الكويت تأسف لفشل مجلس الأمن في وقف العدوان على غزة
مسار جديد للتبادل يزخم مفاوضات القاهرة... وإسرائيل تشق طريقاً يشطر القطاع إلى شمالي وجنوبي
أعربت وزارة الخارجية عن أسف دولة الكويت لاستخدام حق النقض (الفيتو) مجدداً في مجلس الأمن، أمس الأول، للحيلولة دون إصدار قرار مقدم من الجزائر نيابة عن المجموعة العربية يدعو إلى وقف إطلاق النار في غزة، ووضع حد للعدوان الوحشي الذي تشنه قوات الاحتلال على شعب فلسطين الأعزل.
وأكدت الوزارة، في بيان أمس، مجدداً «موقف الكويت الداعي لوقف إطلاق النار الفوري والتام في القطاع وحذرت من مغبة استمرار الوضع الإنساني المتدهور في غزة ومواصلة إراقة دماء المدنيين من الشعب الفلسطيني».
وأضافت أن «فشل مجلس الأمن باعتماد مشروع القرار يجسد بشكل مؤسف حجم التحديات التي تواجه الإرادة الدولية مما يستدعي التحرك السريع لمواجهتها ومعالجتها لضمان تمكين مجلس الأمن من القيام بواجباته الأساسية في صون الأمن والسلم الدوليين».
جاء ذلك في وقت أعربت عدة دول عربية وإسلامية في مقدمتها السعودية ومصر وقطر والإمارات وسلطنة عمان وتركيا عن أسفها لاستخدام واشنطن حق النقض ضد قرار وقف إطلاق النار للمرة الثالثة منذ بدء الحرب.
واتهمت الصين واشنطن بالسماح بـ «مواصلة المذبحة» في غزة، وقال ممثل بكين إن الفيتو يبعث برسالة خاطئة.
وفي بيان منفصل، قالت «الخارجية» إنها تعتزم اليوم «تقديم مرافعة الكويت الشفهية أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي لإصدار رأيها الاستشاري حول العواقب القانونية الناشئة عن انتهاكات القوة القائمة على الاحتلال للأراضي الفلسطينية المحتلة بموجب طلب الجمعية العامة للأمم المتحدة من المحكمة بناءً على القرار رقم 247/ 77 الصادر بتاريخ 30 ديسمبر 2022، بشأن الممارسات الاسرائيلية التي تمس حقوق الانسان للشعب الفلسطيني في الأراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشرقية».
الكويت تقدم مرافعتها اليوم أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي حول العواقب القانونية للاحتلال الإسرائيلي
وبحسب البيان، سيقوم كل من السفير علي أحمد الظفيري، سفير الكويت في لاهاي، والسفير طارق البناي، مندوب الكويت الدائم لدى الأمم المتحدة في نيويورك، والوزير المفوض تهاني الناصر، مساعد وزير الخارجية للشؤون القانونية، بتقديم المرافعة أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي.
قتلى ومجاعة
ميدانيا، قتلت الغارات الإسرائيلية المتواصلة خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية 138 فلسطينيا، فيما اقتحم جيش الاحتلال منطقة المواصي بخان يونس التي سبق أن طالب المدنيين بالتوجه إليها بوصفها منطقة آمنة.
في غضون ذلك، دعت «حماس» الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي إلى التدخل لاستئناف ايصال المساعدات إلى شمال غزة وإنقاذ الشعب الفلسطيني من المجاعة.
وعلى جبهة أخرى، أكد الجيش الإسرائيلي مقتل ثلاثة فلسطينيين في عملية عسكرية نفذها في مدينة جنين شمال الضفة الغربية ليرتفع بذلك عدد القتلى بها منذ بدء حرب غزة إلى 400.
مسار جديد للتهدئة
إلى ذلك، كشفت مصادر مطلعة على مجريات الوساطة التي تقودها قطر ومصر بتنسيق مع واشنطن أنها طرحت مساراً جديداً للتهدئة يتضمن هدنة مؤقتة لمدة 45 يوماً، تشمل شهر رمضان، وزيادتها مقابل كل محتجز إسرائيلي تفرج «حماس» عنه بعد تعثر جولة مفاوضات استضافتها القاهرة الأسبوع الماضي.
وأفادت مصادر في الفصائل الفلسطينية، من خارج غزة، أمس، بأن المسار الجديد يقترح مراحل أخرى لبحث وقف دائم لإطلاق النار بعد الهدنة المؤقتة في المرحلة الأولى.
وأوضحت أن مسار التهدئة يتضمن الإفراج عن كبار السن من الرجال وما تبقى من النساء الإسرائيليين مقابل إطلاق سراح عدد من الأسرى الفلسطينيين.
كما يتيح المسار الجديد إدخال المساعدات بشكل مكثف إلى مدينة غزة وشمال القطاع، لكنه لا يتضمن عودة النازحين جنوباً من سكان الشمال إلى مناطقهم.
جيش الاحتلال يقتل 3 فلسطينيين خلال عملية عسكرية في جنين بالضفة الغربية
وتزامن ذلك مع تقرير متباينة نقلاً عن دبلوماسيين تفيد بأن وفدا إسرائيليا من المتوقع أن يصل إلى العاصمة المصرية القاهرة خلال ساعات بعد حدوث تقدم في المباحثات التي يجريها وزير المخابرات المصري عباس كامل مع وفد «حماس» بزعامة إسماعيل هنية بشأن صفقة تبادل الأسرى.
وذكرت المصادر أن المباحثات الجارية في القاهرة، تتركز على الوصول إلى حل وسط بشأن المرحلة الأولى من اتفاقية الإطار المقترحة.
ووسط شد وجذب بشأن الثمن الذي يتعين على تل أبيب دفعه للقبول بالصفقة المطروحة بعد أن أشارت المصادر الفلسطينية إلى أن الجانب المصري حقق بعض التقدم في المباحثات مع الحركة وأنه ينتظر قدوم الوفد الإسرائيلي لمحاولة إحداث تقدم مماثل، ذكرت صحيفة «هآرتس» العبرية لأول مرة أن التغيير والمرونة التي أبدتها «حماس»، قد حدثت نتيجة لتجدد الجهود الأميركية التي يقودها رئيس وكالة المخابرات المركزية «سي آي أيه» وليام بيرنز، ويشارك فيها مستشار الرئيس بايدن لشؤون الشرق الأوسط بريت ماكغورك.
وأمس، واصل ماكغورك مباحثاته مع المسؤولين في القاهرة بشأن اتفاقية التبادل والهدنة والمخاوف المرتبطة بشأن اجتياح جيش الاحتلال لرفح الفلسطينية المكتظة بنحو 1.5 مليون نسمة أغلبهم من النازحين قرب السياج الفاصل مع سيناء.
وقال اثنان من كبار المشرعين الأميركيين، الذين أجروا محادثات مع زعماء إسرائيليين وعرب، إنهما يأملان إمكانية التوصل إلى اتفاق هدنة إنسانية لإنهاء الحرب في غزة قبل شهر رمضان الذي يتوقع أن يحل في 10 مارس المقبل.
وأوضح السيناتور الديموقراطي ريتشارد بلومنثال والسيناتور كريس كونز، أن هناك «أملاً كبيرا» في التوصل إلى اتفاق قريب لإطلاق سراح الرهائن المحتجزين لدى «حماس» مقابل وقف القتال وفتح طريق أمام مفاوضات «يمكن أن تؤدي إلى منح الفلسطينيين حكما ذاتيا ودولة».
طريق يشق غزة
في غضون ذلك نقلت «وول ستريت جورنال» الاميركية عن مسؤولين عسكريين إسرائيليين أن الجيش الإسرائيلي يشق طريقا عبر وسط غزة يقسم القطاع إلى جزء شمالي وآخر جنوبي، ضمن خططه للحفاظ على سيطرته الأمنية على القطاع.
وقالت الصحيفة إن «الطريق الذي يمتد من جنوب مدينة غزة لنحو 5 أميال، بداية من الحدود الإسرائيلية وحتى ساحل البحر المتوسط، يعتبر جزءا من جهود إسرائيل لإعادة تشكيل تضاريس القطاع وتسهيل حرية حركة للجيش وإحكام قبضته على المنطقة».
ويسمح الطريق بتحرك القوات الإسرائيلية بشكل سريع في قلب القطاع عبر طريق آمن، في وقت يسيطر الجيش الإسرائيلي على الطرق الرئيسية بين شمالي وجنوبي قطاع غزة.
لكن الصحيفة نقلت عن محللين أيضاً أن الطريق يمكن استخدامه كحزام عسكري يمر بقلب القطاع، «يساعد على منع عودة نحو مليون نازح فروا إلى الجنوب».
وأوضحت صور بثتها القناة 14 الإسرائيلية، السبت، أن الجيش الإسرائيلي «يخطط لتدمير المنازل والمباني على طول جانبي الطريق، ويعمل على توسعته ليكون أكثر فائدة للقوات». ورفض الجيش التعليق على تلك الصور.
كما تأتي الخطوة في وقت تعمل فيه إسرائيل على بناء منطقة عازلة بطول حوالي كيلومتر داخل حدود غزة، يُمنع الفلسطينيون من دخولها، بحسب الصحيفة.
الطريق الرابط بين الشرق والغرب في القطاع، من المقرر أن يتم استخدامه حتى اكتمال العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة، والتي بحسب مسؤولين إسرائيليين قد تستمر لأشهر أو حتى سنوات.
وقال مستشار الأمن القومي الإسرائيلي الأسبق، جاكوب ناغل، للصحيفة الأميركية، إن هذا الممر «سيفصل الجزء الشمالي في غزة بشكل واضح عن بقية القطاع». وأضاف أنه «من غير المحتمل أن يتم بناء جدار محاذي للطريق»، لكنه أوضح أنه ربما يتم إنشاء «نقاط عبور مختلفة» بين شمالي وجنوبي القطاع مع حراسة أمنية.