طبقها مجتمع جاهل بتلك القيم والمبادئ فقد تكون وبالاً عليه، وأشد خطورة على ذلك الشعب من النظام الدكتاتوري.
ولقد أدى كلام أدلى به أحد النواب إلى حل المجلس، وذلك لتعرضه لصاحب السمو، وذات الأمير مصونة بحسب مواد الدستور، وكثرة حل المجلس تعني عدم الاستقرار، وقد يؤدي ذلك إلى تخلف الدولة وتعطيل أعمال التنمية.