تصريحات مقلقة عن الحكومة توحي باتجاه نحو الشعبوية
في برنامجها المكتوب نصوص قاطعة على عدم استدامة المالية العامة ومعها الاقتصاد إن تبنتها
• الإصلاح المالي والاقتصادي لا نفع لهما ما لم يُبنيا على أرقام ومؤشرات دقيقة وحديثة
قال التقرير الاسبوعي لمركز الشال ان الإدارة المركزية للإحصاء أصدرت بتاريخ 11 فبراير الجاري تقديرات حول حجم الناتج المحلي الإجمالي عن الربع الثالث من عام 2023 مقارنة بحجمه في الربع الثالث من عام 2022.
وبلغ حجمه بالأسعار الجارية نحو 12.7 مليار دينار مقارنة بنحو 14.4 مليارا للربع الثالث من عام 2022، أي منكمشاً%11.7 وبلغ حجمه بالأسعار الثابتة في الربع الثالث من عام 2023 نحو 9.8 مليارات مقابل نحو 10.2 مليارات للربع الثالث من عام 2022 أي منكمشاً بنحو%3.7.
والانكماش في الحالتين يعزى إلى تراجع القيمة المضافة للقطاع النفطي التي هبطت بالأسعار الجارية%22.1 وتراجعت بالأسعار الثابتة بنحو%9.0، وذلك مؤشر على مدى إدمان الاقتصاد المحلي على النفط رغم السلسلة الطويلة من الوعود بتنويع مصادر الدخل.
وفي عام 2023، تزامن خفض الكويت لإنتاجها النفطي بنحو 263 ألف برميل يومياً أو بنحو 9.8%، مع فقدان معدل سعر برميل نفطها نحو 15.5 دولارا أميركيا أو%15.6 من قيمته مقارنة بمعدل سعره لعام 2022.
ومؤشر طغيان هيمنة النفط على الاقتصاد هو في مراوحة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي من%57.6 للربع الثالث من عام 2022، إلى%50.8 للربع الثالث من عام 2023، والتغير في نسب المساهمة مرتبط كلياً بمستوى إنتاج البلد من النفط وأسعاره في السوق العالمي، وهما متغيران خارج قدرة الإدارة العامة المحلية على التحكم بهما.
وحتى تلك الأرقام الرسمية المنشورة، لا نستطيع الجزم بدقتها، فقد سبق تعطيل نشرها لمدة عامين بحجة جائحة كورونا، وذلك لم يحدث في أي بلد آخر في العالم، ما يعني أن السياسات العامة لا تبنى على واقع الأرقام. ونشر أرقام الناتج المحلي الإجمالي للربع الثالث من عام 2023 بتاريخ 11 فبراير 2024، أي بعد نحو خمسة أشهر ونصف الشهر من نهاية الفترة، مؤشر آخر لعدم إدراك أهميتها، مقارنة بحداثتها للدول الأخرى.
فالصين، ثاني أكبر اقتصادات العالم، نشرت أرقام ناتجها لكامل عام 2023 بتاريخ 18 يناير 2024، وأكبر اقتصادات العالم، أو الولايات المتحدة الأميركية، نشرت أرقام كامل العام بتاريخ 25 يناير الفائت، وسنغافورة، ورغم التنوع الكبير لاقتصادها، نشرت أرقام ناتجها للربع الرابع من عام 2023 في 15 فبراير الحالي، والسعودية، أكبر الاقتصادات العربية نشرت أرقام ربعها الرابع لعام 2023 في 31 يناير الفائت.
وامتدحنا برنامج الحكومة الحالية لاعتقادنا بأنها تعي حراجة عدم استدامة الاقتصاد، وتعي خطوات العلاج، ومن ضمنها دقة وحداثة الأرقام، فالإصلاح المالي والاقتصادي لا نفع لهما ما لم يبنيا على أرقام ومؤشرات دقيقة وحديثة.
ولابد من استدراك، فقد ذكرنا مراراً بأن المحك في الحكم على وعي وجدية الحكومة هو إنجاحها تحويل البرنامج إلى واقع، أي التنفيذ.
ولن نستعجل إصدار أحكام، ولكن، صدر عنها بعض التصريحات المقلقة والتي توحي باتجاه نحو الشعبوية، وفي برنامجها المكتوب نصوص قاطعة على عدم استدامة المالية العامة ومعها الاقتصاد إن تبنتها.