أطلق المعهد العربي للتخطيط مؤشر كفاءة الانفاق الحكومي في الكويت المعني بتعزيز مخرجات التنمية واستدامتها، بحضور مجموعة من ممثلي أجهزة الدولة المعنية بقضايا الاصلاح الاقتصادي والمالي.
وقال المدير العام للمعهد د. عبدالله الشامي، إن المعهد أعد دراسة استشارية لقياس هذا المؤشر للكويت مقارنة بمجموعة من الدول لتحديد مستوى كفاءة الإنفاق الحكومي لتسليط الضوء على ضرورة مراجعة سياسات الإنفاق، وتحديد التوصيات والمنهجيات الكفيلة بتعزيز مستوى الكفاءة الإنفاقية لما لها من أهمية في استدامة التنمية.
وأضاف الشامي أن المؤشر يكتسي أهمية بالغة لإجراء تقييم علمي لكفاءة الإنفاق الحكومي بالاعتماد على فكرة أن الهدف منه هو تعزيز مخرجات التنمية واستدامتها من خلال دراسة مجموعة من المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية.
وأوضح أن هذه الدراسة سعت الى سد فجوة مهمة في هذا المجال، بسبب صعوبة قياس كفاءة الإنفاق الحكومي بالنظر إلى آثاره المباشرة وغير المباشرة على النمو والدخل والصحة والتعليم والبنية التحتية والاستقرار الاقتصادي وغيرها من مناحي الحياة التي تمثل الرفاهية والاستدامة المنشودة.
وذكر أن الدراسة اقترحت منهجية علمية منضبطة اشتملت على ثلاث مراحل متكاملة، يتم في الأولى منها قياس مؤشر مركب للأداء الحكومي، ثم يتم بـ «الثانية» ربط هذا المؤشر بمستوى الإنفاق، ثم ترتيب الدول في مؤشر يدمج بين الأداء ومستوى الإنفاق، على أن تشهد «الثالثة» تطبيق منهجية قياسية بهدف تحديد مستويات الكفاءة الفنية للانفاق الحكومي.
وأفاد بأن الدراسة أكدت متطلبات التنمية والاستدامة في ما تواجهه دولة الكويت في إطار التحديات الراهنة المتعلقة بسياسة الإنفاق الحكومي وجودة مخرجاتها، ونهج السياسة المالية نفسها في إعداد الموازنة وتخصيص الموارد.
إعادة التوازن لأبواب الموازنة
وأشار إلى ضرورة إعادة التوازن لمختلف أبواب الموازنة عبر البدء في العمل على خلق قطاعات وفرص اقتصادية جديدة موائمة لقوة العمل الوطنية، وتعزيز مخرجات التعليم وربطها بالمهارات المعاصرة للمساعدة في إعادة هيكلة وتنويع الاقتصاد وقوة العمل الوطنية بشكل يعزز النمو الاقتصادي المستدام.
وذكر الشامي أن الكويت تواجه تحديات عديدة تتعلق بسياسة الإنفاق الحكومي وجودة مخرجاتها فضلا عن علاقتها بالسياسة المالية اللازمة لإعداد الموازنة وتخصيص الموارد، مشيرا الى أبرزها، ومنها عدم ربط الإنفاق بمؤشرات أداء واضحة ودقيقة، وغياب منظومة الرصد والقياس (إلا من خلال قياس الصرف) من جهة أولى، وعدم ربط الأجور بمقاييس منضبطة للأداء، وكذلك تضخم الإنفاق الجاري على حساب الإنفاق الرأسمالي، وتأخر الرقمنة الذي يضعف الأداء الحكومي والخاص على حد سواء، بالإضافة الى المنظومة التشريعية والإدارية التي تعتبر من معوقات التنمية والاستدامة والتي تجعل الإنفاق المتضخم بدون مردودية كافية مقارنة مع الدول الصاعدة، وعلى رأسها سنغافورة وكوريا وبعض الدول الخليجية، والتي اعتمدت على مبدأ الحكومة الذكية في كل المجالات.
تعظيم الأثر مقابل الصرف
من جانبه، قال وكيل قطاع الميزانيات في وزارة المالية سعد العلاطي، إن كفاءة الانفاق الحكومي تتم بتعظيم الأثر مقابل الصرف، من خلال الاستغلال الأمثل للموارد بهدف معالجة أنواع الهدر المختلفة شريطة ألا يؤثر ذلك على جودة الخدمة المقدمة.
وقال العلاطي، في تصريحه خلال حفل إطلاق مؤشر كفاءة الانفاق الحكومي في الكويت، إن الحكومة تبحث عن السبل المختلفة لتطوير أدائها، لتتمكن من مواجهة التحديات الجديدة التي تتطلب توفير موارد تمويلية تتنامى بشكل مستمر، حيث اتجهت إلى التركيز على عدد من المبادرات والبرامج التي تساعدها إلى التوجه نحو تطوير وتوفير مصادر تمويلية استثمارية بهدف تحقيق التوازن المالي، واتاحة الفرصة لمشاركة القطاع الخاص في الاستثمارات لتوفير فرص عمل من أجل تحفيز النمو الاقتصادي.
واشار الى ان كفاءه الانفاق تعبر عن العلاقة بين الناتج الاجتماعي المتولد عن النفقات العامة والموارد المالية المولدة لهذا الناتج، موضحاً ان كفاءة الانفاق العام لا تتحقق إلا من خلال اعتماد أسس صحيحة في تخصيص النفقات العامة على استخداماتها المختلفة ثم الترشيد في استخدام الموارد المالية المحدودة، ثم استخدام معايير الجدوى الاقتصادية في اختيار المشاريع.
وبين أن «المالية» من خلال المبادرات الخاصة بها ضمن برنامج عمل الحكومة تعمل على إعادة منهجية كفاءة الانفاق العام على البنية الأساسية والخدمات الاجتماعية التي ستؤثر إيجابيا على النمو الاقتصادي، وهو الهدف الرئيسي المتمثل في بناء منظومة قادرة على تحقيق التوازن المالي بمشاركة كل قطاعات الدولة.
وأكد سعي الوزارة من خلال تطبيق سياسة مالية حصيفة إلى تطوير القطاع المالي وانتهاج استراتيجيات حديثة تساعدها على اعتماد أسس صحيحة لتخصيص النفقات العامة في استخداماتها المختلفة آخذة في الاعتبار أهمية الترشيد للموارد المالية المحدودة، واستخدام معايير الجدوى الاقتصادية في اختيار المشاريع من خلال تعزيز فاعلية التخطيط المالي.
وقال ان «المالية» تتعاون مع الجهات الحكومية لتفعيل مفهوم كفاءة الانفاق العام لتحقيق الاستدامة المطلوبة مع مراعاة عدم وضع أو تفعيل توصيات تؤثر سلباً على الخدمات الاساسية التي يتم تقديمها لأفراد المجتمع.
جودة المشاريع والأصول
وذكر ان تركيز الوزارة على التعاون مع الجهات الحكومية سيؤدي الى الارتقاء بجودة المشاريع والاصول والمرافق وتخطيط البنية التحتية بالشكل المناسب، بالاضافة الى تفعيل جودة البرامج والمبادرات والعمليات التشغيلية الممولة من الميزانية العامة للدولة، كما سيمكنها من متابعة تنفيذ البرامج والمبادرات الخاصة بها بالتوافق مع الاهداف المنشودة.
كما يتوجب على الجهات الحكومية القيام بالمراجعة الدورية لسياستها وخططها واستراتيجياتها ذات التأثير في جودة المشاريع بصورة دورية، لتتكمن من زيادة كفاءة أدائها وتأثيرها الايجابي.
بدوره، ذكر وكيل المعهد العربي للتخطيط د. وليد عبد مولاه، إن هذه الدراسة تكتسي اهمية بالغة لأنها تسعى لسد فجوة مهمة في مجال قياس كفاءة الانفاق الحكومي بالنظر الى اثاره المباشرة وغير المباشرة على النمو والدخل والصحة والتعليم والبنية التحتية والاستقرار الاقتصادي وغيرها من مناحي الحياة التي تمثل الرفاهية والاستدامة المنشودة.
الكفاءة الاقتصادية
وأضاف عبد مولاه أنه بالاعتماد على تعريف الكفاءة الاقتصادية المتمثلة في تحقيق اقصى فائدة من الموارد المتاحة يسعى مؤشر الكفاءة المقترح الى تحديد مستوى كفاءة الانفاق الحكومي في الكويت بالمقارنة مع مجموعة من دول المقارنة.
ويسمح مؤشر كفاءة الانفاق الحكومي بتحديد مستوى الكفاءة او عدم الكفاءة على نحو يدفع بمراجعة سياسات الانفاق وتحديد التوصيات الكفيلة بتعزيز مستوى الكفاءة الانفاقية لما لها من اهمية في تعزيز التنمية المستدامة.
وحول الدراسة الاستشارية لكفاءة الانفاق الحكومي في الدول العربية ظهرت في السنوات الاخيرة مجموعة متنامية من الدراسات الاكاديمية التطبيقية الهادفة لإجراء تقييم علمي لكفاءة الانفاق الحكومي في عدد من الدول، بالاعتماد على فكرة ان الهدف من الانفاق الحكومي هو تعزيز مخرجات التنمية واستدامتها من خلال دراسة مجموعة من المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية.
ويتم في المرحلة الاولى قياس مؤشر مركب للأداء الحكومي، ثم في الثانية يتم ربط هذا المؤشر بمستوى الانفاق، ثم ترتيب الدول في مؤشر يدمج بين الاداء والانفاق، ويتم بـ «الثالثة» في بعض الدراسات الاعتماد على بعض المنهجيات القياسية المختلفة على غرار المنهجيات غير البرامترية، وذلك بهدف تحديد مستويات الكفاءة الفنية ويمكن مؤشر كفاءة الانفاق الحكومي من تحديد مستوى عدم الكفاءة أو الهدر على نحو يدفع بمراجعة سياسات الانفاق، وتحديد التوصيات الكفيلة بتعزيز مستوى الكفاءة الانفاقية لما لها من أهمية في تعزيز التنمية المستدامة.
الشامي: مراجعة السياسة المالية بتعزيز الربط بين الإنفاق والأهداف
أكد الشامي أن معالجة التحديات التي تواجهها الكويت في الإنفاق الحكومي تستدعي مراجعة عميقة للسياسة المالية، من خلال تعزيز الربط بين الإنفاق وتحديد الأهداف التنموية، وزيادة التركيز على أسس التخطيط التنموي السليم، وتعزيز مراقبة الأداء وزيادة الشفافية.
وأضاف الشامي أن هذه المعالجة تتطلب أيضا البدء في العمل على خلق قطاعات وفرص اقتصادية جديدة موائمة لقوة العمل الوطنية، وتعزيز مخرجات التعليم وربطها بالمهارات المعاصرة للمساعدة في إعادة هيكلة وتنويع الاقتصاد وقوة العمل الوطنية بشكل يعزز النمو الاقتصادي المستدام.
وشدد على أن يتم ذلك بالتوازي مع استكمال البيانات التفصيلية للإنفاق الحكومي لتحديد مستويات الكفاءة لكل قطاع، مما يمكن من تحديد التفاوت بينها والإجراءات الاصلاحية بدقة أكبر.