مع استعداد الولايات المتحدة للانتخابات الرئاسية هذا العام، فإن احتمالية التنافس بين الرئيس الحالي جو بايدن والسابق دونالد ترامب، وهو المرشح المحتمل للحزب الجمهوري، قد تهز قطاع الوقود الأحفوري، نظراً للاختلافات الكبيرة بينهما.

ففي كثير من الأحيان، أعلن ترامب ومسؤولو الحزب الجمهوري أنهم يريدون وقف ما يسمونه «الحرب التي يشنها بايدن على الطاقة الأميركية، فيما يقول محللون ونشطاء البيئة إن الرئيس الديموقراطي الحالي لم يتصرف بصورة معارضة كاملة لقطاع النفط والغاز.

لكن بشكل عام، فإن تغيير الإدارة يعني تحولاً جذرياً في سياسة الطاقة الأميركية. وبغض النظر عن العواقب على القطاعات منخفضة الانبعاثات الكربونية، فإن تولي ترامب فترة ولاية ثانية سيكون له آثار كبيرة على صناعة النفط والغاز.
Ad


تداعيات متوقعة لفوز ترامب

ويتوقع المحللون أن يؤدي فوز ترامب لخفض أسعار النفط الخام عن طريق المساعدة في زيادة المعروض العالمي، رغم وصول الإنتاج الأميركي من النفط تحت رئاسة بايدن إلى أعلى مستوياته على الإطلاق، ما ساعد في السيطرة على الأسعار.

وذكر توم كلوزا المدير العالمي لتحليلات الطاقة لدى الشركة المزودة لبيانات القطاع «أو بي آي إس»، أن تولي ترامب فترة رئاسة ثانية سيدفع أسعار النفط للهبوط بشكل عام، مع زيادة الإنتاج في دول أخرى، والمزيد من عمليات التنقيب في الولايات المتحدة وغيرها.

لكن على المدى القصير جداً، يرى كلوزا أن رئاسة ترامب ستدفع أسعار النفط للارتفاع مع اتخاذه نهجاً أكثر صرامة، وربما يفرض عقوبات جديدة على إيران وفنزويلا، ما يعني احتمالية خسارة بعض البراميل من البلدين.

في حين توقع محللو «سيتي جروب بقيادة» إريك لي، أنه في حال فوز ترامب في انتخابات نوفمبر، فإن التأثير الصافي على أسعار النفط سيكون هبوطياً، فضلاً عن احتمالية زيادة المعروض من دول «أوبك+» واحتمالية تصاعد التوترات التجارية – مع اقتراح ترامب فرض رسوم جمركية بنسبة 10 في المئة على كل الواردات، و60 في المئة على الواردات الصينية - التي تؤثر على الطلب على الخام.

وأوضح فريق البنك الأميركي بمذكرة صدرت في فبراير الجاري: «تجدد التوترات التجارية من شأنه أن يؤثر بشكل أكبر على التجارة العالمية الضعيفة بالفعل، ما يضر بالنقل من خلال الشاحنات، وبالتالي الطلب على الديزل».

ويرون أن فوز ترامب بولاية ثانية سيعزز توقعاتهم بوصول سعر النفط إلى 60 دولاراً للبرميل في عام 2025.

ما تأثير رئيس البلاد على الإنتاج؟

وأكد كلوزا أن رؤساء الولايات المتحدة لا يؤثرون بشكل مباشر على أسعار الوقود الأحفوري مثلما تفعل عوامل أخرى منها الأحداث الجيوسياسية، ومستوى العرض والطلب في بقية دول العالم.

ويرى محللو «سيتي» أن تأثير إدارة ترامب على إنتاج الولايات المتحدة من النفط والغاز الطبيعي يجب أن يكون محدوداً، حتى رغم دعوات الحزب الجمهوري لزيادة التنقيب، وأوضحوا أن اتجاهات الإنتاج المحلي في الإدارات الأخيرة كانت مدفوعة بشكل رئيسي بالتحسينات التكنولوجية وتكاليف الإنتاج وأسعار النفط.

وهو ما أيده تقرير صادر عن «وود ماكينزي»، إذ ذكر أن صلاحيات رئيس الولايات المتحدة في التأثير على إنتاج النفط والغاز بطريقة أو بأخرى غالباً ما يكون مبالغاً في تقديرها.

وللتوضيح، قال بايدن خلال حملته الانتخابية عام 2020: «سأحول صناعة النفط، لابد من استبدالها بواسطة الطاقة المتجددة بمرور الوقت، لكن خلال فترة إدارته، وصل إنتاج النفط الأميركي إلى أعلى مستوياته على الإطلاق عندما يزيد على 13 مليون برميل يومياً».

ولابد من الإشارة إلى أن الإدارة غيرت موقفها عام 2022 لتشجيع زيادة الإنتاج، لكن توجهها لم يكن له أي تأثير مادي أيضاً.

ورغم ذلك، فإن هناك أدوات يمكن لإدارة ترامب الثانية استخدامها لدعم صناعة النفط والغاز، وحدد الرئيس السابق بالفعل في حملته الانتخابية زيادة إنتاج النفط والغاز كأولوية.

ومع ذلك تنظر صناعة النفط ككل إلى ولاية ترامب الثانية المحتملة بشكل أكثر إيجابية كثيراً، مما كانت عليه في إدارة «بايدن الحالية التي تقول جمعيات النفط والغاز الأميركية أنها شنت حرباً على قطاع النفط والغاز الأميركي.

وكثيراً ما انتقدت جمعيات القطاع سياسات بايدن في مجال الطاقة، ووصفتها بأنها معادية لصناعة النفط والغاز وتقوض الاقتصاد.

وفي أحدث دراسة استقصائية عن الطاقة أجراها الاحتياطي الفدرالي في دالاس، قال مسؤول تنفيذي لدى شركة «إي آند بي» إن الحرب المستمرة التي تشنها الإدارة الأميركية على صناعة النفط لها تأثير مؤكد.