اختتم المنتدى العالمي الثالث لثقافة السلام الذي أقامته مؤسسة عبدالعزيز سعود البابطين الثقافية في العاصمة المصرية القاهرة أعماله اليوم، وعقد برعاية الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي خلال الفترة من 20 إلى 22 الجاري.
وانتهى المؤتمر بصدور حزمة من التوصيات تضمنت تثمين أعمال المرحوم عبدالعزيز البابطين «الذي نذر نفسه ووقته وماله للدفاع عن القضايا العربية من خلال ثقافة مستنيرة جامعة وغير مفرّقة، وتثمين جهود أبنائه البررة في الاستمرار لخدمة المشروع الحضاري الذي بدأه والدهم الراحل».
وأكدت التوصيات أن السلام العادل يحتاج إلى تنمية سياسية حقيقية وإرادة معاصرة وتسخير التقنية الحديثة في خدمة الجمهور العام، وأن رأس الحربة في السلام العادل هو التعليم النوعي المستنير الذي يجب أن يكون مسايرًا للعصر، ولذلك فإن الاهتمام بالأجيال وتقديم تعليم نوعي بمنهج منفتح هو بمنزلة «فرض عين».
وأشارت إلى أن الاقتصاد قائد للتنمية، ودور القطاع الخاص في النهوض به حيوي، لذلك تجب العناية بالتشريعات الاقتصادية المحفزة لهذا التنوع وضبطها من خلال تعزيز ثقافة الادخار والاستثمار وتسخيرها لخدمة الجمهور العام.
وشددت التوصيات على أن للثقافة دورا محوريا في ظلّ الأجواء السائدة اليوم، والتي يتغشاها تضليل للرأي العام والزجّ به في صراعات تفتت المجتمع وتحرّض على التعصب والكراهية ووليدهما التطرف والعنف، لذلك ينبغي الحضّ على ثقافة منفتحة ومتسامحة تتقبل الآخر وتؤمن بالحوار.
وقالت: تعتبر القضية الفلسطينية المسألة المحورية في وعي الأمة العربية ونصرتها من الواجبات الوطنية من خلال الدفع باتجاه توحيد البيت الفلسطيني وتحرير الخطاب الفلسطيني من التأثيرات الإقليمية التي تضر بالقضية مع تشديد إدانتنا لحرب الإبادة بحق الشعب العربي الفلسطيني التي تجري في الأشهر الأخيرة أمام العالم بقطاع غزة.
ووجّه المنتدى ضمن توصياته التحية للجهد الذي تبذله مصر بموقفها العربي متضامنين معها فيما تعانيه من ضيق اقتصادي وأعباء سياسية ودولية جراء الوضع العربي والإقليمي الشائك.
وقُبيل صدور التوصيات، ألقى رئيس مجلس أمناء مؤسسة عبدالعزيز سعود البابطين الثقافية، سعود عبدالعزيز البابطين، كلمة أكدّ فيها أنه على قادة العالم في كل مكان أن يبذلوا كل ما في وسعهم لنشر السلام العادل الذي يُعد حق للبشرية جمعاء، بل هو الحق الجامع لكل حقوق الإنسان.
وأكد البابطين أن «جهودنا من أجل تحقيق تلك الأهداف إنما هي جهود جماعية مشتركة تفاعلية، تختص بها مؤسسات حكومية ودولية ومدنية مختلفة، لذلك لا بُد من إيقاظ الضمائر، لأن التاريخ لن يتسامح مع كل من أخطأ في حق الإنسانية.. ولا تزال الفرصة متاحة أمام الجميع لاتخاذ خطوات جادة باتجاه المسار الصحيح».
تزكية سعود البابطين
وعلى هامش المنتدى، عقد مجلس أمناء المؤسسة اجتماعه الخامس والأربعين للنظر في جدول الأعمال، واستهل الاجتماع بالوقوف حداداً وتلاوة الفاتحة على روح الفقيد عبدالعزيز البابطين، واستذكر أعضاء المجلس مآثر الراحل ودوره الريادي في الحفاظ على اللغة العربية ونشر مفاهيم ثقافة السلام محلياً وعربياً وعالمياً، ودوره الإنساني، وعطاءه اللامحدود في خدمة البشرية.
وقرر المجلس، بالإجماع، تزكية سعود عبدالعزيز البابطين رئيساً لمجلس الأمناء، واختيار محمد عبدالعزيز البابطين نائباً له.
وقال رئيس مجلس الأمناء إن المؤسسة مستمرة في مواصلة العمل واستكمال المسيرة التي بدأها والده، في الاعتناء بالشعر والشعراء، وخدمة اللغة العربية، ودعم مراكز الترجمة والتدريب وتحقيق المخطوطات، وترسيخ مبادئ حوار الحضارات، ونشر ثقافة السلام العادل بما يخدم الدول والشعوب، متعهداً بتسخير وقته وجهده وكل ما تعلّمه منه للمحافظة على إرثه العظيم، وإيماناً منه بكل ما كان يقوم به، فقد سخّر ماله ووقته وفكره الدؤوب في خدمة البشرية، وهذه رسالة من رسائله العظيمة التي تعلّمناها منذ الصغر، وسنستمر بمشيئة الله في تنفيذ رسالته وتحقيق حلمه الذي تحمل تفاصيله كافة مفردات الثقافة والخير والسلام، داعياً المولى عز وجلّ أن يوفقه في تنفيذ تلك المهمة الكبيرة التي تقع على عاتقه.
وشكر البابطين أعضاء المجلس على ثقتهم الغالية، مشيداً بما يقدمونه للمؤسسة وبأنهم لم يدخروا جهداً في سبيل تحقيق الأهداف الفكرية السامية، التي كان لهم الدور الأمثل في رسمها وتحقيقها على أرض الواقع.